تعد بداية العام الدراسي، خاصة الجامعي، أحد العوامل التي تمثل صداعًا للنظام المصري منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013 وحتى اليوم؛ إذ يصحب بداية العام الدراسي من كل عام عدد كبير من المظاهرات والفاعليات الطلابية الحاشدة التي ينظمها الطلاب ضد النظام.

وتشهد كل بداية عام دراسي، منذ الانقلاب، مظاهرات ضخمة ترفض الانقلاب العسكري، وتطالب بالحرية والإفراج عن المعتقلين، والقصاص لقتلة الشهداء وتقديمهم للمحاكمات العادلة، وهو ما تقابله قوات الشرطة بالعنف المفرط، مما يؤدي إلي سقوط ضحايا من الطلاب واشتباكات داخل حرم الجامعات.

ومع بداية العام الدراسي الجديد، كشفت مصادر مطلعة، عن استعدادات كبيرة لـ”وزارة الداخلية”، تعمل على فرض المزيد من الإجراءات الأمنية بهدف السيطرة على الجامعات ومنع خروج المظاهرات.

وكشفت تقارير صحفية مصرية، النقاب عن الخطط التي وضعتها وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والجامعات؛ من أجل إحكام السيطرة التامة على الجامعات، ومنع خروج أي مظاهرة طلابية معارضة، ما اعتبره مراقبون “عسكرة” للتعليم بمصر، تحولت بمقتضاه المدارس والجامعات إلى ثكنات عسكرية.

الجامعات الحكومية تجدد مع فالكون

وجددت تسع جامعات حكومية التعاقد مع شركة الحراسات “فالكون” لتأمين أبواب الجامعة، وهي جامعات: الزقازيق، والقاهرة، وحلوان، والأزهر، والإسكندرية، وأسيوط، والمنيا.

وتمد الشركة تلك الجامعات بالعناصر المطلوبة من أفراد الحراسة، وتأمين الأبواب، والمنافذ التابعة للجامعة.

وعقد رؤساء الجامعات، اجتماعات مع مديري الأمن بالمحافظات المختلفة؛ لمناقشة خطة التأمين من الخارج، وتأكيد أن الشرطة لن تدخل الحرم الجامعي إلا في حالة طلب رئيس الجامعة لتأمين المنشآت في حالات المظاهرات، فضلًا عن الانتشار الشرطي على أسوار الجامعات!

الأزهر تستعين بالدرجات البخارية

وتأتي جامعة الأزهر على رأس الجامعات التي اتخذت إجراءات أمنية مشددة للسيطرة على المظاهرات؛ حيث تعتبر جامعة الأزهر أكثر الجامعات التي تشهد مظاهرات واشتباكات مع قوات الأمن.

واستعانت جامعة الأزهر بالدراجات البخارية لتأمين الجامعات، عن طريق دوريات تتحرك في جميع أنحاء الجامعة ورصد أية تظاهرات والتعامل معها مبكرًا.

وتستعين الجامعة بقوات الشرطة التي ستتمركز داخل الحرم، كما سيتم الاستعانة بأفراد أمن جدد.

ومن المقرر أن تشمل الخطة أيضًا وجودًا لشركة “فالكون” للحراسة الخاصة، التي أوكلت لها مهمة الإشراف على عمليات دخول وخروج الموظفين والعمال وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، على مداخل ومخارج الجامعة بشارع المخيم الدائم وعبدالعزيز الشناوي، بعد غلق مدخل حرم كلية البنات من ناحية شارع الطيران، والاكتفاء ببوابة كلية الصيدلة.

وأشارت تقارير إلى وجود تنسيق كامل بين الأمن الإداري وقوات الشرطة الموجودة خارج الحرم الجامعي، لصد أي محاولة للقيام بأية مظاهرات داخل الجامعة.

التعامل مع المدينة الجامعية

ووضعت قيادات الأمن الإداري بالجامعة، خطة للمدينة الجامعية للبنين بمدينة نصر بمفردها؛ للسيطرة عليها ضد تظاهرات الطلاب المعارضين.

وتشمل الخطة تخصيص أفراد أمن للإقامة بالمدن على مدى 24 ساعة، لرصد أية تحركات من قبل الطلاب، خاصة أن معظم تظاهراتهم تبدأ عقب صلاة العشاء من مسجد المدينة، مع التنسيق الأمني مع قسم شرطة ثاني مدينة نصر القريب من المباني السكنية.

كما قررت إدارة المدن الجامعية بالأزهر، غلق بوابة مبنى البنين بمدينة نصر، المطلة على شارع مصطفى النحاس، والقريبة من قسم شرطة ثاني مدينة نصر، وإنشاء أخرى تبعد عنها بمسافة 50 مترًا بالشارع نفسه، مع تركيب بوابات إلكترونية عليها لعدم تمرير أي شيء للمباني السكنية.

