منذ أحداث 30 يونيو وعزل الرئيس محمد مرسي، فرضت العديد من الدول حصارًا خارجيًا علي مصر، وعمل قائد الانقلاب العسكري، السيسي، على كسر هذا الحصار بالزيارات الخارجية وتقديم التنازلات للدول الغربية وخاصة الأوروبية لكسر هذا الحصار.
الجزائر البداية
وبدأت زيارات السيسي الخارجية إلى الجزائر عكس المتوقع، فرغم أن الجزائر احتلت المحطة الأولى في جولات السيسي الخارجية، إلا أنها جاءت على خلاف ما توقعه المصريون منه، لاسيما وأنه وعد عندما كان مرشحًا للرئاسة خلال حواره بأحد البرامج التليفزيونية بأن تكون السعودية أولى زيارته.
وكانت هناك العديد من الأسباب دفعت السيسي إلى أن يجعل الجزائر أول محطاته، حيث الملف الأهم وهو ليبيا، وسعى السيسي لدفع الجزائر إلي المعسكر المؤيد للتدخل العسكري في ليبيا، ومحاصرة الإخوان المسلمين، وهو ما رفضته الجزائر، مؤكدة علي ضرورة أن يكون الحل في الحوار، كما رفضت إقصاء الإخوان المسلمين، خاصة أنهم أحد القوى السياسية الكبرى في الجزائر.
كما سعى السيسي خلال الزيارة للحصول على الغاز الجزائري لمواجهة انقطاع الكهرباء، ودعم الجزائر لمصر في العودة للأتحاد الأفريقي الذي خرجت منه مصر بعد الانقلاب.
غينيا الإستوائية والقمة الإفريقية الـ23
وكثف السيسي زياراته الأفريقية من أجل العودة إلي الاتحاد الأفريقي وكسر الحصار الدولي المفروض عليه، وجاءت مشاركة السيسي في أعمال الدورة الـ 23 لمؤتمر القمة الإفريقية، التي عقدت في 26 يونيو الماضي، تحت شعار “عام 2014 للزراعة والأمن الغذائي”، في محاولة منه للعودة إلى الاتحاد الأفريقي.
السودان وملف حوض النيل
وزار قائد الانقلاب، السودان مرتين، حيث حظت السودان بأهمية كبيرة، في ظل أزمة مياه حوض النيل، حيث قام السيسي بزيارتها يوم 28 يونيو العام الماضي.
وهدفت زيارة السيسي للسودان إلى الاطمئنان على صحة الرئيس عمر البشير، وتهنئته بنجاح العملية الجراحية، التي أجراها مؤخرًا من ناحية، ومناقشة تطور أوضاع المنطقة خاصة ما يتعلق بليبيا وسوريا والعراق وجنوب السودان، فضلاً بحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، ومبحث ملف أزمة سد النهضة، حسبما أشار أسامة شلتوت، سفير مصر بالخرطوم، وخرجت العديد من المظاهرات الرافضة لزيارة السيسي في ذلك الوقت.
وكرر السيسي زيارتة للسودان منذ أيام، حيث شارك في حفل تنصيب البشير رئيسًا للجمهورية.
وواجه السيسي في زيارته إلى الخرطوم للمشاركة في تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير لفترة رئاسية جديدة، تظاهرات ووقفات، ودعوات وصلت إلى المطالبة بطرده من السودان.
ونظم متظاهرون سودانيون مؤيدون للرئيس الأسبق محمد مرسي وقفة احتجاجية في مسجد جامعة الخرطوم، تنديدًا بالزيارة ورفضًا لها.
ورغم اختيار المحتجين أحد المساجد لتنفيذ وقفتهم، فإن الشرطة السودانية رفضت السماح لهم بالخروج منه والاتجاه إلى أي جهة أخرى.
وردد المحتجون هتافات تطالب بطرد السيسي منها: “يسقط يسقط حكم العسكر”، و”يا سيسي إطلع برة.. السودان دولة حرة”.
كما رفعوا شعارات رابعة وصور الرئيس محمد مرسي وطالبوا بعودة الشرعية، كما أعلنت الحركة الإسلامية السودانية رفضها مشاركة السيسي في حفل تنصيب البشير رئيسًا للجمهورية، وأكدت أنها ستناهض حضوره إلى السودان، ولن ترحب بمقدمه.
وقال جابر حمد سليمان القيادي بالحركة الإسلامية السودانية لصحيفة “الراكوبة” السودانية: “لن نرحب بالسيسي الذي سفك الدماء في فض اعتصام ميدان رابعة والنهضة”، وأكد أن الحركة الإسلامية ترفض حضور ومشاركة عبدالفتاح السيسي في حفل تنصيب المشير البشير رئيساً للجمهورية.
زيارة السعودية
وجاءت بعد ذلك زيارة السيسي للسعودية، حيث حظيت باهتمام كبير، وتعتبر السعودية أهم الدول الداعمة للانقلاب في وقتها، حيث عمل السيسي علي تعميق علاقاته مع السعودية من أجل الحصول علي المساعدات ودعم الإطاحة بالرئيس محمد مرسي.
