وجهت د.مها عزام، رئيس المجلس الثوري المصري، خطابا مفتوحا لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، إثر زيارته للقاهرة، أعربت فيه عن انتقادها للزيارة، محملة الإدارة الأميركية المسؤولية عن سحق وقتل الحقوق الأساسية للشعب المصري من خلال دعمها لسلطة الانقلاب العسكري.
وقالت عزام، في رسالة نشرتها عبر الصفحة الرسمية للمجلس الثوري المصري على موقع “فيس بوك”: “من بالغ أسفنا أن نرى العواقب الوخيمة للسياسة الخارجية الأميركية تجاه مصر، والتي يمكن وصفها بأنها تسحق الحقوق الطبيعية والبديهية لشعوب المنطقة في تحقيق الحرية والعدل”.
وأضافت أن “دعم الولايات المتحدة لانقلاب الثالث من يوليو 2013 كان يعتمد، وبما لا يدع مجالا للشك على منطلق البراغماتية في السياسة الخارجية الذي روجه “هنري كيسنجر” في حينه”، مشيرة إلى أن “هذه النظرة اعتقدت أن قبول السياسة الخارجية الأمريكية للانقلاب سيبقى مصر تابعة ومؤيدة للسياسة الأمريكية”.
ولفتت “عزام” إلى أن الإدارة الأميركية اعتبرت أن قبول الانقلاب سيكون وسيلة للسيطرة على أي مد سياسي شعبي نحو المشاركة في المسؤولية والمساءلة السياسية الذي قد يؤدي إلى بعض التراجع في السيطرة الأمريكية وبعض الانعدام في الاستقرار السياسي الإقليمي.
وأوضحت رئيسة المجلس الثوري المصري أن “الخارجية الأمريكية تعتقد أن هذه المكاسب السياسية تبرر للولايات المتحدة وحلفائها الديمقراطيين خيانة القيم الأساسية التي يؤمنون بها من ناحية حقوق الإنسان واحترام سيادة القانون”.
واستدركت “عزام” في بيانها: “لكن أبعاد هذه السياسة البراغماتية انعكست سلبا، ليس على الشعب المصري فحسب، ولكن على الولايات المتحدة أيضا. فلم تكن نتيجة هذه السياسة إلا تفاقم حالة عدم الاستقرار، وهذا ما كانت تخشاه الخارجية الأمريكية في المقام الأول”.
وتابعت: “فما أصبح واضحا هو أن الجنرال السيسي ليس منعدم الكفاءة سياسيا فحسب، بل إنه أيضاً يفتقد القدرة على بناء أية رؤية سياسية إلا من خلال خطاب إقصائي وتدميري يوطد الانقسام المجتمعي والسياسي، كما تبين أن السيسي منعدم الكفاءة عسكريا واقتصاديا أيضا”.
واستكملت “عزام” وصف الواقع المصري، حيث قالت: “فمن الناحية الاقتصادية أصبح الاقتصاد المصري في وضع أسوأ من ذي قبل والفساد بات مستشرىا في كل مؤسسات الدولة، كما تدهورت حالة المصريين العاديين (انظر إلى معدلات البطالة على سبيل المثال). حتى بلغت الحالة أن أنصار حكم الجنرال الأثرياء المنتفعين من الفساد يزدادون تذمراً من فشله الاقتصادي”.
وبينت أنه منمن الناحية العسكرية، فقد تجلى أن الجنرال السيسي فقد السيطرة على مساحات واسعة من سيناء لصالح داعش نتيجة استراتيجية عسكرية مختلة ينتقدها حلفاؤه الإسرائيليون، والأسوأ من ذلك كله يأتي في مجال حقوق الإنسان، الذي حدثت فيه تجاوزات يندى لها جبين البشرية.
وتساءلت في بيانها: “والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا يضر هذا الوضع المأساوي القائم في “مصر الانقلاب” بمصالح الولايات المتحدة؟”، مجيبة بقولها: “والجواب يأتي واضحاً بأن مصر الآن أقل استقرارا عما كانت عليه في العام 2011″، مستدركةً، لكن إذا تفحصنا المسألة بعمق أكثر نرى ما يلي: في العام 2011 كان هناك لدى الأغلبية الإسلامية في مصر اقتناع بأن الديمقراطية هي نظام سياسي قابل للتطبيق في مصر ويفتح المجال للإصلاح السياسي والاقتصادي. وكان هذا الموقف مخالفا للأقلية المتطرفة الرافضة للديمقراطية.
وأكد البيان أن انقلاب الثالث من يوليو تم بموافقة الولايات المتحدة، والأكثر خطورة من ذلك أنه أدى إلى إنشاء حالة بدأت في إقناع شعوب المنطقة بالاعتقاد بأن الديمقراطية لا يمكن أن تطبق في منطقتهم، وهذا بدوره يخلق بيئة خصبة لجذب الكثير من هؤلاء الشباب المحبطين والغاضبين إلى البحث عن بدائل عنيفة لإحداث التغيير.
وبحسب ما جاء في البيان: “وبناءً على ما سبق، ولأسباب لا علاقة لها بمناشدة القيم الديمقراطية ومعايير القانون الدولي التي نؤمن بها، ولكن من منطلق المصلحة الذاتية البحتة لنا ولكم، فإننا ندعو الولايات المتحدة أن تعيد النظر في سياستها تجاه مصر وأن تسعى سريعا إلى تحقيق هدفين: أولا في مواجهة الوضع المزرى لحقوق الانسان، وذلك عن طريق الضغط على الحكم العسكري في مصر ليلغي فورا تنفيذ جميع أحكام الإعدام السياسية، وأن يطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين فورا، وأن يضمن الوقف الفوري للتعذيب والاغتصاب والاختفاء القسرى والاعتقال التعسفي والقتل والقتل القضائي سواءً بأحكام الإعدام او بحرمان المرضى من الدواء، وثانيا: أن تسعى الإدارة الامريكية جاهدةً لإعادة الديمقراطية من خلال طلب رفع القيود على جميع وسائل الإعلام والسماح بحرية التجمع والتظاهرات السلمية”.
وشددت “عزام” في بيانها على أن النظام السياسي الحالي في مصر هو المصدر الرئيسي للفوضى والقلق في المنطقة وسيبقى كذلك ولن يؤدي استمراره إلا إلى زيادة الغضب الشعبي من الولايات المتحدة، مضيفة: “كما نعلمكم أن استئناف الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر، والمتوقف منذ العام 2006، سوف يؤكد وبشكل واضح تأييد الولايات المتحدة لنظام السيسي وسياساته القمعية”.
ولفت البيان إلى أن السبيل الوحيدة لتحقيق الاستقرار السياسي في المدى الطويل هو اتباع الديمقراطية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن فشل الولايات المتحدة في التصدي لنظام الانقلاب والذي دمر التجربة الديمقراطية في مصر، لن يؤدي إلا إلى إقناع عدد متزايد في المنطقة أن إنهاء القمع لا يمكن تحقيقه من خلال الوسائل الديمقراطية، وهو ما لن ينسجم مع المصالح الغربية بصفة عامة، ولا مع مصالح الولايات المتحدة، ولا حلفائها الإقليميين بصفة خاصة، وهو مالا يمكنهم تحمل نتائجه.