نقول لهؤلاء وأتباعهم من إعلاميين وسياسيين وتجار آثار وأسلحة، كل عام وأنتم فاشيون عنصريون دمويون، ومحرضون على القتل.
كل عام وأنتم كاذبون، منتحلو شخصيات مدنية، مُدَّعو الثورية، متمسحون بالديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم العدل والخير.
كنا ننتظر من أحدكم، أو نتفاءل وننتظر من بعضكم، أن يشعر بوجع الضمير، ويمتلك فضيلة مراجعة الذات، وينظر حوله ويقيس مدى مساهمته في تحويل وطن حالم بالحرية إلى مستنقع آسن من الظلم ومن البلادة ومن التبعية ومن الغياب الكامل لكل قيمة محترمة، غير أنكم لم تريدوا أن تخيّبوا ظن أحد فيكم أبدا، فعضضتم على فاشيتكم بالنواجذ، واستمسكتم بعنصريتكم وكراهيتكم القصوى.
ولأن الله رؤوف بعباده، فإنه، في مقابل سقوطكم المدوي، يرتفع آخرون ويسمون ويلامسون سماء الإنسانية والتحضر والرقي، فيقولون للقاتل أنت قاتل، وللمجرم أنت مجرم، ولن تفلت بجريمتك، أو تبرأ من الدم بالتقادم.. من هؤلاء، الاشتراكيون الثوريون “الإنسانيون” وشباب حركة السادس من أبريل، وآخرون من شخصيات مستقلة، من اليسار واليمين، أبوا جميعا السكوت، وتعففوا عن التكسب من تجارة الدم، فرفعوا أصواتهم بالهتاف ضد القتلة، ورفعوا أيديهم بالتحية للشهداء، ورفعوا منسوب الاحترام في مصر إلى مستويات تطمئننا إلى أن الضمير الوطني لم يندثر، ولم يجفف ويباع بالجملة وبالمفرد في دكاكين السياسة بعد.
الاشتراكيون الثوريون وشباب 6 أبريل دقوا بقوة على أبواب الضمير، ورسموا على جدران الحس الإنساني لوحات بديعة، توقظ الجماهير وتذكّرها بالجريمة الأكبر ضد الإنسانية في مصر، وترفع شعار “لا نسيان ولا تسامح”، و”المجازر لا تنسى ولا تغتفر”، وتنادي 6 أبريل من خلال موقعها على الإنسان المصري، قائلة “اتكلم عن رابعة”، لينهض أضخم استطلاع رأي عن الإنسانية والعدالة في مصر، يشارك فيه الآلاف، في تظاهرة إلكترونية واسعة ضد القتلة.
بمثل هؤلاء، تحافظ الأمم على جوهرها الإنساني، وتستعصي على الانسحاق تحت مجنزرات مشروعات الوهم الوطنية، وحفريات الهلوسة القومية، وتثبت للدنيا كلها أن مائة تفريعة لا تكفي لإغراق الحقيقة، وآلاف الكراكات لا تجدي، مهما حفرت على أعماق بعيدة لدفن الجريمة، وأن أزيز مائة “رافال” فرنسية وألف “إف 16” أميركية لن يكتم صوت الحق، كما أن مليارات من الأرز لن تستطيع غسل سلطة على يديها دماء، وفي رأسها خواء، وفي قلبها كراهية للبشر وللثورة وللديمقراطية وللتغيير.
اعتقلوا “عكاشتكم” أو اطرحوه أرضا، شكلوا لجانا عليا وسفلى لانتخابات عبثية، استعينوا بكل ماكينات الدعاية الصهيونية لتبنيكم والدفاع عنكم لدى أميركا والعالم، واصلوا القتل والسحل والاعتقال والاغتصاب والتعذيب والإخفاء القسري، استعرضوا قوتكم على طفلة معاقة بمعتقلاتكم، أو نكّلوا بمساجين وأطلقوا عليهم الكلاب البوليسية والفضائية والأرضية، جوّعوهم، سمموهم، اكذبوا على الناس في الطقس وفي الأوبئة، كل ذلك لن ينسي أحدا أنكم قتلة ومجرمون، وأن بناءكم زائل مهما ارتفع، لأنه أقيم على باطل، وأن الأرض التي تشربت بالدماء لا تنبت ورودا من أي لون، حتى الأحمر.