تقوم حكومة الانقلاب العسكري خلال أيام قليلة بافتتاح تفريعة قناة السويس، المشروع الذي ما زالت تكتنفه الكثير من علامات الغموض حول الهدف الحقيقي منه، في ظل الاحتفاء الرسمي والإعلامي به، حيث لم تظهر له أي ملامح سوى تسهيل عبور السفن عبر تلك التفريعة، بينما لم يلاحظ الكثير المخاطر الكبرى الناجمة عن تلك التفريعة الجديدة، حسب العديد من الخبراء الذين استطلعت “رصد” آراءهم حول المشروع.
خطر عسكري
في البداية، يؤكد الدكتور مصطفى الدهشوري، أستاذ هندسة الموانئ وحماية الشواطئ بكلية الهندسة جامعة القاهرة، أن تفريعة قناة السويس الجديدة تخدم إسرائيل، خاصة أنها تفصل سيناء عن مصر لاتساع عرض القناة.
وقال الدهشوري، في تصريح لـ”رصد”، إنه من خلال بحثه وجد أن المشروع الجديد عند إضافة مساحته العرضية إلى عرض القناة الحالي سيكون 313 مترا، وهو عرض يستحيل معه وضع رؤوس جسور على طول القناة من الجانبين وذلك لقوة الأمواج، وبالتالي فإن هذا المشروع يخدم دولاً على الجانب الآخر من القناة، ربما تطمع في احتلال سيناء يوماً ما.
من جانبه، استبعد اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري، المخاطر العسكرية، لافتا إلى أن إسرائيل لن تفكر في غزو سيناء في هذه الظروف، باعتبار العلاقات الثنائية واتفاقية السلام التي تمت عام 1979 في الولايات المتحدة الأميركية.
وقال سليمان، في تصريح لـ”رصد”، إن عملية نقل القوات البرية إلى سيناء ستكون سهلة في حالة حدوث حرب، خاصة أن الإمكانيات العسكرية المصرية أقوى بكثير مما كانت عليه قبل النكسة، لافتا إلى أن الأزمة الكبرى في قناة السويس هي إدارة الجيش المصري الكاملة لها باعتبارها مشروعا مدنيا.
أضرار على المزارع السمكية
من جانبه، قال الدكتور ولي الدين عبيدة، الخبير الاقتصادي وصاحب مزرعة سمكية بالسويس، إن المشروع سيضر بأكثر من 60% من المزارع السمكية الموجودة في هذه المنطقة، والتي ينبغي على الحكومة أن تعوض المتضررين من الحفر تعويضا عادلا.
وأكد عبيدة أنه باعتباره مشروعا عاما لا يحق لأي مواطن الاعتراض عليه، فالقانون ينص على أنه إذا تعارض العام مع الخاص يقدم العام، وهنا الحكومة بقوة القانون تحفر، ولا يجوز لهم أن يعترضوا ولكن على الحكومة أن تعوضهم تعويضًا عادلاً، وإذا لم يتم تعويضهم فعليهم اللجوء للقضاء وهذا حقهم.
ضياع تنمية قناة السويس
من جهة أخرى، لفت عدد من المراقبين إلى أن مشروع التفريعة قضى على مشروع تنمية وتطوير قناة السويس الذي كان يهدف إلى جعل القناة منطقة دعم لوجيستي للسفن المارة في القناة التي تعتبر من أفضل المواقع الاستراتيجية الدولية.
وبين المراقبون أن توقف مشروع تطوير قناة السويس تستفيد منه بشكل مباشر دولة الإمارات، خاصة إمارة دبي، والتي تعتمد على لوجيستيات الموانئ البحرية في اقتصادها، حيث إن موقع قناة السويس موقع استراتيجي دولي، أفضل من مدينة دبي المنزوية في مكان داخل الخليج العربي، الذي يمكن غلقه إذا ما نشب صراع مع إيران.
أضرار بيولوجية
ونشرت عدة صحف أجنبية عن الأضرار البيولوجية عدة تقارير تشير إلى الأضرار البيولوجية المحتملة لمشروع تفريعة قناة السويس، كان آخرها التقرير الذي نشرته “الجارديان” البريطانية وأعده مراسلها باتريك كينجسلي، وأشار فيه إلى أن مخطط قناة السويس “يهدد النظام البيئي والنشاط البشري في البحر الأبيض المتوسط”، ونقل عن علماء وباحثين دوليين أن القناة الجديدة تنذر بغزو المزيد من الكائنات البحرية الضارة للبحر المتوسط عبر البحر الأحمر، ويحتمل أن يمتد الضرر المحتمل إلى المنطقة ككل، وذكر أن 18 عالمًا بيولوجيًا طالبوا بالضغط على مصر لإجراء تقييم للآثار البيئية المحتملة جراء توسيع القناة.