أكدت نائب المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، ساندرا ميتشيل، أنها ستعلن عن قرارها بشأن تأجيل العام الدراسي الجديد منتصف الشهر الحالي، نافية وجود أي قرار بهذا الخصوص حتى اللحظة.
وتتولى “الأونروا” إدارة مئات المدارس في الأراضي الفلسطينية؛ حيث توفر التعليم المجاني لآلاف الطلبة والطالبات في المرحلة الابتدائية والاعدادية، ومن المقرر أن يبدأ العام الدراسي الجديد في فلسطين بعد شهر من العام.
وأشارت ميتشل -خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر أونروا الرئيسي بمدينة غزة، اليوم الإثنين- إلى أن اتخاذ مثل هذا القرار هو من صلاحية المفوض العام لوكالة الغوث.
وحذرت المسؤولة الدولية من نتائج خطيرة في حال توقف خدمات “أونروا” في أماكن عملها الخمسة، وطالبت بضرورة توفير تمويل دولي عاجل من المجتمع الدولي؛ لأنه لا يمكنها أن تطلب من موظفيها العمل دون مقابل.
عجز في الرواتب
وحسب “ميتشل”، سيتم صرف رواتب شهر أغسطس الحالي للموظفين، إلا أن مسألة صرف رواتب شهر سبتمبر القادم تعتبر مشكلة حقيقية تواجه “أونروا”، مؤكدًة عدم توفر التمويل اللازم لتقديم الخدمات ابتداءً من سبتمبر حتى نهاية العام.
وأوضحت أن “أونروا” مؤسسة مؤقتة لا أحد كان يتوقع أن يستمر علمها لـ65 سنة، ولذلك لم يتم دمجها في النظام المالي لدى الأمم المتحدة”.
وعن أولويات عمل “الأونروا” إذا ما توفر التمويل اللازم، تحدثت عن إجراءات تقشفية تم اتخاذها في الفترة الماضية مثل وقف عمليات التوظيف، والاعتماد على العقود المؤقتة، إضافة لفتح باب التقاعد الطوعي.
وكان المفوض العام “للأونروا”، بيير كرينبول، قال -في تصريحات سابقة له- إن الوكالة تعاني من عجز مالي يقدر بمئة وواحد مليون دولار، و أنها -الوكالة- قد تضطر لاتخاذ اجراءات صعبة في حال لم يسد العجز المالي من قبل الدول المانحة.
وينعكس العجز المالي سلبًا على تقديم الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والإغاثة للاجئين، خاصة في قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا منذ عام 2007.
وتسربت أنباء عن احتمال إغلاق 700 من مدارسها في منطقة الشرق الأوسط بسبب نقص الاعتمادات المالية، وهو ما دعا فعاليات شعبية لتنفيذ احتجاجات رافضة لتقليصات “الأونروا”.
وحذر سهيل الهندي، رئيس اتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث في قطاع غزة، من أن “تقليصات الوكالة الأخيرة ستطال أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، وسيطال الضرر الأكبر قطاع التعليم”.
500 ألف طالب فلسطيني يواجهون الحرمان من التعليم
وقال إن “هناك مؤشرات باتت واضحة جدًا من قبل إدارة الوكالة بأنه سيتم تأجيل العام الدراسي، وذلك يعني أن نحو 500 ألف طالب فلسطيني لن يستطيعوا التوجه لمدارسهم، وسيتم إغلاق 700 مدرسة، ولن يستطيع نحو 22 ألف معلم ومعلمة ممارسة مهامهم وأعمالهم”.
واعتبر الهندي هذه الإجراءات التي تلوح بها “الأونروا”، ما هي إلا “حصار جديد على الشعب الفلسطيني من قبل إدارة الوكالة”، وقال: “يكفي ما يعانيه الشعب الفلسطيني من حصار وآلام بعد حرب العام الماضي التي دمرت العديد من الجوانب الحياتية في قطاع غزة”.
وأكد أنه “سيكون للاتحاد وقفات وفعاليات على مستوى عالٍ جدًا في حال اتخذت إدارة الوكالة موقف و قرار بتأجيل العام الدراسي، معربًا عن أمله ألا ينفذ الإجراء.
أزمة سياسية
وطالب رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس، النائب عصام عدوان، من الوكالة استخدام دعاية سليمة، وطرق أبواب مانحين جدد من أجل إغاثة اللاجئين، وتقديم الخدمات الإنسانية لهم، والعمل على إغاثتهم، محذرًا من مخطط لإنهاء عملها وتصفية قضية اللاجئين.
