شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الجزيرة: إيران تتعامل مع الثورات العربية بازدواجية وحذر من الديمقراطية

الجزيرة: إيران تتعامل مع الثورات العربية بازدواجية وحذر من الديمقراطية
جاء في تقرير الجزيرة، أن إيران رحبت في البداية بالربيع العربي في مرحلتيه التونسية والمصرية، ووصف مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي، تلك الثورات بالصحوة الإسلامية.

نشر موقع “الجزيرة نت”، تقريرًا مفصلًا عن الموقف الإيراني من التغيرات السياسية التي تحدث في معظم الدول العربية، وجاء فيه أن السياسة الإيرانية تتسم بالازدواجية الواضحة في تعاطيها مع كثير من الأحداث على الساحة الإقليمية والدولية.

قال التقرير: التغيرات السياسية التي عصفت بالمنطقة العربية منذ نهاية 2010، أو ما يعرف بـ”الربيع العربي” دلالة جليّة على ذلك، فكان الموقف الإيراني مرتبكًا إلى حد كبير؛ حيث أيدت طهران بعض هذه التغيرات السياسية ورحبت بها، ولكن ما إن وصلت موجة التغيير إلى حليفها السوري حتى تغير الموقف وعملت على الفصل بين جميع الثورات العربية من جانب، والثورة السورية.

إيران والثورة السورية

جاء في تقرير الجزيرة، أن إيران رحبت في البداية بالربيع العربي في مرحلتيه التونسية والمصرية، ووصف مرشد الجمهورية الإيرانية، على خامنئي، تلك الثورات بالصحوة الإسلامية وقدمها كامتداد للثورة الإيرانية، وكانت تقديرات إيران في هذه المرحلة ترى في الربيع العربي ثورة على النظم القمعية الموالية للغرب، وهي نقطة التقاء أساسية بين الثورة الإيرانية وثورات الشعوب العربية في مصر وتونس.

بيد أن وصول قطار الثورات للمحطة السورية، أربك الحسابات الإيرانية -حسب تقرير الجزيرة- وجعلها وجهًا لوجه أمام استحقاقات الربيع العربي على أكثر من صعيد، فمع الثورة في سوريا اتضح لإيران بشكل لا لبس فيه مركزية المطلب الديمقراطي في الحراك الشعبي ومعه التأكيد على أن المقاومة والممانعة لا تبرر البقاء تحت نير الاستبداد، ولا تغني عن دفع أثمان الاستحقاق الديمقراطي.

واتضح لها أيضًا أن عهد تسلط الأقليات والطوائف والأقوام على بقية مكونات الشعب بالقوة والإكراه قد ولى، وأن النفوذ المؤسس -في أوضاع استثنائية- على معادلات خرافية لا تحترم الحقائق على الأرض لا مستقبل له، وهي رسائل مزعجة تتعدى الوضع السوري إلى الداخل الإيراني بنية ومشروعًا.

وعلى هذا الأساس، اعتبرت إيران المحطة السورية من الثورات العربية نقطة تحول في التعاطي مع الربيع العربي الذي أعلنت ضده حربًا مفتوحة.


تغير المحاور السياسة بالمنطقة

أضاف التقرير، أن قبل الربيع العربي كانت المنطقة منقسمة إلى محورين، هما محور الممانعة ومحور الاعتدال، وكان الموقف من القضية الفلسطينية هو العامل الأساسي في الفرز بين دول الإقليم، وفي هذا المرحلة كانت إيران تحتل موقعًا رياديًا في محور الممانعة.

وأشار التقرير، إلى أن الأمر تغير في مرحلة ما بعد الربيع العربي الذي قوض نظمًا استبدادية وبشر بتحولات ديمقراطية عميقة، فقد كانت المنطقة من جديد على موعد مع فرز آخر؛ حيث انقسمت دولها إلى محورين هما: محور الديمقراطية التي تنادي بها الشعوب الثائرة، ومحور الاستبداد التسلطي الذي ترعاه الأنظمة المستبدة.

وقد اجتمعت عوامل عديدة في دفع إيران إلى التموقع في محور الاستبداد التسلطي، بل النزول بكامل ثقلها في قيادة الثورة المضادة للربيع العربي وما يرمز إليه.

ما قبل الربيع حازت إيران تعاطفًا كبيرًا في الشارع العربي كدولة فاعلة في محور الممانعة مؤيدة للمقاومة ومعادية للصهاينة، لكنها خسرت كل هذا التعاطف في مرحلة ما بعد الربيع العربي، عندما حاربت تطلعات الشعوب في الحرية، مما أفقد إيران الدولة والمشروع تألقها الأخلاقي والثوري.

