على امتداد 36 سنة من عمر “الثورة الإسلامية”، والجمهورية الإيرانية تعيش حالة من الخصومة والصداقة في آن واحد مع عدد من الدول العربية، فانفجرت حرباً طاحنة مع العراق وقت الحكم البعثي لصدام حسين، وعلاقة حميمية مغايرة مع سوريا.
وتقيم السلطنة مع إيران علاقات مميزة تفتقد إليها باقي الدول العربية الخليجية، ولا تشارك عمان في العملية العسكرية التي يشنها التحالف العربي بقيادة الرياض في اليمن، والتي اعتبرتها إيران “خطرة”، مما أدى إلى زيادة التوتر في المنطقة.
اليمن
أما علاقة اليمن بإيران فلم تكن سوى انعكاس طبيعي لعلاقة النظام الحاكم في صنعاء حينها مع نظام حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في بغداد، والذي كانت تجمعه علاقة قوية بنظام صنعاء، وصل إلى مراحل متقدمة تمثلت في وقوف اليمن ودعمه المباشر للعراق في حربه الضروس مع إيران حينها بين عامي 1980 و1988.
وشهدت العلاقات اليمنية الإيرانية حالتي مد وجزر شديدتين، تميزت حالة الجزر فيها بأنها كانت السائدة والأكثر بروزاً، خاصةً بعد اندلاع المواجهات المسلحة بين جماعة الحوثي “الشيعية” المتمردة في محافظة صعدة شمال اليمن وقوات الجيش اليمني في يناير 2004.
وكان لإيران موقف داعم للميليشات الحوثية في اليمن خاصة في المعارك الأخيرة، إذ بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء فتحت خطا جويا على مدار اليوم بين البلدين.
موريتانيا
وترى طهران في توجهات ولد عبد العزيز، رئيس موريتنيا، فرصة ذهبية لتثبيت قدميها في شمال إفريقيا وغربها بعد أن فتحت لها نواكشوط الباب.
وفي عام 2011، كانت أول زيارة لرئيس إيراني لموريتانيا، إذ اتجه أحمد نجاد إلى نواكشوط، وقام الرئيس الإيراني بزيارة خاطفة لنواكشوط استغرقت عدة ساعات، ردد فيها شعاراته المعتادة لكنه ربط هذه المرة بين تقارب بلاده مع موريتانيا والحرب ضد رأس المال العالمي.
وسبق أن أعلن في العاصمة الموريتانية نواكشوط عن تشكيل فريق صداقة برلمانية بين موريتانيا وإيران والذي يتكون من 22 عضوا برلمانيا من البلدين، وبعد مرور عدة أشهر على تشكيل فريق الصداقة البرلمانية الموريتانية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني تشكل فريق الصداقة مع إيران في البرلمان الموريتاني.
وفي إبريل الماضي، دعا النائب البرلماني الموريتاني محمد ولد أحمد سالم إلى قطع العلاقات مع إيران.
سوريا
نظرًا للتقارب المذهبي، تشكل إيران وسوريا حلفا استراتيجيا قويا في المنطقة منذ الثورة الإسلامية في إيران، فلم تقف سوريا ضد إيران أثناء حربها مع العراق.
واستمر التعاون السوري الإيراني في مختلف المجالات، وتعززت هذه العلاقات إلى حلف استراتيجي بعد استلام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس بشار الأسد الحكم في بلديهما، كما يتشارك البلدان مصالح حيوية اقتصادية وعسكرية مشتركة.
ومنذ انطلاق ثورة الشعب، تجد أن الأيادي الإيرانية موجودة وبقوة داخل سوريا، ناهيك بالمدد الذي سبق الثورة السورية، الذي تمثل بإرسال عدد من شحنات الأسلحة الإيرانية إلى دمشق، بعضها اكتشف من قبل السلطات التركية التي أجبرت ولثلاث مرات متتالية طائرات إيرانية متجهة إلى حلب من الهبوط وتفتيشها، والبعض الآخر تناقلته وسائل إعلام أجنبية ووثائق.
العراق
لم تتوفر فرصة للإيرانيين لبسط هيمنتهم على العراق كما حصل بعد عام 2003، فقد دفعت إيران بكل قوتها لتثبيت أركان العملية السياسية في العراق، ولم تتردد الحكومة في طهران في مباركتها لأول تشكيل حكومي بعد الغزو الأميركي، والمتمثل في مجلس الحكم الانتقالي الذي شكله الأميركي بول بريمر منتصف يوليوز 2003.
وحرصت الحكومة الإيرانية على دعم الحكومات المتلاحقة في العراق بعد 2003، والدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 15 أكتوبر 2005، ولم يتردد الرئيس الإيراني في زيارة بغداد المحتلة من قبل القوات الأميركية في الثالث من مارس 2008، ولقاء المسؤولين الحكوميين في بغداد تحت حماية القوات الأميركية، بهدف دعم الأحزاب الحاكمة والمدعومة من إيران.
الصومال
بدأت ملامح تدخل إيران في الصومال، حينما شنت حربا ضد حركة الشباب المجاهدين في الصومال، وبعدها أعلن أعلن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمساعدة في تحسين الأوضاع بالصومال.
وفي 2010 وقّع البلدان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين إيران والصومال، وتعهد فيها الجانب الإيراني بالمساهمة في إعادة الاستقرار إلى الصومال وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى الصومال.
ومؤخرًا أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان، أن إيران مستعدة للتعاون مع حكومة وشعب الصومال في جميع المجالات خاصة محاربة الإرهاب والتطرف.