قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن إدارة الرئيس باراك أوباما، بعثت بتقرير رسمي إلى الكونجرس، يتضمن انتقادات لمصر، لكنه يوصي في الوقت ذاته باستمرار المساعدات الأمريكية- ومعظمها عسكرية- والتي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويًا.
وشملت الانتقادات التي تضمنها التقرير، “الابتعاد عن الديمقراطية” و”خنق حرية التعبير” و”اعتقال الآلاف من المعارضين السياسيين” و”عدم مساءلة القوات الأمنية “على حالات “القتل غير المشروعة”.
وأضافت الصحيفة، في تقريرٍ لمدير مكتبها بالقاهرة، ديفيد كيرك باتريك، “خلصت الإدارة في ذات التقرير إلى أن مصر بالرغم من ذلك، دولة مهمة جدًا بالنسبة للأمن القومي الأمريكي، بما لا يمكن معه إنهاء المساعدات السنوية”.
وقال التقرير- الذي قُدِّم دون ضجة إعلامية، إلى نواب الكونجرس في 12 مايو الماضي- “بالرغم من أن مصر نفذت بعض الإصلاحات الديمقراطية، لكن المسار العام للحقوق والديمقراطية كان سلبيًا”.
وأضاف التقرير- المكون من 6 صفحات- أن نشطاء حقوق الإنسان وغيرهم من نشطاء المجتمع المدني اشتكوْ من “انكماش مطرد في مساحة المعارضة السياسية”، ما يدفعهم لتوخي الحذر البالغ في نشاطاتهم أو يجبرهم على مغادرة البلاد، لافتًا إلى أن الشرطة وأجهزة الأمن لا تتعرض للمحاسبة في انتهاكات حقوق الإنسان، إلا “في حالات نادرة”.
من جانبها؛ اعتبرت نيويورك تايمز، التقرير كاشفًا لحالة الإحراج التي تنتاب واشنطن حيال تحولاتها السريعة تجاه الأحداث في مصر، بداية من مساندة مبارك، ثم دعم ثورة 2011 التي أطاحت به، والآن إعادة بناء روابط مع عبد الفتاح السيسي، الذي وصفته الصحيفة بـ “الطاغية الجديد”.
ومضت تقول، “إن الدبلوماسيين الغربيين يسعون على نحو متزايد لتحقيق الأفضل من علاقاتهم مع السيسي، الذي قاد حركة السيطرة على السلطة منذ عامين، وعزل الرئيس المنتخب، حتى بالرغم من كثرة التقارير التي تتحدث عن تشديد حكومة السيسي قمعها على المعارضة”.
واتهمت سارة ليا ويتسون- مديرة هيومن رايتس ووتش بمنطقة الشرق الأوسط- إدارة أوباما بتجاهل الانتهاكات الحقوقية، حتى بالرغم من اعترافها بسجل طويل من أسوأ الانتهاكات؛ بحسب يو إس نيوز.
لكن إيمي هاوثورن- الباحثة البارزة، بـ “أتلانتك كاونسل”، والموظفة السابقة بالخارجية الأمريكية- قالت “إن الإدارة كانت تستطيع أن تجعل التقرير مبهمًا أو سريًا لكنها فضلت على الأقل أن تعرض بعض الانتقادات، مفسرة ذلك “بأنهم لا يفعلون مثلما كانت واشنطن تفعل مع نظام مبارك، من محاولة الإشادة بالنظام المصري إثر خطوات شكلية، أو عبر التقليل من انتهاكات حقوقية خطيرة”.
وتحدثت صحيفة ميدل إيست مونيتور عن التقرير بالصيغة ذاتها التي وردت في صحيفة نيويورك تايمز، لكنها اختارت عنوانا نسبت فيه القول إلى الرئيس أوباما: “السيسي يأخذ مصر بعيدًا عن الديمقراطية”.
وسارت صحيفة دويتشه فيلا الألمانية على نفس المنوال مستخلصة أن التقرير– الذي أعده وزير الخارجية جون كيري- يعكس “تحولا سريعا” في آراء واشنطن تجاه القاهرة، كما ربطت الصحيفة بين تقارير منظمات حقوقية– مثل هيومن رايتس ووتش– وتقرير إدارة أوباما، مشيرة أن الانتقادات كثرت في الآونة الأخيرة بسبب تجاوزات حكومة السيسي.
وأشارت نيويورك تايمز، إلى أن متحدثين عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية في القاهرة، لم يستجيبوا لطلبات التعليق.
وفي المقابل، ثمَّن تقرير إدارة أوباما للكونجرس، الجهود المصرية في إصلاح الاقتصاد، عبر البدء في تخفيض الدعم، وزيادة الضرائب، وتحسين مناخ التجارة والاستثمار، بما في ذلك المشروعات الأمريكية بمصر.
ولأن مصر هي أكثر الدول العربية من حيث عدد السكان وصاحبة ريادة بالمنطقة، رأت الإدارة الأمريكية أن نجاحها أو فشلها يؤثر على توقعات السلام والاستقرار والديمقراطية والنمو الاقتصادي عبر منطقة الشرق الأوسط.