أصدر حزب الوسط بيانا، اليوم، أعلن فيه، إجراء عدة تغييرات في هياكله الإدارية، وقبوله استقالة عدد من أعضاء الهيئة العليا للحزب، كما أعلن موقفه من عدد من القضايا التي تهم الشارع السياسي، وذلك عقب أول اجتماع مغلق للهيئة العليا للحزب، والذي عقد مساء أمس الأحد، وحضره جميع قيادات الحزب برئاسة المهندس أبو العلا ماضى، وذلك تمهيدًا لإعادة قراءة المشهد السياسى من جديد.
وأعلن الحزب بدء خطة إعادة هيكلة بشكل موسع، وكذلك تغييرات في مواقفه، مؤكدًا أنه كان وما زال منافسا لجماعة الإخوان، وأن رؤيته قبل 30 يونيو 2013 كانت وفق رؤية بعينها تم طرحها وقد يكون الحزب على صواب أو مخطئا في ما فعله.
وقال الحزب، في بيانه، إنه يرفض بشكل تام العنف الذي يتم ممارسته من الجماعات والكيانات، ومن جميع الأطراف، مؤكدًا استمرار موقفه من رفضه استخدام العنف في الصراع السياسي، والتمسك بالسلمية التامة، والتزام القانون والدستور مهما كانت النتائج.
استقالة محسوب وحاتم عزام
كما أعلن حزب الوسط عن إعادة هيكلة الحزب من جديد بعد إخلاء سبيل المهندس أبو العلا ماضي مؤخرًا، حيث أعلن عن قبول استقالة الدكتور محمد محسوب وحاتم عزام، من منصبيهما كنائبي لرئيس الحزب، وذلك لعدم تمكنهما من أداء مهامهما في الحزب، نظرا لظروف تواجدهما بالخارج.
من جانبه، قال سيد بلال، المتحدث الرسمي لحزب الوسط، إن استقالة “محسوب” و”عزام” من عضوية الهيئة العليا جاءت نتيجة عدم تمكنهما من المشاركة في اجتماعات الحزب الدورية، موضحًا أن الحزب سيعقد انتخابات لإعادة هيكلة الحزب بشكل كامل خلال الفترة المقبلة.
وكان حزب الوسط قد انسحب في أغسطس العام الماضي من التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، معلنا العمل على إنشاء “مظلة وطنية” تحقق أهداف ثورة 25 يناير 2011 المهددة.
مناورة سياسية للبقاء
“الحزب يخرج من عباءة الإخوان لتحسين وتجميل صورته أمام النظام لكنه مستمر كحليف سياسي معهم”، هكذا علق الدكتور نبيل ذكي، القيادي اليساري بحزب التجمع، على بيان حزب الوسط، مشيرًا إلى أن كل الأحزاب التي دعمت الإخوان بدأت تدرك خطورة استمرار هذا الدعم، لذلك فإنهم ينحسبون من تأييد هذا التنظيم واحدا تلو الآخر.
وفي تصريح لـ”رصد” وصف “ذكي”، قرار حزب الوسط بالانسحاب الناعم، قائلا: “حزب الوسط شعر بخطورة الأمر والإصرار على السير في نفس نهج الإخوان، ونظرًا للعلاقات المتقاربة بينهم فرأى الحزب ان ينسحب بشكل ناعم حتى لا يخسرهم أملا منه أن يعودا مرة اخرى”.
بدوره قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن أغلب الأحزاب التى كانت متحالفة مع جماعة الإخوان، بدأت تعيد رؤيتها من جديد للمشاركة فى الحياة السياسية بشكل أكبر وعدم تكرار خطأ الانضمام لتحالف دعم الإخوان.
وأضاف نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه بعد انفصال حزب الوسط من تحالف دعم الإخوان بدأ الحزب فى الاتجاه لسياسة جديدة، وأغلب من قدموا استقالتهم هم من القيادات الموجودة في الخارج والذين لديهم ميل للتحالف مع الإخوان، وهذا يؤكد أن حزب الوسط يتخذ أسلوبا يبتعد تماما عن التحالف مع الجماعة.
