اختلف الفلسطينيون في توصيف خطاب رئيس السلطة محمود عباس، مساء أمس، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، خاصة أن الرجل صرح -قبل أيام من خطابه هذا- أنه سيلقي “قنبلة” بين الأمم.
الفلسطينيون تسمروا أمام شاشات التلفاز، ليشهدوا حقيقة هذه القنبلة، التي تبين بعد نصف ساعة -هي مدة خطاب عباس- أنها “فقاعة هواء” فارغة لا قيمة لها، كما يراها جزء كبير من المتابعين، في حين يراها مؤيدو عباس أنها قنبلة تستحق الطبل والتصفيق لها في شوارع رام الله، وهو ما حدث.
انتقادات حادة للخطاب
أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية، نهاد الشيخ خليل، قال -على صفحة الـ”فيس بوك” الخاصة به معقبًا-: “الكثيرون فكروا فيما سيقوله السيد محمود عباس! والرجل أثبت لكل الذين فكروا أنهم لا يُحسنون التنبؤ! لأنه في النهاية لم يقل شيئًا! وليس لديه ما يقوله أو يفعله! عباس أخذ من وقت الشعب الفلسطيني أكثر مما ينبغي!”.
لا جديد
وتساءل الكاتب السياسي، مصطفى الصوات، إن كان أحد سمع صوت القنبلة التي ألقاها عباس في الأمم المتحدة؟ مشيرًا إلى أن كلمة عباس لم تحمل جديدًا، إلا نقطة واحدة؛ وهي حديثه عن عدم الالتزام بالاتفاقيات مع الجانب الصهيوني ما دام لم يلتزم بها، أما بقية الخطاب، فهو استعراض للأوضاع والجرائم والمواقف ويحمل نوعًا من الاستجداء، على حد قوله.
وقال معقبًا: “إن عباس أفسد الجديد بإصراره على الاعتراف بإسرائيل وهو جزء من الاتفاق الذي تحدث عن أنه سيوقف التعامل به، عباس في خطابه تجاهل اللاجئين والعودة، وهذا أمر خطير”.
وشدد “الصواف”، على أن “تحقيق الجديد في خطاب عباس يحتاج إلى خطوات عملية؛ منها الوحدة وإنهاء الانقسام ودعوة الإطار القيادي”.
الناشط السياسي، ياسين عز الدين، نوه إلى أن عباس يتبع سياسة حافة الهاوية بعد أن تركته حكومة نتنياهو دون أية خيارات أخرى، ويساعده في ذلك:
1) الغليان الشعبي في الضفة والقدس ووصوله إلى حافة الانفجار.
2) كل البدائل عن محمود عباس هم أشد “تطرفًا” منه؛ فلا يمكن للصهاينة أن يأتوا ببديل أفضل منه، فإن طردوه فسيجدون من هو “أسوأ” منه بالمعايير الصهيونية.
3) الوضع الدولي اليوم مختلف بعض الشيء عن أحداث 11 سبتمبر والتي أفرزت حصار عرفات وتصفيته.
4) تزايد قوة الحراك الشعبي في أوروبا وأميركا المؤيد للقضية الفلسطينية.
5) الطبيعة العنصرية لحكومة الاحتلال تجعلها مكروهة دوليًا.
واستبعد تغييرات جذرية في سياسة السلطة، والتنسيق الأمني سيستمر على مستويات مختلفة ولن ينتهي إلا إذا أنهاه الاحتلال، ووقتها سينهي الاحتلال السلطة.
لكنه لم يستبعد أن تشهد المرحلة القادمة بعض التراخي للقبضة الأمنية للسلطة في الضفة، وانخراطًا لفتح في المواجهات الشعبية مع الاحتلال، مضيفًا “في حال استغلت قوى المقاومة الوضع الجديد بالشكل الجيد فسنتجه إلى تصعيد كبير مع الاحتلال، ولطبيعة حكومة الاحتلال اليمينية المتعصبة، فهي لن تضبط أعصابها بشكل كبير”.
إشادة ببعض النقاط
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، الدكتور ناجي شراب، أشاد بخطاب عباس، وقال إنه يحتاج دعمًا شعبيًا، مضيفًا “كنت أتمنى لو خرجت جماهير هذا الشعب في غزة لتعلن تأييدها، ويكون ذلك بداية إنهاء الانقسام قبل الاحتلال، ولا أتمنى أن تطل بعض الرؤوس لتنال من الخطاب، نريد أن نبدأ صفحة جديدة”.
وتساءل: “كيف لنا أن نؤسس لمرحلة جديدة مع إسرائيل كما جاء في الخطاب، قبل أن نؤسس هذه المرحلة فلسطينيًا”.
وحذر -في تعقيب له-: “هذه هي الفرصة الأخيرة لنا، الخطاب أمامه طريق طويل من الإجراءات ودون دعم الشعب وإنهاء الانقسام، صدقوني لننسى أن لنا قضية وشعب فلسطين واحد وسيتبخر كل ما جاء في الخطاب من تعهدات فلسطينية”.
وكان واضحًا تأييد حركة فتح التي ينتمي لها عباس لخطابه في الأمم المتحدة، وترجم هذا الاحتفاء بمظاهرات ليلية خرجت في رام الله تؤكد الوقوف خلف عباس.
حماس: عباس تجاهل أبناء وطنه
أما حركة حماس، الند السياسي القوي لمحمود عباس وحركة فتح التي يتزعمها، فقد أكدت -في بيان لها، وصل “رصد”- على رفضها أوسلو وتنازلاتها، ودعوتها إلى شطبها من تاريخ شعبنا.
ولفت البيان إلى أن خطاب عباس لم يشاور فيه أحدًا من قوى شعبنا الحية فيه، وخاطب كل العالم إلا شركاءه في الوطن.
وجاء الخطاب في معظم عباراته مكررًا عن خطابات سابقة، عاطفيًا إنشائيًا، مستجديًا للغير، وغير معتمد على أوراق القوة الفلسطينية الشعبية والفصائلية، ومن ثم نتائجه لن تكون إلا كسابق الخطابات، وفق بيان حماس.
وأكد البيان أن إعلان عباس عن عدم التزام السلطة بالاتفاقات التي لم يلتزم بها العدو الصهيوني هو مطلب الشعب الفلسطيني كله ومطلب كل الأحرار في العالم، ولكن هذا الإعلان لا بد أن يكون له رصيد على أرض الواقع، وأن يكون حاسمًا منسجمًا مع أمل الشعب الفلسطيني ومع عذاباته.
5 نقاط مطلوبة من عباس
وحتى تتحقق مصداقية خطاب عباس، طلبت حركة حماس:
- الإعلان الحاسم عن موت اتفاقية أوسلو وسحب الاعتراف بالعدوان الصهيوني.
- وقف التنسيق الأمني فورًا وإطلاق يد المقاومة في الضفة.
- وقف الاعتقالات السياسية والإفراج الفوري عن كل المعتقلين.
- التطبيق الفوري لبنود المصالحة والبدء باجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير وتشكيل حكومة وحدة وطنية ورفع الحصار عن غزة.
- التوجه فورًا إلى محكمة الجنايات الدولية لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة.