أثارت سلسلة الإعدامات، التي نفذها “تنظيم الدولة”، خلال الأيام الماضية، موجة من الرعب والغضب بين سكان مدينة الموصل “شمال العراق” التي يسيطر عليها التنظيم منذ أكثر من عام.
وذكرت وكالة الأناضول، أن خبراء في شؤون الجماعات المسلحة، اعتبروا أن الضربات الموجعة للتنظيم جعلته يتفنن بطرق الإعدام، لترهيب السكان وإلقاء اللوم على آخرين.
قام التنظيم، الأربعاء الماضي، بعرض فيديو عنونه بـ”وإن عُدتم عُدنا”، عبر شاشات كبيرة في النقاط الإعلامية، التي خصصها التنظيم لنشر إصداراته وبث تعليماته في أربعة مراكز، على جانبي الموصل الأيمن “الغربي” والأيسر “الشرقي”، على ضفتي نهر دجلة، الذي يقسم المدينة إلى قسمين.
وتجمع العشرات من السكان لمتابعة الإصدار، رغم تحذيرات القوات الأمنية العراقية، بأن هذه النقاط الإعلامية عرضة للقصف الجوي، من قبل طائرات التحالف المناهض لـ”تنظيم الدولة”.
ونشر التنظيم -على مواقعه- تسجيل الفيديو “وإن عُدتم عُدنا”، الذي تضمن عملية إعدام جماعية لـ15 عنصرًا من الشرطة أعادوا تشكيلاتهم، تحت مسمى الكتائب، كانت مهمتهم تزويد القوات العراقية بمواقع التنظيم لقصفها، بحسب ما ادعاه التنظيم في المشهد.
واعتمد التنظيم طريقة إخراج هوليوودية لإعدامهم؛ حيث فجر ثلاثة منهم عجلة “دراجة” كانوا يستخدمونها في واجباتهم، في حين أدخل خمسة آخرين في قفص حديدي مقفل، قبل إغراقهم في المسبح الأولمبي، بمنطقة الجوسق، جنوبي الموصل، ثم ربطت أعناق سبعة آخرين بحبل، وفجرت قنبلة تتوسطهم، ما حولهم إلى أشلاء.
كما أقدم التنظيم على إعدام 14 آخرين، 5 منهم في قضاء تلعفر، ذي الغالبية التركمانية غرب الموصل، و9 آخرين في الموصل نفسها، الخميس الماضي، بطرق وأساليب مشابهة لتلك التي نفذها من قبل، بحسب مصدر إعلامي كردي وناشط من داخل الموصل.
ويقول محمد الحيالي، من سكان الموصل، في اتصال هاتفي مع الأناضول، إن “حديث السكان اليوم يدور حول الطريقة البشعة التي نفذ بها التنظيم طريقة الإعدام”.
وأضاف، أن “الجميع كانوا رافضين لأساليب الإعدام تلك”، منوهًا أنه “ما باليد حيلة، فالتنظيم جثم على صدورنا، أمام صمت الحكومة، وأكاذيبها في قرب معركة تحرير الموصل، ونحن نخسر العشرات من أبناء المدينة يوميًا”.
ورأى بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أن أسلوب إعدام المتهمين بالتجسس، رسالة لمن يتهم أهالي الموصل بالتعاون مع “تنظيم الدولة”، وأن العيش في ظله يروق للسكان، ويدحض حججهم.
وأكد أن “المدعو أياد حامد الجميلي، ضابط الأمن السابق، هو منسق عام الولايات التابعة للتنظيم في العراق، وهو المشرف على ملف “الشعبة الأمنية” و”التحقيقات”، وهو من باشر هذه الإعدامات الوحشية، وفي معيته تركمان من تلعفر، وضباط أمن من منطقة الشورة والقيارة جنوب الموصل، ولذلك جاءت عمليات الإعدام الأخيرة متشابه مع حقبة البعث، إعدام بالغرق وتفجير الأجساد بالمتفجرات وحرق”.
وارتفعت نسبة الإعدامات بالموصل في الفترة الأخيرة، بعد حصار مفروض على المدينة، التي عزلت عن باقي المحافظات العراقية منذ سيطرة التنظيم على المدينة في العاشر من يونيو 2014.
الإعدامات العلنية لجأ إليها التنظيم في الفترة الأخيرة بعد أن كان ينفذ أغلبها داخل محكمته الشرعية ويكتفي بتسليم جثثهم إلى الطب العدلي.
عمليات الإعدام في الغالب كانت تتم بتوجيه طلقة نارية أو عدة طلقات في الرأس أو في الرأس والصدر، ثم تطورت الحال بالإعدامات التي ينفذها التنظيم في الوقت الحاضر.
وشهدت الموصل حالات عديدة بإعدامات علنية، كانت بدايتها في الأشهر الأولى من سيطرة التنظيم على الموصل؛ حيث أعدم التنظيم العقيد عيسى الجبوري، آمر الفوج الخامس بشرطة نينوي، علنًا أمام الناس، وضمن الرقعة التي كان يشرف عليها أمنيًا.
وعملية إعدام الجبوري، ضمنها التنظيم إصداره بعد مرور عام على سيطرتهم على الموصل، فضلًا عن استغلال مبنى شركة التأمين الوطنية، وهو أعلى مبنى حكومي، لإلقاء المخالفين ومن تصدر بحقهم أحكام من قبل المحاكم الشرعية للتنظيم.
وأكد عميد متقاعد أن “التنظيم يتهاوى ويحاول أن يبث الأمل في مرتزقيه، بإقناعهم أنه قادر على الصمود، وما طرق القتل الوحشية، إلا دليل على ذلك، فالموت بالإغراق والتفجير أو بإطلاق قذيفة على سيارة هو واحد، بالنسبة لمن مات، ولكن الرسالة هي بث الرعب فيمن بقي”، مستدركًا “لن ينالوا ذلك أبدًا”.