القاهرة تراقب الطلاب بالكروت الممغنطة

وفي جامعة القاهرة، إحدى أكبر الجامعات التي تشهد تظاهرات كبيرة، استعدت إدارة الجامعة بالعديد من الإجراءات المشددة، والتي تهدف إلى منع خروج المظاهرات قبل بدايتها؛ عن طريق مراقبة الطالب منذ لحظة دخولة الجامعة إلى لحظة خروجه بالاستعانة بـ”الكارنيه الإلكتروني”.

حيث سيحصل كل طالب على كارت ممغنط عليه اسمه والكلية التابع لها، موضحًا أنه يتم عمل حظر للطالب الذي يصدر في حقه إجراء أو يحرم من دخول الحرم الجامعي لأي سبب كان، وستبدأ المرحلة الأولى لهذه الكروت بنحو 100 ألف كارت، وهو غير الكارنيه الجامعي الذي يتعامل به الطلاب مع الكليات ومنافذ الخدمات الطلابية.

كما قررت إدارة الجامعة عدم السماح للأسر الطلابية التابعة للأحزاب والتيارات السياسية، بالاشتراك في أسبوع الاستقبال؛ تحسبًا لمشاركة طلاب الإخوان أو أي من الطلاب المعارضين في أية أنشطة.

كاميرات مراقبة وتنسيق أمني

وأكد رئيس جامعة القاهرة، الدكتور جابر نصار، أن لقاءه بمدير أمن الجيزة، اللواء طارق نصر، الذي استمر ساعة، كان لمناقشة الخطة الأمنية للجامعة من الخارج، مشيرًا إلى أنه تم انتشار القوات حول أسوار الجامعة، وأنه تم استيراد 6 كاميرات جديدة من الخارج، وتركيبها بالتعاون مع وزارة الداخلية، لرصد كل أسوار الجامعة والمواقع الخارجية المحيطة بها.

“نصار” أكد أيضًا أنه تم تخفيض قيمة التعاقد مع “فالكون” من 400 ألف جنيه إلى 362 ألفًا مع عدم تخفيض الأعداد، وعدم المساس بالخدمة، وأنه من حق الجامعة أن تطلب زيادة عدد الأفراد، بنسبة 50% إذا اقتضى الأمر ذلك أو التقليل بنفس النسبة، على أن يتم التخفيض في الفترة من يوليو إلى أكتوبر في الأعداد بسبب الإجازة الدراسية، وتوفير ما يقرب من 180 ألف جنيه في كل شهر من الثلاثة.

عين شمس ترفض التعاقد مع فالكون

الدكتور حسين عيسى، رئيس جامعة عين شمس، قال: الجامعة رفضت تجديد التعاقد مع شركة “فالكون”، ووجدت أن عرض شركة “كوين سيرفيس” أفضل، وتم اختيارها، وتتولى الشركة عملية تأمين الجامعة، بالتعاون مع الأمن الإداري، من خلال 100 فرد أمن من الشركة، مؤكدًا أن الجامعة سددت كل نفقات “فالكون” الممثلة في ثمن الأجهزة الإلكترونية الخاصة بأعمال التفتيش.

وقال “عيسى” إن قوات الشرطة التابعة لمديرية أمن القاهرة تتواجد على أبواب الجامعة منذ اللحظة الأولى لانطلاق العام الدراسي الجديد، كما أنه تم تركيب كاميرات مراقبة داخل كل الكليات في إطار عمليات التأمين.

الإسكندرية تستعين بشركة تأمين جديدة

وفي جامعة الإسكندرية، استعدت إدارة الجامعة، بالتنسيق مع وزارة الداخلية؛ للتعامل مع أية مظاهرات داخل الحرم الجامعي أو خارجه.

وقال الدكتور رشدي زهران، رئيس جامعة الإسكندرية، إن شركة فالكون مستمرة في تأمين الحرم الجامعي حتى انتهاء المناقصة التي تتنافس فيها شركتان وهما فالكون وشركة كوين للأمن والحراسة. وأضاف أنه تم مد التعاقد مع شركة فالكون لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في 30 سبتمبر وسيتم المد لها لحين انتهاء المناقصة، مؤكدًا أنه في خلال شهر من الآن سيتم معرفة الشركة المسؤولة عن تأمين الحرم الجامعي.

وأكد رئيس جامعة الإسكندرية، أن تغيير شركة التأمين لا يؤثر على العملية التعليمية والهدف منها هو حماية الطلاب والمنشآت التعليمية طوال أيام السنة وليس في العام الدراسي فقط.