بعد احداث الثالث من يوليو دخلت مصر عصر سئ جدا فيما يخص حقوق الانسان . وقعت العديد من المجازر والاحداث في بعض المحافظات المصرية كانت تبكي قلوب اهالي سيناء ويتفاعلوا معها بالدعاء والنشر والتعريف بها . من تاريخ 3 يوليو 2013 حتي 7 سبتمبر 2013 كان القتل والانتهاكات في باقي المحافظات المصرية اشد وطأة من سيناء ،ولكن بعد بدأ الحملة العسكرية في سيناء في تاريخ 7 سبتمبر 2013 بدأت الامور تضيق علي اهالي سيناء شيئا فشيئا حتي وصل الامر الي القتل والتصفية الجسدية والقصف العشوائي بالاضافة الي التهجير والاخفاء القسري . كانت الاحداث في سيناء في بداية الحملة العسكرية محل اهتمام القنوات الاخبارية والنشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي ومع مرور الوقت بدأ ملف سيناء لا يفتح الا وقت الاحداث الكبيرة فقط ، تفتح له البرامج الحوارية والتغطيات الخاصة وسرعان بعد ذلك ما يغلق الملف الي حين وقوع حدث كبير اخر . انا هنا لا اتكلم عن الاعلام الموالي للسلطة ، ولكني اعاتب الاعلام الذي تعودنا منه الوقوف بجانب الاقليات المقهورة المظلومة . ولكي تكون الصورة اوضح يمكننا ان نقول ان القتل والاعتقال يتركز في مناطق شرق سيناء التي لا يتعدي عدد سكانها 140 الف نسمة، هذا العدد القليل جعل من السهل التعرف علي هوية النشطاء ومن يتحدث وينقل الاخبار الي الاعلام ،الامر الذي عرض بعضهم لمخاطر امنية . رغم ذلك قرر بعض الشباب من سيناء ان يستمروا و يجازفوا وينقلوا الحقائق من علي ارض الواقع بعد ان رأوا ان الجيش المصري يتعمد فرض تعتيم اعلامي علي المنطقة ، قرروا علي الرغم انهم معرضون في اي وقت او اي مكان للاعتقال او التصفية.
يبقي هنا دور من هم خارج سيناء من مراسلين الصحف المحايدة ومراسلين منظمات حقوق الانسان ومراسلين القنوات الاخبارية .
لماذا اقول هذا الكلام ؟!
في الاونة الاخيرة لاحظنا نحن ابناء سيناء ان جميع القنوات تهتم فقط ببيان الجيش وببيان ولاية سيناء علي الرغم ان الامر في سيناء اكبر من البيانيين ، هناك حالات تصفية بعد الاعتقال واعتقالات بالجملة وبشكل عشوائي ومجازر شبه يومية اغلب ضحاياها من الاطفال والنساء .
سأذكر بعض الامثلة ربما توضح وجهة نظري اكثر واكثر
المثال الاول
عندما تتم تصفية احد من جماعة الاخوان المسلمين او اي فرد من المناهضين للسلطة الحالية تفتح التلفاز تجد بالخط العريض :
عــــــــــاجل : الامن المصري يصفي اثنين من رافضي الانقلاب في المنطقة الفلانية
اما في سيناء التصفية بدأت منذ سنتين ومستمر بوتيره أسرع حتي الان والنشطاء في سيناء نقلوا اكثر من مرة هذه الاخبار ولكن لا مجيب وقليل من يهتم.
لماذا لا يسمعوننا؟!
المثال الثاني
في بعض الاوقات تعرض القنوات التلفزيونية بعض الصور المسربة من داخل اماكن الاحتجاز توضح المعاملة التي يتعرض لها المعتقلين ، ” تقوم الدنيا ولا تقعد” سواء علي مواقع التواصل الاجتماعي او علي القنوات التلفزيونية المعارضة للسلطة الحالية .
اما في سيناء منذ ايام قليلة تم تسريب بعض الصور من داخل اماكن الاحتجاز في سيناء وقليل جدا من عرضها واهتم بها
لماذا لا يسمعوننا ؟!
