على أطراف قرية الماسورة بشمال سيناء، وفي محيط أكبر مساجدها، تجد الأطفال يلعبون بجوار دكاكين يتردد عليها الأهالي للشراء أو لتبادل الحديث، قد يبدو المشهد طبيعيًا، غير هذا الصوت الذي يصدر بين الحين والآخر من مئذنة مسجد القرية فيترقب الجميع في خوف ما يحمله هذا الصوت من أنباء عن سقوط ضحية جديدة تضاف لضحايا كمين الماسورة.
ارتكاز أمني
كمين الماسورة هو أحد أهم الارتكازات الأمنية علي الطريق الدولي بين مدينتي رفح والشيخ زويد، ويقع علي مدخل قرية الماسورة بمدينة رفح المصرية، قبل بدء العمليات العسكرية كان دور كمين الماسورة يقتصر فقط علي تنظيم مرور السيارات عبره، وفحص هويات الركاب وكان تواجد أفراد الجبش فيه محدودًا.
قناص فوق المأذنة
ومع بداية العمليات العسكرية، عززت قوات الجيش تواجدها بالكمين وإحاطته بالكثبان الرملية، وضمت “مسجد الماسورة” وهو أكبر مساجد القرية لمحيط الكمين واحتل قناصًا للجيش مأذنة المسجد ليراقب من خلالها المنطقة، نظرًا لارتفاعها بهدف تحقيق السيطرة الأمنية للجيش علي المنطقة .
غير أن طلقات الكمين وقناصه كانت غالبًا ما تخطيء هدفها فتصيب أهالي القرية بدلًا من التكفيريين.
طلقة عشوائية
غزال محمد “مطلق”، أحدث ضحايا الكمين والتي لقت مصرعها في 12 يونيو الماضي، يروي “ه.م الأرميلي”، أحد أقاربها تفاصيل مقتلها قائلًا “أثناء مرورها بجوار الكمين مرت حملة أمنية أطلقت الرصاص العشوائي، فأصيبت غزال برصاصة في بطنها وتوفيت قبل أن تصل للمستشفي”.
وأضاف “قبل مقتل غزال بعشرة أيام كان بن عمي سليمان عودة، يقف أمام دكانه ينقل بضاعة من السيارة للمحل ومعه مجموعة من العمال فاشتبه فيهم قناص المأذنة، فأطلق الرصاص نحوهم فأصيب بطلقة قتلته أمام دكانه، قناص المأذنة لا يتفاهم يطلق الرصاص المباشر علي من يشتبه فيه”.
القناص يقبض أرواح الأطفال
أيضًا حصل أطفال القرية على نصيبهم من طلقات قناص المأذنة العشوائية، بعضهم أصيب أثناء ذهابهم لمدارسهم كالطفل طارق سعيد الصياح، الذي أصيب في إبريل الماضي، وبعضهم يقتلهم الرصاص وهم يلعبون كالطفلة نرمين عبايدة، خمس سنوات والتي لقت مصرعها في فبراير الماضي برصاص قناص المأذنة وهي تلعب بالقرب من المسجد وحسب ما أكده أحد أقارب الطفلة، أنه عقب مصرعها حملها والدها وتوجه بها للكمين وظل يصرخ فيهم “ماذا فعلت لكم هذه الطفلة لتقتلوها برصاصكم”.
قصف يومي
ويقصف كمين الماسورة بشكل يومي قري جنوب رفح والشيخ زويد فتتساقط القذائف على منازل الأهالي فيسقط الأهالي بين قتيل ومصاب، ومن ضحايا القصف العشوائي للكمين الطفلة ندا سليمان عطا، التي لقت مصرعها عقب اصابتها بقذيفة مدفعية أطلقها كمين الماسورة في فبراير الماضي.
ويقول أبو عوني المنيعي، من سكان قرية المهدية، إنه “رغم أننا في الشهر الكريم إلا أن الكمين مستمر في قصفه العشوائي، صوت خروج القذيفة وحده يرعب الصغار فكيف بمن تسقط عليهم، ولا ندري رغم كل هذا كيف يصل المسلحون للكمين ويصيبوا العساكر والظباط”.
عامان من العمليات العسكرية لم يتوقف خلالهما كمين الماسورة من إطلاق رصاصه العشوائي وقصفه للمدنيين ورغم استمرار سقوط الضحايا في محيطه، لا يزال الأهالي متمسكون بوجودهم في قريتهم ويواصل الأطفال لعبهم بجوار مسجد قريتهم غير مهتمين بالموت الذي يحمله لهم قذائف الكمين وطلقات قناصه.