نفذ موظفو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، في مناطق عملياتها الخمس “لبنان، الضفة الغربية، قطاع غزة، سوريا، الأردن”، اعتصامات حاشدة أمام المكاتب الإقليمية خلال الأسبوع الجاري، بدعوة من المؤتمر العام لاتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث؛ وذلك رفضًا واحتجاجًا لما ألمحت إليه بعض التصريحات غير الرسمية، والتي كشفت عن نية دائرة التعليم لدى الأونروا استمرار إغلاق المدارس في مناطق عمليات الأونروا لأربعة شهور قادمة، وتأجيل الفصل الدراسي للعام القادم، في حال استمر عجزها المالي.
وقال المفوض العام للأونروا “بيير كرينبول” -في تصريحات له- إن الوكالة تعاني من عجز مالي يقدر بمئة وواحد مليون دولار، وأنها -الوكالة- قد تضطر لاتخاذ إجراءات صعبة في حال لم يسد العجز المالي من قبل الدول المانحة.
وكانت الأمم المتحدة حذرت -في تصريحات ضمنية- من احتمال إغلاق 700 من مدارسها في منطقة الشرق الأوسط بسبب نقص الاعتمادات المالية.
وتتولى الأونروا إدارة مئات المدارس في الأراضي الفلسطينية؛ حيث توفر التعليم المجاني لآلاف الطلبة والطالبات في المرحلة الابتدائية والإعدادية.
وحذر سهيل الهندي، رئيس اتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث في قطاع غزة -في تصريحات خاصة لـ”رصد”- من أن “تقليصات الوكالة الأخيرة ستطال أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، وسيطال الضرر الأكبر قطاع التعليم”.
وقال إن “هناك مؤشرات باتت واضحة جدًا من قبل إدارة الوكالة بأنه سيتم تأجيل العام الدراسي، وذلك يعني أن نحو 500 ألف طالب فلسطيني لن يستطيعوا التوجه لمدارسهم، وسيتم إغلاق 700 مدرسة، ولن يستطيع نحو 22 ألف معلم ومعلمة ممارسة مهامهم وأعمالهم”.
واعتبر الهندي، هذه الإجراءات التي تلوح بها الأونروا ما هي إلا “حصار جديد على الشعب الفلسطيني من قبل إدارة الوكالة”، وقال: “يكفي ما يعانيه الشعب الفلسطيني من حصار، وآلام بعد حرب العام الماضي التي دمرت العديد من الجوانب الحياتية في قطاع غزة”.
وأكد أنه “سيكون للاتحاد وقفات وفعاليات على مستوى عالٍ جدًا في حال نفذت إدارة الوكالة قرارها بتأجيل العام الدراسي، معربًا عن أمله ألا ينفذ الإجراء.
من جهته، قال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس، عصام عدوان -في تصريحات خاصة لـ”رصد”، خلال مشاركته في الاعتصام الذي شهده مقر الأونروا الرئيسي في قطاع غزة-: الهدف من هذه الوقفة التي دعا إليها اتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث، تمثل كل أطياف الشعب الفلسطيني هنا في قطاع غزة.
وأوضح أن “الاعتصام يهدف لإيصال الرسالة الأولى عبر سلسلة فعاليات ستستمر، وستتواصل من أجل ثني وكالة الغوث الدولية، والمجتمع الدولي عن المضي في قرارات التقليص، التي استاء منها شعبنا في ظل ظروف هي الأسوأ في تاريخه”، وناشد الأونروا بأن تتراجع عن هذه الخطوات الكارثية التي قد تجر الويلات للمنطقة.
تحذيرات من تصفية قضية اللاجئين
وطالب “عدوان” من الوكالة استخدام دعاية سليمة، وطرق أبواب مانحين جدد من أجل إغاثة اللاجئين، وتقديم الخدمات الإنسانية لهم، والعمل على إغاثتهم، محذرًا من مخطط لإنهاء عملها وتصفية قضية اللاجئين.
ويري عبدالستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس، أن أزمة “أونروا” سياسية.
