شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فرجاني: بالمنطق المحاسبي.. الشعب يدفع تكاليف مهرجان”التفريعة”

فرجاني: بالمنطق المحاسبي.. الشعب يدفع تكاليف مهرجان”التفريعة”
قال الدكتور نادر فرجاني في منشور على صفحته في فيسبوك : "بداية، لا جدال في أن انجاز المشروع في المدى الزمني القصير الذي تعهد به الرئيس الحاكم أمر يستحق التقدير والإشادة , ولاريب في أن مهرجان تدشين تفريعة الدفرسوار من مجرى قنا

قال الدكتور نادر فرجاني ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة : “بداية، لا جدال في أن انجاز المشروع في المدى الزمني القصير الذي تعهد به الرئيس الحاكم أمر يستحق التقدير والإشادة، ولاريب في أن مهرجان تدشين تفريعة الدفرسوار من مجرى قناة السويس جاء جيد التنظيم، وليس بغريب حيث دفعت عشرات الملايين لشركة بريطانية لتنظيم الاحتفال، وباستثناء بعض المسرحيات الفجة، مثل دخول الرئيس الحاكم المجرى المائي على اليخت الخديوي تشبهًا بملوك أسرة محمد علي، وتغييره للأزياء بين الأدوار، فقد كان الاحتفال لائقًا”.

وأضاف عبر “فيس بوك” : ” ومع ذلك فظني أن الوصف المتداول بأن الحفل كان “أسطوريًا” يحط من شأن الكلمة ويشي بتواضع أحلام من يستعملونها، رؤى وعقولًا”، وتساءل:هل سيجدي المشروع الذي كلف شعب مصر قرابة 70 مليار جنيه، اقتصاديًا وتنمويًا؟ ومن حقًا دفع تكلفة المهرجان الاحتفالي ليتفاخر قادة الحكم العسكري بالمشروع؟ “.

وتابع :”أولًا، من بؤس الحكم التسلطي، وصنوف التعاسة التي يجرها على الشعب الذي يحكمه، أن يقام مشروع باهظ التكلفة في بلد يشكو قلة الموارد ويضّيق الحاكم على الشعب بهذه الحجة، ومع ذلك يحتفي بإفتتاح ذلك المشروع ببذخ، من دون أن ينتهي الجدل حوال مدى جدوى المشروع أصلًا، ولن يحسم الجدل حول جدوى المشروع إلا بالوقائع على الأرض خلال السنوات القادمة ، إلا أن المؤكد أن كثرة المتغيرات التي ستحسم الجدل ليست في يد مصر أو المصريين، فالعامل الحاسم سيكون مدى النمو في التجارة العالمية وبنية النقل البحري، وما زال يلفهما الغموض وتتضارب التكهنات. 

وأردف: قد يكون أشد خطرًا على جدوى المشروع قيام بدائل أوفر من قناة السويس بين آسيا، التي تضم الاقتصادات الأضخم في العالم، والغرب، قطبا التجارة العالمية،  فقد دشنت الصين وألمانيا فعلًا خط نقل حديدي يربط بين الاقتصاد الثاني ضخامة في العالم وأوربا، كما تعمل روسيا والولايات المتحدة وكندا على أن يستمر النقل عبر أقصر الطرق بين آسيا وأوربا من خلال المتجمد الشمالي لمدد أطول من العام، والذي سيُسّهل منه تسارع ذوبان الجليد بسبب تغيّر المناخ”.

وأوضح بأن هناك حسابات مالية، تقوم على مقارنة التكلفة والعائد، بعضها نشره اصدقاء على هذه الصفحة تبين أن المشروع قد يحقق خسائر مالية خلال بضع سنوات”.
 
ويواصل فرجاني رؤيته :”بالمنطق المحاسبي الشكلي، ما أنفق على المهرجان جاء أساسًا من “تبرعات” كبار أصحاب الأموال، ولكن هذه التبرعات جاءت من أرباحهم في استغلال شعب مصر الذي ييسره لهم الحكم العسكري بتبنيه الرأسمالية الاستغلالية وتشجيعها ، وهذه “التبرعات” تخصم من الضرائب واجبة الدفع من كبار أصحاب الأموال، ما يقلل من إيراد الخزينة العامة التي لاتتواني الحكومة الظالمة عن جباية ضرائب أكبر من عامة الناس الكادحين لتعويضها، لكن علم الاقتصاد و التنمية الجاديّن لا يتوقفان عند هذه المحاسبة المالية الشكلية وإنما يهتم أيضًا بما يسمي تكلفة الفرصة البديلة، أو المُضاعة، أي الخسارة الناجمة عن توظيف هذه الأموال، للاحتفال أو للمشروع، في مجالات إنفاق أكثرى جدوى، إنسانيًا وتنمويًا ، من وجهة نظر ما، المهرجان الاحتفالي أمام عدد محدود من الضيوف الأجانب، كان أشبه بالقاء غطاء ضخم على كم هائل من التعاسة والشقاء الإنساني في مصر، ونثر الورود على جزء صغير من الوطن المنكوب باستبداد الحكم العسكري”.

وأضاف : ” بعبارة أخرى، ثمن المهرجان الاحتفالي دفعه من حريتهم عشرات آلاف المساجين ظلمًا، ومئات آلاف من يتضورون جوعًا ومن يلقون حتفهم لغياب الرعاية الصحية، ويلقي ببعضهم خارج المستشفيات ليموتوا بين أكوام القمامة كما نقلت لنا الأنباء مؤخرًا”.

وختم: “في منظور العائد التنموي، قام بالقسم الأكبر من تنفيذ المشروع تحالف دولي قادته شركة هولندية عمل به مشتغلون من أكثر من خمسين جنسية، ومن ثم لم يتحول المشروع إلى مدرسة تنموية تعليمية وتدريبية ضخمة لمصر والمصريين مثلما كان مشروع السد العالي ، الذي اعتبره، للسخف، بعض الجهلة الأفاقين أقل قيمة من التفريعة الهزيلة.. إذن شعب مصر هو من دفع تكلفة المهرجان كما دفع تكلفة المشروع، ليس فقط من حر ماله، ولكن من حرية قسم كبير من أبنائه وتعاسة غالبيتهم، ومن إمكانات التنمية الإنسانية في هذا الوطن المنكوب بحكامه.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023