قال الكاتب بشير نافع، الباحث بمعهد الجزيرة للدراسات، إن مصر ستعاني لعقود من سيطرة النخبة الحاكمة، في حال تخلي الإخوان عن الدفاع عن الديمقراطية.
وذكر الكاتب، في المقال الذي نقله موقع ميدل إيست آي، أوجه القمع العديدة التي يعاني منها الإخوان إذ قام النظام بأبشع حملة قمعية و إرهابية لم تقم بها الدولة المصرية من قبل، فالنظام المصري مهووس بفكرة اقتلاع الإخوان من من المجتمع والساحة السياسية.
ولتحقيق هذا الهدف قام النظام، بحسب الكاتب، حتى الآن بسجن عشرات الآلاف من معارضية السياسيين يعتقد أن أغلبهم من الإخوان المسلمين، و تشير التقارير المسربة من السجون إلى احتجاز قيادات الإخوان في ظل ظروف قاسية، وخلال الأشهر القليلة الماضية تبنت الأجهزة الأمنية الإعدام غير القانوني، حيث يتم اغتيال النشطاء والقيادات دون القبض عليهم والتحقيق معهم.
واعتبر الكاتب أن ما يواجهه الإخوان ليس فقط الآلة القمعية للدولة بل أيضاً النظام القضائي الذي اختار أن يقف ضد تطلعات الشعب للديمقراطية والحرية، وبرز القضاء المصري كأشد الأدوات قمعاً والأكثر كراهية للإخوان المسلمين ومعارضي نظام الثالث من يوليو.
ورأى الكاتب أن إغلاق المؤسسات الخيرية للإخوان، ومصادرة أموالها هو دليل قاطع على سحق الإخوان اجتماعيا و سياسيا، حتى في ذروة الصراع بين جماعة الإخوان والدولة الملكية عام 1940 أو بين الجماعة والنظام الناصري في الفترة مابين 1950 إلى 1960 لم تتعرض الجماعة لمثل حملة الإبادة هذه.
ورد الكاتب على سؤال لماذا يقوم الإخوان بمواصلة النضال مع كل هذه التكلفة العالية، لماذا لم يقبلوا بما حدث في الثالث من يوليو؟ قائلا: “إن خيارات الإخوان قليلة جدا وخلافاً للأزمات الماضية فقد تطور الوضع السياسي لمصر خلال العقود القليلة الماضية لكي يحمل الإخوان مستقبل البلاد على عاتقهم، فخلال الفترة ما بين ولادة الجمهورية وحتى عام 1990 كان وضع الإخوان أكبر قليلاً من مجرد إحدى القوى السياسية في البلاد و كان هناك القوميون العرب و الليبراليين و اليساريين، إلا أنه بسبب الظروف الإجتماعية والتغير الإقتصادي والتغير على المستوى العالمي برزت الإخوان كالقوة السياسية الأكبر وربما القوة الوحيدة القادرة على الوقوف في وجه مؤسسات الدولة واستبدادها”.
وقال الكاتب إن: “الحزب الوطني لم يكن حزبا سياسيا بالمعنى الحرفي للكلمة بل كان مجرد أداة سياسية لنظامي مبارك والسادات، وبخلاف الحزب الوطني لم يكن هناك قوة سياسية بخلاف الإخوان المسلمين، وبعيد الثورة كان هناك العديد من الأحزاب كان لديها المصادر الكافية والإعلام لجعلها ذات تأثير حقيقي ولكن أين هذه الأحزاب الآن وأين تأثيرها فيما يتعلق بالسياسات القمعية للنظام؟ ولكن هذه الأحزاب مثل سابقيهم القدامى كالوفد والتجمع والناصري ليس لديهم أي قيمة”.
وأشار الكاتب إلى تغير العلاقة بين المواطن و المجتمع، فمنذ عام 1950 وربما حتى عام 1960 كان الإقتصاد المصري مزدهرا وكانت المالية العامة للدولة في حالة جيدة، وكانت مصر أهم مركز ثقافي و تعليمي في العالم العربي.
وأضاف: “على النقيض الآن فإن مصر تشهد تدهورا سريعا في الإقتصاد والمالية العامة، ووصل مستوى التعليم إلى هاوية عميقة، ويفتقر أغلب المصريين إلى رعاية صحية، والمؤسسة الوحيدة التي تنمو هي المؤسسة الأمنية والأكثر خطور من ذلك هو أن الدولة المصرية لم تعد منفصلة عن النظام الحاكم، فاليوم الدولة والنظام الحاكم شيء و احد”.
وختم “نافع” مقاله بقوله: “لهذه الأسباب فإن لدى الإخوان خيارات أقل مما تمنحه السياسة وفي حال يأس الإخوان وتخليهم عن النضال من أجل الحرية والديمقراطية فإن مصر ستقع تحت هيمنة الدولة والطبقة الحاكمة لعقود قادمة، ولأن مصر هي محور ميزان القوة العربية فإن ما يصيب مصر سوف تعاني منه المنطق العربية كلها”.