وقال قاسم: إن “عدم إيفاء المانحين بالتزاماتهم قد يكون سببه مخططات إقليمية ودولية، للحد من عمل الوكالة الأممية، ودفعها نحو إنهاء خدماتها، ما يعني تصفية قضية اللاجئين”.
وأشار أن العجز المالي، ينعكس سلبًا على تقديم الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والإغاثة للاجئين، خاصة في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2007.
طالب تقرير إسرائيلي بالإسراع في إنهاء عمل “أونروا” في الضفة الغربية، وقطاع غزة، معتبرًا التوقيت الحالي “فرصة ذهبية” لتنفيذ ذلك، في ظل أزمتها المالية.
واعتبر التقرير الذي أعده معهد الدراسات الإستراتيجية، ونشرته صحيفة “معاريف”، في يونيو الماضي، أن إنهاء عمل الوكالة كفيل بالقضاء على حق العودة، وتصفية أي أمل للاجئين في العودة إلى ديارهم.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن قرابة 1.3 مليون لاجئ، يعيشون في قطاع غزة، و914 ألفًا في الضفة الغربية، و447 ألفًا في لبنان، و2.1 مليون في الأردن، و500 ألف في سوريا، فيما تعتمد الأرقام الصادرة عن “أونروا” على معلومات يتقدم بها اللاجئون طواعية، ليستفيدوا من الخدمات التي يستحقونها، إلا أن هناك لاجئين غير مسجلين في منطقة عمل المنظمة الدولية.
الناطق باسم الأونروا في غزة، عدنان أبو حسنة، أكد أن الوكالة ستبقى إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين، مشيرًا إلى وجود أزمة حقيقية بسبب ازدياد أعداد اللاجئين ومتطلباتهم الإنسانية، كما أن المانحين لا يلتزمون بتعهداتهم المالية.
وقال: في غزة نتحدث عن 3 حروب في أقل من 6 سنوات، نعمر منزل في الحرب الأولى ثم يتم هدمه في الحرب الثانية والثالثة وهكذا، الفقر والبطالة في زيادة بفعل الحصار، كنا نقدم خدمات في عام 2000 لنحو 80 ألف لاجئ، أما الآن فقد وصل العدد إلى أكثر من 860 ألفًا، بفعل الأوضاع الاقتصادية المتردية.
واعتبر البنك الدولي، في تقرير له، اقتصاد غزة ضمن أسوأ الحالات في العالم؛ إذ سجل أعلى معدل بطالة في العالم بنسبة 43%، ترتفع لما يقرب من 70% بين الفئة العمرية من 20 إلى 24 عامًا.
وشن جيش الاحتلال، قبل عام، عدوانًا على قطاع غزة، استمر 51 يومًا، وأدى إلى استشهاد أكثر من 2200 معظمهم من المدنيين، وإصابة نحو 11 ألفًا آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وحسب إحصائية أممية، فإن عدد منازل اللاجئين التي تضررت بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير، بلغت 137 ألفًا و681 مسكنًا، تم حصر 9161 منها على أنها مدمرة كليًا.
وتعهدت دول عربية ودولية في أكتوبر 2014، بتقديم نحو 5.4 مليار دولار أميركي، نصفها تقريبًا تم تخصيصه لإعمار غزة، فيما النصف الآخر لتلبية بعض احتياجات الفلسطينيين، غير أن عملية الإعمار وترميم آثار ما خلّفته الحرب، تسير بوتيرة بطيئة جدًا عبر مشاريع خارجية بينها أممية، وأخرى قطرية.
تأسست الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، مسجلين لديها في مناطق عملياتها الخمس بالأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمحنتهم، وتشتمل خدمات الوكالة التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة، وتحسين المخيمات، والإقراض الصغير.
وتقول الوكالة الأممية إن التبرعات المالية لم تواكب مستوى الطلب المتزايد على الخدمات الذي تسبب به العدد المتزايد للاجئين، وتفاقم الفقر والاحتياجات الإنسانية، خصوصًا في قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا منذ ثماني سنوات.