شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

شكل المعركة السياسية في انتخابات الإعادة البرلمانية التركية

شكل المعركة السياسية في انتخابات الإعادة البرلمانية التركية
بعد إنتهاء المهلة الدستورية في 23 أغسطس الحالي، سيجتمع كما بات معروفا رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان مع رئيس مجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) وسيتم الاعلان عن اعادة الانتخابات البرلمانية في الأول من نوفمبر القادم..

بعد إنتهاء المهلة الدستورية في 23 أغسطس الحالي، سيجتمع كما بات معروفا رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان مع رئيس مجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) وسيتم الاعلان عن اعادة الانتخابات البرلمانية في الأول من نوفمبر القادم. هناك الكثير من التكهنات حول شكل المعركة الانتخابية والنتيجة التي ستنجم عنّها.

البعض يعتقد أنّ شيئا لن يتغيّر  في المعادلة وأننا سنحصل في نهاية إنتخابات الاعادة على نفس النتيجة التي أفرزتها انتخابات 7 يونيو الماضية، فيما يرى البعض الآخر انّ هناك فرصة حقيقية لتحقيق إختراق والعوة بالبلاد الى الطريق السليم الذي سمح لها بالتطور خلال العقد الماضي.

نظريا لا يمكن استبعاد أي من السيناريوهين. عمليا، فان النتائج ستعتمد على عدد من الظروف والمعطيات التي ستكون قائمة في حينه. السؤال المحوري سيكون هو “هل سيستطيع حزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة منفردا أم لا؟”. بالنسبة الى الحزب، فان إنتخابات الإعادة المقبلة ستكون انتخابات مصيريّة بكل ما للكلمة من معنى. فشله في تحقيق أغلبيّة تخوّله تشكيل الحكومة منفردا سيجعله تحت رحمة الاحزاب الأخرى ما يعني اضطراره الى تقديم تنازلات أكبر ومن موقف الضعيف، كما سيؤدي ذلك على الأرجح الى تعديلات جوهرية وقسرية على برنامج الحزب الطموح لتركيا وعلى الكثير من أوجه سياساته الداخلية والخارجية، وقد يدخل البلاد في حالة عدم استقرار طويلة الامد قد تمتد الى بضعة سنوات بانتظار الانتخابات التي تليها.

إنطلاقا من هذه التصورات السلبيّة، فان حزب العدالة والتنمية سيلعب كل أوراقه المتاحة في جولة الاعادة تفاديا لمثل هذا السيناريو السيء. وبالرغم من ذلك فان الحكم على طبيعة النتيجة التي ستخرج بها انتخابات الاعادة في ظل الظروف الحالية يعدّ أمرا صعبا للغاية لسببين:

1)         العدد الكبير من المتغيرات الداخلية والخارجية التي تجري في آن واحد والتي يترك كل منها تأثيرها بطبيعة الحال على النتيجة المتوقعة.

2) سرعة التطورات الداخلية والخارجية التي لا يمكن التحكم في مجرياتها بشكل دقيق والتي قد تنقلّب بطبيعة الحال خلال المهلة المتاحة حتى بداية الانتخابات في نوفمبر القادم.

فاذا كانت المعطيات الحالية تشير مثلا الى فوز حزب العدالة والتنمية بنسبة تخوله تشكيل الحكومة منفردا فيما لو جرت انتخابات الاعادة اليوم، لا شيء يضمن انّ تكون النتيجة هي نفسها فيما لو جرت الانتخابات بعد اسبوعين او شهر او شهرين. لكن الاكيد في جميع الاحوال انّ المناخ السياسي سيكون مشحونا للغاية والاستقطاب سيكون على أشدّه، الطرف الذي سيستطيع توظيف المعطيات الحالية التي سنتحدث عنها لصالحه سيكون الاكثر استفادة في الانتخابات القادمة. أمّا هذه المعطيات، فهي:

أولا: الاستقرار الاقتصادي. هناك تراجع حاليا في أداء بعض القطاعات الاقتصاديّة في البلاد جراء حالة عدم الاستقرار السياسي الناجمة عن الوضع الذي برز بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة في 7 يونيو الماضي، كما يمكن ملاحظة وجود هبوط سريع لسعر الليرة التركية مقابلة اليورو والدولار  الى مستويات قياسيّة تحت ضغط الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد. هذا المُعطى أثّر ويؤثّر بشكل سلبي على وضع المواطن الاقتصادي والمعيشي.