إيران المستبدة

وتطرق التقرير للحديث عن النظام الإيراني فجاء فيه أن النظام السياسي في إيران يمثل واحدًا من أكثر الأنظمة استبدادية وانغلاقًا في العالم؛ حيث احتلت إيران في إصدار 2011 من مؤشر الديمقراطية الدولي المرتبة 159 وبقيمة ديمقراطية بلغت 1.99 فقط، متشاركة في هذا الترتيب والقيمة مع سوريا.

وأضاف التقرير “لقد تحولت حركة التحرير الاجتماعي التي قادت الثورة الإيرانية عام 1979م وشاركت فيها مختلف تيارات وفئات المجتمع الإيراني إلى ديكتاتورية دينية لا تقل بشاعة عن ديكتاتورية الشاه، وهي ديكتاتورية غيبت التنوع الإيراني سياسيًا ومذهبيًا وقوميًا، فلا حريات ولا صحافة حرة ولا أحزاب ولا مجتمع مدنيًا حقيقيًا؛ حيث تم القضاء على كل هذه المظاهر لصالح خلطة عجيبة من رتوش ديمقراطية تجمل نظامًا كهنوتيًا غير مسبوق في تاريخ الإسلام السني والشيعي على حد سواء.

وإطلالة سريعة على مؤسسات السلطة في النظام الإيراني تبين بوضوح هذه الحقيقة؛ حيث يمكن تحديد نوعين من المؤسسات:

– سلطة فوق دستورية تتربع على عرشها مؤسسة الولي الفقيه بصلاحيات مطلقة وذات قداسة، وتأتي بعدها مؤسسات تابعة مثل: مجلس خبراء القيادة، مجلس صيانة الدستور، مصلحة تشخيص النظام، والحرس الثوري.

– سلطة شبه ديمقراطية كحالة إدارية بيروقراطية، تتسم بضعف الصلاحيات والخضوع لضغوط المؤسسات الفوق دستورية، وتمثلها السلطة التنفيذية: الرئيس المنتخب والوزراء، والسلطتان التشريعية والقضائية.

الديموقراطية.. عقدة إيران

جاء في التقرير -ضمن الحديث عن خوف إيران من الديموقراطية- أن ملالي إيران لا يستطيعون تأمين احتكارهم واستبدادهم إلى ما لا نهاية، فالأجيال الإيرانية الشابة لن تستطيع -رغم التنشئة العقائدية على الطريقة الكورية- أن تتنكر لعصرها الذي يرفض الاستبداد التسلطي ويتشوف للحرية والمشاركة الشعبية، وهذه الأجيال التي تراقب ما يجري في المنطقة والعالم لن تقبل أن تظل مغيبة إلى ما لا نهاية. 

وأضاف أن إيران التي عرفت أول ثورة دستورية في الشرق الأوسط “المشروطية” عام 1906م، والتي نادت بالدستور والحريات وتحديد صلاحيات الحاكم ستلتحق بركب الشعوب المنادية بالحرية وإنهاء التسلطية، وهي تعيش منذ العام 2009 -بعد تزوير الانتخابات الرئاسية- تفاعلات عميقة في هذا الاتجاه، ناهيك عن دور المعارضة من خارج النظام، وحركة الاحتجاج في الأقاليم المهمشة والقوميات المضطهدة، ثم جاءت أجواء الربيع العربي وأعطت زخمًا هائلًا لحركة الشعوب في الإقليم نحو التحرر، وهذا ما يزعج النظام الإيراني إلى أبعد الحدود.

إن النظام الذي كان يفاخر بهويته ومؤسساته غدًا اليوم في عزلة سياسية وإقليمية قاتلة – حسب التقرير –  ففي جواره التركي، تهاوت وصاية الجيش الكمالي لصالح ديمقراطية حقيقية أفرزت تجربة إسلامية مدنية ناجحة سياسيا وتنمويا. وفي الجوار العربي اندلعت ثورات الشعوب تطالب بالديمقراطية وحكم المؤسسات، وفي القلب من هذا الحراك الديمقراطي تيارات إسلامية تؤمن بالتعددية وترفض أي وصاية عسكرية كانت أم كهنوتية. 

هذا المناخ المقلق جاء في وقت عجز فيه النظام الإيراني عن بناء نهضة اقتصادية تستر عورة استبداده، كما عليه الحال في سنغافورة والصين، وكان عنصر الجذب الوحيد الذي يحشد الدعم الشعبي للنظام هو البرنامج النووي، وإيران في طريقها للتنازل عنه على طريقة القذافي وبشار من أجل إبقاء النظام.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023