ولا يستبعد محللون سياسيون أن تكون أزمة “أونروا” سياسية.
ويقول الكاتب الفلسطيني، عصام شاور، إن الأونروا لا تبحث عن حلول بل تبحث عن حجة قوية لوقف خدماتها للاجئين الفلسطينيين والمساهمة في إغلاق ملف اللجوء الذي يحرج الاحتلال.
فيما رأى عبدالستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس أن “عدم إيفاء المانحين بالتزاماتهم قد يكون سببه مخططات إقليمية ودولية، للحد من عمل الوكالة الأممية، ودفعها نحو إنهاء خدماتها، ما يعني تصفية قضية اللاجئين”.
وكان تقرير إسرائيلي طالب بالإسراع في إنهاء عمل “أونروا” في الضفة الغربية، وقطاع غزة، معتبرًا التوقيت الحالي “فرصة ذهبية” لتنفيذ ذلك، في ظل أزمتها المالية.
واعتبر التقرير الذي أعده معهد الدراسات الإستراتيجية، ونشرته صحيفة “معاريف”، في فبراير الماضي، أن إنهاء عمل الوكالة كفيل بالقضاء على حق العودة، وتصفية أي أمل للاجئين في العودة إلى ديارهم.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن قرابة 1.3 مليون لاجئ، يعيشون في قطاع غزة، و914 ألفًا في الضفة الغربية، و447 ألفًا في لبنان، و2.1 مليون في الأردن، و500 ألف في سوريا، فيما تعتمد الأرقام الصادرة عن “أونروا” على معلومات يتقدم بها اللاجئون طواعية، ليستفيدوا من الخدمات التي يستحقونها، إلا أن هناك لاجئين غير مسجلين في منطقة عمل المنظمة الدولية.
زيادة أعداد اللاجئين
الناطق باسم “الأونروا” في غزة عدنان أبو حسنة أكد أن الوكالة ستبقى إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين، مشيرًا إلى وجود أزمة حقيقية بسبب ازدياد أعداد اللاجئين ومتطلباتهم الإنسانية، كما أن المانحين لا يلتزمون بتعهداتهم المالية.
وقال: في غزة نتحدث عن 3 حروب في أقل من 6 سنوات، نعمر منزل في الحرب الأولى ثم يتم هدمه في الحرب الثانية والثالثة وهكذا، الفقر والبطالة في زيادة بفعل الحصار، كنا نقدم خدمات في عام 2000 لنحو 80 ألف لاجئ، أما الآن فقد وصل العدد إلى أكثر من 860 ألفًا، بفعل الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وكان البنك الدولي، اعتبر في تقرير له اقتصاد غزة ضمن أسوأ الحالات في العالم؛ إذ سجل أعلى معدل بطالة في العالم بنسبة 43%، ترتفع لما يقرب من 70% بين الفئة العمرية من 20 إلى 24 عامًا.
وشن جيش الاحتلال قبل عام عدوانًا على قطاع غزة، استمر 51 يومًا، وأدى إلى استشهاد أكثر من 2200 معظمهم من المدنيين، وإصابة نحو 11 ألفًا آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وحسب إحصائية أممية، فإن عدد منازل اللاجئين التي تضررت بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير، بلغت 137 ألفًا و681 مسكنًا، تم حصر 9161 منها على أنها مدمرة كليًا.
وتعهدت دول عربية ودولية في أكتوبر 2014، بتقديم نحو 5.4 مليار دولار أميركي، نصفها تقريبًا تم تخصيصه لإعمار غزة، فيما النصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين، غير أن عملية الإعمار وترميم آثار ما خلّفته الحرب، يسير بوتيرة بطيئة جدًا عبر مشاريع خارجية بينها أممية، وأخرى قطرية.
و تأسست “الأونروا” بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، مسجلين لديها في مناطق عملياتها الخمس بالأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمحنتهم، وتشتمل خدمات الوكالة التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة، وتحسين المخيمات، والإقراض الصغير.
وتقول الوكالة الأممية إن التبرعات المالية لم تواكب مستوى الطلب المتزايد على الخدمات الذي تسبب به العدد المتزايد للاجئين، وتفاقم الفقر والاحتياجات الإنسانية، خصوصًا في قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا منذ ثماني سنوات.