اذ فهمت الشريحة الأكبر من الناخبين انّ هذا الوضع هو نتيجة للوضع الذي أفرزته الانتخابات السابقة وأنّه من الأفضل العودة الى المعادلة التي كانت قائمة خلال السنوات الـ12 الماضية والتي حقّقت الانجازات والاستقرار للبلاد فقد يفيد هذا بالتأكيد حزب العدالة والتنمية ويعزز من قدرته على الوصول الى هدفه بشكل أكبر.

لكن اذا فهم الناخب بشكل عكسي انّ ما يجري اليوم هو نتيجة سياسات حزب العدالة والتنمية، وقام بتحميل المسؤولية لأفراد نافذين في السلطة بذاتهم فسيكون ذلك سيئا بالنسبة الى حزب العدالة و التنمية. ولهذا السبب بالتحديد، فان المفترة المقبلة ستشهد صراعا على تركيز  وجهات النظر وعلى الكيفية التي يريد فيها كل طرف ان يشرح للناخبين سبب الأزمة الحالية.

ثانيا: الاستقرار الأمني. بعد سنوات من الهدوء والاستقرار الامني ولاسيما في مناطق شرق تركيا عادت العمليات لاعسكرية من جديد وعادت الاشتباكات بين القوات الامنية وعناصر حزب العمال الكردستاني، وهناك قتلى من الطرفين بشكل شبه يومي.

لن يجد حزب العدالة والتنمية أي صعوبة في تبرير موقفه سيما وانّ حزب العمال الكردستاني هو الذي كان اعلن انتهاء عملية السلام وتبنى بشكل علني عمليات ارهابية ادت الى مقتل عناصر من الامن لا يستطيع اي تركي أن يدافع عنها او يبررها أي مواطن. لكن في المقابل، سيكون من الصعب على حزب العدالة استرجاع موقعه السابق في المناطق ذات التواجد الكردي شرق البلاد بسبب الضغوط الامنية التي يمارسها مسلحو حزب العمال الكردستاني على الناس هناك وبسبب حجم التعبئة القومية التي يضخها حزب الشعوب الديمقراطية أيضا.

نتيجة هذا الوضع ستؤدي على الأرجح الى:

1) عودة بعض القوميين المحافظين لدعم حزب العدالة و التنمية نظرا لموقف الحزب الصارم في مواجهة حزب العمال الكردستاني.

2) خسارة حزب الشعوب الديمقراطية لشريحة واسعة من فئة غير الاكراد الذين دعموه في الانتخابات الاخيرة ويبلغ حجمها حوالي 1.5 الى 2% من الاصوات التي حصل عليها، خاصة اذا لم يغيّر الحزب من موقفه بشكل حاد وعلني من العمليات التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني.

تبقى شريحة الذين تقاعسوا عن التصويت من المصوتين التقليدين  لحزب العدالة و التنمية وهم نسبة لا يستهان بها، الهدف الاساسي للحزب   في المرحلة القادمة لتغيير المعادلة، في المقابل سيسعى حزب الشعوب الديمقراطية الى التركيز على الدعاية القوميّة والضغط الامني والنفسي والمعنوي على الاكراد المخالفين له، وسيكون هناك حوافر نفسية لمثل هذا الأمر تحت شعار انّهم استطاعوا اختراق حاجز الـ10% وانّهم لن يفقدوه بعد اليوم وهذا يتطلب التصويت الكثيف لفرض سياسة الامر الواقع على حزب العدالة والتنمية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023