بين الفَيْنة والأخرى جاء الانقلاب في بوركينا فاسو، وهكذا انتهى، إذ لم يمر شهر منذ إعلان قائد الانقلاب العسكري، الجنرال جيلبرت دينديري، احتجاز الرئيس المؤقت، ميشيل كفاندو، حتى عاد أدراجه، وأظهر الشعب التراث الثوري والوعي السياسي لمواجهته، كما انضم الجيش لمعسكر الديمقراطية لمواجهة مافيا الحرس الرئاسي التي اعتبرها خبراء ما هي إلا مافيا خاصة لا تمت إلى الجيش بصلة.
اندحار الانقلاب في بوركينا فاسو
من جانبه، قال ميشيل كفاندو، الرئيس المؤقت لبوركينا فاسو، إنه عاد للسلطة هو والحكومة المدنية الانتقالية بعد احتجازه رهينة، إثر انقلاب قاده الحرس الرئاسي على نظامه قبل أسبوع، وخلال كلمة مقتضبة للصحفيين الأربعاء الماضي في مقر وزارة الخارجية بالعاصمة واجادوجو، قال: “عدت للعمل.. والحكومة الانتقالية عادت وتتولى أمور الحكم في هذه اللحظة”.
ووقع الانقلابيون مساء الثلاثاء اتفاقا ينص على عودتهم إلى ثكناتهم، ووافقوا على عودة الرئيس الذي أطاحوا به إلى منصبه، كما طلبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي رعت المفاوضات.
وأطاح الانقلابيون -وهي القوة الخاصة بجيش بوركينافاسو وحرس الرئيس السابق بليز كومباوري- في 17 سبتمبر بالرئيس كفاندو، واعتقلوه قبل الإفراج عنه بعد عدة أيام من الاحتجاز.
وأدى الانقلاب إلى وقف تنظيم الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر، والتي كان يفترض أن تنهي المرحلة الانتقالية التي تلت سقوط الرئيس بليز كومباوري في أكتوبر من عام 2014.
يذكر أن الحرس الرئاسي يعتبر القوات الخاصة التابعة للجيش، وهو يتألف من 1300 عنصر مقابل 11 ألفا في مجمل الجيش والدرك، وقد طالب المجتمع المدني في بوركينا فاسو مرارا حل الحرس الرئاسي.
تجميد أصول قائد الانقلاب الفاشل في بوركينا فاسو
وأعلنت السلطات في بوركينا فاسو اليوم السبت، تجميد أصول الجنرال جيلبرت دينديري، الذي قاد محاولة انقلاب فاشلة الشهر الحالي، وقال النائب العام، لوران بودا، إنه جُمدت أصول 13 شخصا آخر يشتبه في تورطهم بتلك الانقلاب، موضحًا أن أصول 14 شخصا من بينهم الجنرال دينديري وزوجته جمدت لثلاثة أشهر.
ويأتي القرار، الذي ينطبق على الأصول المالية والعقارات، في إطار إجراءات اتخذتها السلطات في بوركينا فاسو ضد قادة الانقلاب.
خبير يفند أسباب فشل الانقلاب ببوركينا فاسو
من جانبه، قال الدكتور حلمي شعرواي، مدير مركز الدراسات العربية والإفريقية، إن الأسباب الحقيقية وراء فشل الانقلاب في بوركينا فاسو، ينحصر في 5 عناصر، أهمها أن الحرس الجمهوري الذي قاده الجنرال جيلبرت دينديري، عبارة عن عصابات ومافيا خاصة، لا ينتمي إلى الجيش الوطني بصلة، حيث إن الجيش مترامٍ بالأقاليم، ولما استعان الرئيس المؤقت بالجيش استطاع موجهاتهم وكسر انقلابهم.
وأوضح “شعراوي” في تصريح خاص لشبكة “رصد”، أن السبب الثاني يتمثل في التعلم من الانتفاضة التي حدثت في أواخر أكتوبر ومستهل نوفمبر 2014، وما سمي وقتها بالربيع الإفريقي، والتي نتج عنها الحكومة المؤقتة برئاسة ميشيل كفاندو، والتي عملت جاهدة لإعادة الحياة السياسية الديمقراطية، والسعي لإجراء انتخابات حرة 2015، ولما وجد العسكر الرئاسي أو الحرس المضي نحو الحياة السياسية الصحيحة بادروا بقلب نظام الحكم.
وأشار إلى أن الجماهير ببوركينا فاسو على وعي سياسي كبير، مؤكدًا أنه خلال أسبوع استطاعت التصعيد وجعل الأمر ليس سهلا للانقلابيين، وعمدوا على إتاحة فرصة للجيش الوطني المتناثر عبر الأقاليم والاستعانة بهم في دحر الانقلابيين، وهذا هو العنصر الثالث.
وتابع: العنصر الرابع متمثل في الضغط والدور الذي لعبه التنظيم الإقليمي “الأيكاسو” لغرب إفريقيا في المضي قدما نحو سقوط هذا الانقلاب، وهو المتمثل في دولتين قويتين نيجيريا، برئاستها الديمقراطية، والسنغال أيضا.
واختتم “شعراوي”: “أما العنصر الأخير هو أن التراث الثوري لشعب بوركينا فاسو يستلهمونه من زعيمهم توماس سانكارا، حيث قاد ثورة شعبية، جعلت الشعب يتعلم منه ويأخذونه قدوة لهم، لهذا صعبت الحياة على الانقلابيين ببوركينا فاسو”.
توماس سانكار.. جيفارا إفريقيا
توماس سانكار، كان رائدا في الجيش البوركيني ومناضلا وقائدا ثوريا شيوعيا ورئيس جمهورية بوركينا فاسو من عام 1983 إلى عام 1987، ينظر إليه على أنه شخصية ثورية كاريزمية، ويلقب بـ”تشي جيفارا إفريقيا”. سانكار استولى على السطلة في انقلاب لقي تأييدا شعبيا عام 1983، كان هدفه يتمثل في القضاء على الفساد وهيمنة القوة الفرنسية المستعمرة.