الإخوان: أمر طبيعي
ويقول الدكتور جمال حشمت، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن بيان حزب الوسط لم يؤثر في علاقة الطرفين، مبينا أنه منذ تأسيس حزب الوسط وهم والاخوان في تفاهم مشترك وإن كانوا يختلفون في بعض وجهات النظر وذلك أمر طبيعي، بحسب وصفه.
وأضاف “حشمت”: “حزب الوسط كان ضمن أحزاب تحالف دعم الشرعية، وحتى بعد انسحابه لم يغير مواقفه من الانقلاب العسكري، ودفعت قياداته ثمنا لهذه المواقف المشرفة على رأسهم عصام سلطان وأبو العلا ماضي وآخرون من القيادات.
وأشار “حشمت” إلى أن الإخوان لم تطلب من أي حزب سواء الوسط أو غيره اتباع نهجها والولاء لها، فالديمقراطية تعني التعدد الفكري لإنشاء وطن متكامل وبرلمان يعبر عن الجميع، ودون ذلك لن يتقدم وطن لكن الأهم الاستمرار على المبدأ الثوري.
بيان متزن
ورفض عصام تليمة، الداعية الإسلامي، غضب بعض المعارضين للانقلاب من بيان حزب الوسط، إذ اعتبر أنه لا يحمل شيئا يؤخذ على الحزب، ووصفه بالبيان العاقل والمتزن.
وقال “تليمة”، في منشور له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “لا أدري علام غضب البعض من بيان حزب الوسط، وقد قرأت البيان وليس فيه ما يؤخذ على الحزب، بل كلام عاقل ومتزن”.
وتابع “تليمة” منشوره قائلا: “أما أنه لم يتكلم عن المسجونين والمعتقلين، فالبيان واضح من عنوانه، أنه يبين الموقف من قضايا محددة وهي: الإخوان ـ العنف ـ الانتخابات البرلمانية. أما النوايا فليس لنا التفتيش عنها، ومواقف الناس معروفة لنا تشهد لهم بوضوح، فلا نتعجل بسوء الظن بالناس”.
يرفع الخطورة
وفي تغريدة له بموقع التواصل الاجتماعي”تويتر” اعتبر عمرو عبد الهادي، عضو جبهة الضمير، أن ترك الدكتور محمد محسوب، والمهندس حاتم عزام مناصبهم داخل حزب الوسط يرفع بعض الخطورة عن حزب الوسط بالداخل، لافتا إلى أن ذلك أمر مطلوب لاستمرار التحرك في الخارج بحرية.
الحفاظ على الحزب
وقالت نيفين ملك، عضو حزب الوسط، إن بيان حزبها جاء لسرد المواقف، وتوضيح الأمور بعد ظروف الحزب واعتقال رئيسه ونوابه وعدد من أعضاء الهيئة العليا، وهو أيضًا يحمل رسالة قد أشار إليها الحزب منذ الانقلاب العسكري وهو أنه ليس تابعا للإخوان ولكنه أحد أبناء ثورة يناير.
وأكدت “نيفين”، في تصريح لـ”رصد”، أن أبو العلا ماضي، رئيس الحزب، واجه بعد إخلاء سبيله، تساؤلات كثيرة وكان عليه توضيح الأمور وسياسة الحزب المستقبلية، وكان من المناسب أن يتم الجواب على الإعلاميين في بيان شامل، يتم فيه سرد المواقف وتوضيحها للجمهور، وأيضا إعادة ترتيب المنزل من الداخل.
وأشارت إلى أن حزب الوسط من حقه الحفاظ على نفسه من التدمير، فمنذ الانقلاب العسكري تعرضت مقرات الحزب للحرق واعتدى البلطجية على أعضاء الحزب واعتقلت قوات الأمن منهم الكثير.
وبخصوص استقالة “محسوب” و”عزام”، علقت “نيفين” قائلة: “محسوب وعزام كان لهما مهام إدارية في الحزب وبما أنهما خارج البلاد فلم يتمكنا من إدارة الحزب، وفي النهاية من حق الحزب إعادة هيكلته من جديد، في ظل استمراره على مواقفه من ثورة يناير والانقلاب العسكري”.