نشر “مجلس العلاقات الخارجية الأميركي”، تحليلًا لـ إليوت أبرامز بعنوان “إلى أين تتجه مصر؟” استهله بالإشارة إلى أن الأسبوع الماضي شهد تعليقين مثيرين للاهتمام حول الوضع في مصر؛ أولهما من روبرت سبرينجبورج، الأستاذ السابق بكلية الدراسات العليا البحرية الأميركية والمحلل بـ”معهد الشرق الأوسط”، وخطاب أرسلته مجموعة حقوقية دولية إلى جون كيري يتعلق بالأوضاع في القاهرة.
وقال أبرامز: “يسعى الجيش تحت قيادة السيسي إلى إعادة بناء دولة ناصر “البلطجية”، التي كانت في حد ذاتها إعادة بناء لنسخة محمد علي باشا.
وربما يصاحب الحظ النسخة الثالثة، ولكن ذلك في الواقع أمر غير محتمل؛ ليس فقط لأن عملية بناء دولة عسكرية صاحبها الإخفاق في المرتين السابقتين, فالقيود التي تواجه عملية بناء دولة عسكرية عام 2015 تعد أكبر بكثير من عام 1952، ناهيك عن 1805″.
وأضاف “كما لم يعد التصور عن القوة المصرية في المنطقة أكثر صعوبة فحسب، ولكن فإنه كما تشير استطلاعات الرأي، فإن غالبية المصريين يعارضون إرسال قوات إلى كل من ليبيا أو اليمن”.
وفي السياق ذاته، أشار “أبرامز” إلى أنه لم يعد هناك استقلالية -كما كان في عهد ناصر- خاصة أن الاقتصاد يعتمد على دول خليجية، وعلاوة على ذلك؛ فإن مغازلة موسكو الآن تبدو ضعفًا وليست جرأة.
وأردف: “ولا نغفل الشائعات التي تتحدث عن وجود مشاعر استياء داخل الجيش من قيادة السيسي، في وقت يتعثر فيه الاقتصاد، كما يظل الوضع السياسي في حالة من الجمود البالغ العمق.
واعتبر أن الجمهورية العسكرية -بحسب توصيفه- فرغت المؤسسات المدنية، لدرجة تجعلها لا تعمل إلا بالكاد، ويحاول الجيش في آن واحد إدارة الاقتصاد، وإعادة بناء النظام السياسي، وشن حملة مناهضة للتمرد، وتحديث قواه، ووضع سياسة خارجية ملائمة, ولكن يأتي كل ذلك يأتي دون طاقة مدنية أساسية.
ورأى “أبرامز” أن تولي الجيش مسؤولية الدولة، يجعله الطرف الخاضع للمحاسبة فيما يتعلق بالاقتصاد والأمن العام وكل شيء، مبينًا أن العلاقة بين الجيش المصري والدولة منقلبة على عقبيها؛ حيث تقدم الأخيرة تقاريرها إلى الأول وليس العكس, وهكذا؛ فإن المهمة التي تواجه مصر هي قلب تلك العلاقة، ووضع حد للأبد لخرافة أن الجيش هو صانع الدولة، بحسب ما قال.
وفي نهاية الأسبوع، أرسلت “المجموعة العاملة في الشأن المصري” رسالة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، نشر نصها موقع “بوميد”، فيما يخص المشروع المتعلق بديمقراطية الشرق الأوسط، وبدأت بدعوة كيري إلى انتهاز الحوار الإستراتيجي المقبل بين الولايات المتحدة ومصر كفرصة للضغط على الحكومة المصرية، لإنهاء حملة القمع العشوائي، والمضي قدما في استراتيجية أكثر تأثيرًا لمناهضة التطرف العنيف.
وجاء في الرسالة: “هدفنا هو محاربة المسلحين بوسائل مؤثرة باستخدام الجيش ووسائل تنفيذ القانون، مع وضع نهاية لقمع الخصوم والمنتقدين السياسيين، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والإعلام”، وبحسب الرسالة فإن “القمع يولد المظالم التي يغذي التطرف، وبالتالي سينقل مصر بعيدًا عن الاستقرار والأمن التي هي في أمس الحاجة إليهما”.
ثم جاء السؤال: “ما هي المشكلة التي تواجهها مصر؟” وتبعتها الإجابة: العنف في مصر الآن يأتي عبر ثلاث أشكال أساسية، تتزايد جميعها بنفس الوتيرة والشدة.
وقالت الرسالة: “إن العنف يأتي في شكل أولي عبر هجمات متطورة واسعة النطاق تنفذها جماعات منظمة مسلحة، أغلبها يتمركز في سيناء, والثاني يأتي من خلال اعتداءات أصغر نطاقًا وبساطة ينفذها مواطنون غاضبون أو جماعات صغيرة، والثالث هي تلك الممارسة التي تنتهجها القوات الأمنية المصرية، والتي لا تستهدف فقط المتطرفين، ولكن أيضا تجاه مناهضين سياسيين، ومنتقدين للسيسي وحكومته,وهنا يكمن الخطر”.
ومما لفتت إليه الرسالة، عنف الدولة الذي تسبب في مقتل الآلاف خلال مظاهرات، ووجود عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، والمئات من الحالات الموثقة من ممارسات التعذيب والاختفاء القسري، والاعتداءات الجنسية على معتقلين أو أفراد من ذويهم، وأيضًا القمع الحكومي للصحافة والمجتمع المدني، وكذلك المراسيم الرئاسية التي تجرم التظاهر وحرية التعبير جميعها تغلق المساحة السياسية الضرورية لمناهضة التطرف.
وأشارت إلى أنه من مظاهر عنف الدولة ما تعهد السيسي به من تعجيل لتنفيذ أحكام الإعدام صدرت ضد مواطنين في محاكمات شهد الكل بأنها مسيسة، ولا تحقق المعايير العادلة الدولية للمحاكمات، قد تزيد الوضع اشتعالًا.
وحثت الرسالة كيري على استخدام الحوار الإستراتيجي لمناقشة تلك الأمور، كما طالبه بتجنب أي امتداح غير دقيق لمصر؛ خشية أن يستغل النظام ذلك الحوار كعلامة تصديق أميركي على سياساته القمعية الراهنة.
مجلس العلاقات الخارجية الأميركي