المثال الثالث
تعرض احد المحامين في سجن المطرية الي التعذيب الشديد مما أدي الي وفاته “رحمة الله عليه” وتداول الإعلام والنشطاء القضية بشكل واسع جدا
أما في سيناء منذ أيام قليلة قتل اخو الناشط السيناوي المعروف “عيد المرزوقي” في سجن العازولي وهناك احتمالات انه قتل لكي يضغطوا علي اخيه نفسيا للتوقف عن كشف جرائمهم في سيناء التي تعمدوا فرض التعتيم الاعلامي عليها ولكن بسيط جدا من تداول القضية
لماذا لا يسمعوننا ؟!
المثال الرابع
هناك العديد من الفيديوهات التي نحاول ارسالها للقنوات ولكن لا مجيب لاسباب مختلفة، اما جودة الفيديو ليست جيدة ، واما لا بد التأكد من صحة الفيديو واما بعض القنوات لا تأخذ الفيديو الا بشكل حصري .
في المقابل تشاهد فيديوهات تعرض من سوريا واليمن تظهر بعض الدخان من بعيد جدا وغير واضح وغير حصري للقناة التي تذيعه
لماذا لا يسمعوننا؟؟!!
اتذكر ان الجزيرة مباشر مصر كانت نعم القناة وبالتحديد مع ملف سيناء وتفتح المجال بصورة لا تخل بمهنيتها ولا بمصداقيتها وفي نفس الوقت لا تغلق الباب في نشر الاخبار وبالتحديد اخبار سيناء . اتذكر عندما نشرت الجزيرة مباشر مصر فيديو يظهر تعذيب افراد الجيش لمواطنيين من سيناء قالت بالنص ” تداول نشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر قيام بعض الافراد يرتدون الزي العسكري بتعذيب مواطنيين من سيناء …… هذا ولم يتسني للجزيرة التأكد من صحة التسجيل” .
نقل وسائل الاعلام المرئية للاحداث في سيناء يجعل حتي الاهالي في سيناء يتحمسون لنقل وتصوير الانتهاكات لان انتشار التلفزيون في سيناء اكثر من الانترنت وعندما يري اي شخص قام بتصوير اي شئ وتم تداوله يتحمس اكثر واكثر ويشعر انه بالفعل يقدم شئ لاهله وارضه . لا بد من ايجاد الية للتعامل مع المناطق التي تتعرض لحصار وتعتيم اعلامي شديد ، وعلي وزن “اعتبره ابوك ياخي” يمكننا ان نقول عن سيناء “اعتبروها الغوطة الشرقية يا اخوانا”.
لا اقصد من هذا المقال التفرقة بين دماء المصريين رحمة الله علي جميع من ماتوا سواء داخل سيناء او خارجها ولا اقصد التقليل من احد ونكران الجميل ولكنه همسة عتاب بسيطة لكل من يريد ان يدافع عن المظلومين بشكل حقيقي ،لكن في نفس الوقت لا يستطيع اهالي سيناء ان يروا هذا التمييز الفج بين ضحايا سيناء وضحايا باقي المحافظات وبين التعاطي مع خبر من سيناء وخبر من خارج سيناء سواء كان هذا التمييز بقصد او من دون قصد .
لا بد ان لا ينسي الشعب المصري ان اهالي سيناء هم من يدفعون التكلفة الباهظة بسبب صمودهم في ارضهم وان النظام الحالي يدفع فاتورة بقائه علي كرسي الحكم عن طريق تهجير سكان شرق سيناء . فواجب علي كل صحفي وكل ناشط نقل المعاناة والكشف عن جرائم النظام في سيناء لان معركة سيناء جزء لا يتجزأ من معركة الشعب المصري ضد الظلم والاستبداد وعلي كل القوي المناهضة للاستبداد والظلم والفاشية العسكرية ان تتحمل مسؤولياتها تجاه سيناء لان 140 الف نسمة بالتأكيد يحتاجون الي الملايين للوقوف بجانبهم ومساعدتهم .