قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن أعداد المتوفين والقتلى داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية آخذة في الارتفاع، في ظل استمرار ذات السياسات اللا إنسانية في التعامل مع المحتجزين من قبل الأجهزة الأمنية.
وأكدت المنظمة، في بيان لها صدر اليوم، أن الممارسات القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان والارتفاع غير المسبوق في وتيرة الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتوسع في عمليات الحبس الاحتياطي دون محاكمة، كل ذلك أدى بشكل مباشر بالإضافة إلى حالة الإفلات التام من العقاب التي توفرها السلطات المصرية لرجال الأمن، إلى استمرار حالات الوفاة تحت وطأة التعذيب، ووفاة آخرين يعانون من أمراض خطيرة بعد أشهر من احتجازهم مع حرمانهم من الرعاية الطبية المناسبة أو الإفراج عنهم صحيا، وفق ما يتطلب القانون المصري الخاص بتنظيم السجون.
وأضافت المنظمة أن ثلاثة محتجزين على خلفية قضايا معارضة السلطات توفوا في يومين متتالين في الأول والثاني من أغسطس 2015 بعد تدني حالتهم الصحية، ووصولها إلى مراحل متأخرة دون أن تقوم إدارات السجون بإطلاق سراحهم أو تقديم العون الطبي المناسب لهم.
ووثقت المنظمة وفاة المعتقل رمضان عبد العزيز إبراهيم بدوي، 46 سنة، والمعتقل منذ عام تقريبا، بسجن الأمن المركزي في الجبل الغربي في سوهاج صباح اليوم الأحد الموافق 02/08/2015، بعد أن نقل إلى مستشفى سوهاج العام صباح السبت 1/8/2015 جراء إصابته بقيء مستمر وإسهال وحمى في ما يبدو أنها أعراض تسمم، دون أن يوضح التقرير الطبي الأوّلي سبب الوفاة تحديدا حتى الآن، وأكدت أسرته أنها كانت في زيارة له يوم الجمعة 31/7/2015 وكان طبيعيا تماما ولا يعاني من أي أعراض مرضية.
كما توفي المعتقل أحمد حسين عوض غزلان -مواليد 11 مايو 1963- صباح السبت 1 أغسطس 2015 داخل مستشفى سجن الأبعادية بدمنهور بمحافظة البحيرة رديئة الخدمة والإمكانات بعد تدهور حالته الصحية، مع رفض إدارة السجن نقله إلى المستشفى العام لتداركه بالعلاج والرعاية اللازمة، حيث قالت أسرته في إفادتها للمنظمة أن “حالته الصحية تدهورت للغاية مساء الخميس 30 يوليو 2015، حيث أصيب بارتفاع شديد في درجة حرارته وإعياء شديد، حتى مساء اليوم التالي تعاملت إدارة السجن مع الحالة بإهمال كامل، ولم يحظ بأي رعاية طبية إلا من قبل زملائه المحتجزين الذين حاولوا خفض حرارته بكمادات مصنوعة من ملابسهم مع الماء، وبعد إصابته بفقد تام للوعي ومناشدات المعتقلين المتكررة قامت إدارة السجن بنقله إلى مستشفى السجن، ورفضت إدارة السجن طلب الأسرة بنقله إلى المستشفى العام أو مستشفى خاص لعلاجه على نفقتها إلى أن توفي”.
وأضافت الأسرة أن المتوفى كان يعاني سوء أوضاع الاحتجاز حيث التكدس في الزنازين والتعنت، بالإضافة إلى أنه كان يعاني من ارتفاع في ضغط الدم، وبحاجة إلى علاج دوري بصورة يومية، إلا أنه ومنذ اعتقاله بتاريخ 12 مارس 2015 تم منع العلاج عنه ورفضت إدارة السجن إدخال الأدوية اللازمة له.
وبذات التاريخ توفي المعتقل عزت حسين محمد حسين السلاموني، مواليد 24 إبريل 1958، داخل مقر احتجازه بسجن ليمان طرة بعد إصابته بانسداد معوي، تم نقله على إثرها إلى المستشفى يوم الإثنين 28 يوليو 2015 بعد توقف عمل المعدة منذ السبت 25 يوليو 2015، واحتجز بالعناية المركزة داخل المستشفى لمدة ثلاثة أيام توقفت خلالها الأجهزة الداخلية لجسده تماما، وبعدها تمت إعادته إلى مقر احتجازه حيث توفي.
ويصل عدد المحتجزين الذين توفوا أو قتلوا داخل مقار الاحتجاز المصرية منذ الثالث من يوليو 2013 حتى الآن، إلى 262 محتجزا على الأقل من المحتجزين على خلفية قضايا معارضة السلطات أو قضايا جنائية على السواء، من بينهم 71 شخصا خلال عام 2015.
وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن حالات الوفاة المذكورة كانت بسبب الإهمال في إدارة مقار الاحتجاز أو التعذيب المفضي إلى الموت أو سوء أوضاع الاحتجاز، والحرمان من الرعاية الصحية والتي يزيدها سوءا التكدس.
وأضافت المنظمة أن السلطات المصرية عوضا عن فتح تحقيقات جادة في عشرات حالات الوفاة داخل مقار الاحتجاز، واتخاذ تدابير جادة لمنع تكرار تلك الجرائم، فإنها تعزز من سياسية الإفلات التام من العقاب لرجال الأمن، وفي المقابل تتوسع بشكل غير مسبوق في حملات الاعتقال التعسفي وتعديل القوانين، بما يوسع مساحة الإدانة لكل المعارضين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وأكدت المنظمة أن كثيرا من الأشخاص الذين يقبعون في السجون الآن هم معارضون سياسيون حتى وإن لُفقت لهم قضايا جنائية دون دليل أو صدرت لهم مذكرات احتجاز من قبل منظومة قضائية تعاني من التسييس والانهيار، كما أن عملية الاحتجاز لأي متهم قبل الإدانة القضائية أصبح هو الأصل في مصر على خلاف القوانين الدولية، فالسلطات المصرية تتوسع في عمليات الحبس الاحتياطي دون مبرر مما يزيد الحالة الحقوقية سوءا.
وشددت المنظمة أن كل الشواهد والدراسات حول أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز تفيد أن استمرارها على ذات السياسات كفيل بحصد المزيد من أرواح المحتجزين دون توقف.
ودعت المنظمة أمام هذا الواقع الأمين العام للأمم المتحدة واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والاتحاد الأوربي إلى اتخاذ خطوات عملية وسريعة لإنقاذ المعتقلين، وخاصة المرضى منهم والعمل على إطلاق سراح كب المعتقلين السياسيين.