روسيا وكسر الحصار
وبعد زيارات السيسي الأفريقية، بدأ السيسي في زيارته لروسيا في محاولة منه لكسر الحصار الدولي المفروض عليه، ولاقي ترحيبًا واسعًا في روسيا، في ظل سياسة بوتين الداعمة للأنظمة القمعية، ومحاولة لكسبه إلى المعسكر الروسي.
كما تعاقد السيسي علي عدد من صفقات الأسلحة في محاولة من السيسي لكسب الدعم الروسي عن طريق المال الخليجي.
إيطاليا واستغلال ليبيا
وبدأ السيسي في استغلال الملفات الإقليمية للعودة لأوروبا، حيث استغل الملف الليبي وتوجيه الضربات للإسلامين في ليبيا لكسب الدعم الإيطالي، وذلك في زيارة سريعة استغرقت يومين وركزت على التعاون، فيما يتعلق بالوضع فى ليبيا.
وزار السيسى الفاتيكان خلال وجوده في إيطاليا، والتقى البابا فرانسيس في أول زيارة يقوم بها رئيس مصري للمقر البابوي منذ 8 سنوات.
وفي محاولة لكسر الحصار الأوروبي عليه، عمل السيسي على استغلال أموال الخليج التي حصل عليها لعودة علاقاته مع دول أوروبا.
فرنسا وصفقات الطائرات
وأكد خبراء ومحللين أن زيارة السيسي لفرنسا بعد تعهده بشراء طائرات رافال التي لم تستطع فرنسا تسويقها وشراء بعض الأسلحة والتي تعد مكسبًا لفرنسا بعد أن فشلت في تسويق هذا السلاح.
واتفق السيسى خلال زيارته إلى فرنسا، والتي التقى خلالها الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند، على تفعيل عدة مشروعات واستثمارات فرنسية فى مصر بقيمة 796 مليون يورو، كما وجه دعوة للرئيس الفرنسي لزيارة مشروع قناة السويس الجديدة العام المقبل.
زيارة ألمانيا وصفقة الطاقة
وتعد زيارة السيسي لألمانيا من أكثر الزيارات التي أثارت جدلًا واسعًا في ظل الرفض الشعبي والسياسي في ألمانيا لهذه الزيارة.
ونشرت صحيفة هندلسبلات الألمانية، تقريرًا حول زيارة عبدالفتاح السيسي لبرلين، قالت فيه: “إن المليارات التي حصل عليها السيسي من السعودية؛ هي التي جعلت الشركات الألمانية تجبر المستشارة أنجيلا ميركل، والرئيس خواكيم غوك، على تجاهل الانتقادات المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر، واستقباله في برلين”.
وأضافت الصحيفة، في تقريرها، “إن زيارة عبدالفتاح السيسي لألمانيا كانت إلى وقت قريب أمرًا مرفوضًا رفضًا قاطعًا، ولكن شركة سيمنز العملاقة، المتخصصة في الهندسة والطاقة الإلكترونية، حصلت على عرض من النظام العسكري المصري بإنجاز مشاريع تصل قيمتها إلى مليارات اليوروهات”.
وأكدت أن هذه الفرصة الذهبية دفعت بالشركة للضغط على الحكومة الألمانية للقبول بقدوم “فرعون مصر الجديد” في إطار زيارة رسمية، بهدف إمضاء عقد تبلغ قيمته عشر مليارات يورو، مع رئيس شركة سيمنز، جو كيسر، على حد زعم الصحيفة.
وبينت الصحيفة، أن العقود المبرمة تشمل إنجاز محطة كهربائية بقوة 4.4 ميجاوات، وإنشاء مشاريع لإنتاج الكهرباء بطواحين الهواء للاستفادة من الرياح، كما ستستفيد شركات أخرى غير “سيمنز” من الأموال الخليجية التي يعرضها السيسي، في مشاريع أخرى، مثل مشروع توسعة قناة السويس، وإنشاء عاصمة جديدة في الصحراء بين القاهرة والقناة.
وقالت الصحيفة: “إن الزيارة تتمحور حول الأموال الطائلة التي ستجنيها الشركات الألمانية، والفائدة التي سيحققها الاقتصاد الألماني من استعادة العلاقات مع مصر، بعد أن سيطر عليها “الجنرال السابق” عبدالفتاح السيسي بطريقة “فرض الأمر الواقع”، وأرسى فيها حكمًا عسكريًا بعد “الإطاحة” بالرئيس المنتخب محمد مرسي في صيف سنة 2013″.
وذكرت أن الأموال التي يعتزم السيسي صرفها خلال السنوات المقبلة، والتي ستبلغ 60 مليون يورو، حصل عليها من دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، اللتين تقدمان دعمًا سخيًا للنظام العسكري.