سخر تامر وجيه، الباحث السابق بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، من تصريحات عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، الأخيرة التي قال عن نفسه إنه طبيب الفلاسفة.
وكتب “وجيه” منشورا عبر صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك” قائلا: “أول مرة اكتشف الحالة البائسة اللي فيها الجيش وقياداته وضباطه الكبار لما سمعت اللواء ممدوح شاهين في لقاءات مختلفة في الشهور اللي تلت سقوط مبارك”.
وأضاف: “الراجل كان يا حرام شايف إن الجيش مؤسسة خطيرة، زي ناسا كده، وإن كل حاجة فيها بتتعمل بحساب، كان بيقول بكل ثقة إحنا دارسين كل حاجة وفيه خطة معقدة، إحنا عاملين حساب كل شيء والجيش ده مؤسسة مهولة، إلخ إلخ، كان دايما بيفكرني بأحمد مظهر في فيلم “لصوص لكن ظرفاء”، لما كان بيقول لعادل إمام “كل شيء مدروس”. ثم انتهى الأمر بعادل إمام بيغني “بلدي طنطا وأنا أحب أعيش أونطة”، وطالع من حفرة ف الأرض والبوليس مستنيه علشان يقبض عليه”.
وتابع: “طبعا كنت عارف إن النخع كتير، وإن كتير من ضباط الجيش عندهم إحساس بالعظمة وخطورة المهمة، لكن ماكنتش فاهم إن الموضوع واصل للدرجة دي، المهم، إحنا دلوقتي بنشهد قدام عينينا واحد من تجليات الحالة دي في الدكتور عبد الفتاح السيسي طبيب الفلاسفة. الراجل عنده إحساس بنشوفه في عنابر معينة في مستشفيات معينة، لما تلاقي عدد 3 مهدي منتظر، قاعدين بيناقشوا 5 هتلر، حوالين خطة هجوم على الكواكب، وأحيانا المجرات الأخرى”.
ومضى في منشوره قائلا: “ممكن تشوف الموضوع ده صدفة، لكن برضه واسعة شويتين.. صدفة واخدة في طريقها الأغلبية الساحقة من الضباط؟ مش معقول برضه، الموضوع على حقيقته هو إن البارانويا مش بس مرض فردي.. ده ممكن يكون مرض جماعي، بيصيب فئات اجتماعية على بعضها، لما النظام الاجتماعي، والقوى اللي مستفيدة من النظام الاجتماعي، تخلق طبقة محاربين، مفصولة عن باقي المجتمع، وتمتلك السلاح، وبيتم تلقينها إنها حامي الحما وقاهر الأعداء، فده سبب كافي إنها تحس بالعظمة، خاصة وإنها بتتربى في أماكن معزولة، وبتلبس لبس مختلف عن الناس العادية، وبتتحط في مناخ فيه خشونة وذكورية عالية”.
وأكمل: “ولما طبقة المحاربين دي متبقاش، لأسباب سياسية واجتماعية، خاضعة لسيطرة قوية من نظام سياسي ديمقراطي أو حتى شمولي لكن مركز سلطته مش الجيش، بل مثلا الحزب الشعبوي، على غرار روسيا وسوريا وغيرهم، لما الجيش مايكونش تحت السيطرة، فأكيد مشاعر العظمة هتزيد تماما، ثم لما الدولة تفك ويبقى الجيش في المقدمة، وهو “العامود الأخير في الخيمة”، أكيد هنتخيل إن الحالة تتفاقم”.
وأردف: “دي حالتنا هنا في مصر. بس ده جزء من الصورة، أقصد إن عوامل حالة العظمة مجرد جزء من الصورة. الجزء التاني من الصورة هو الفشل التام وتغلغل الفساد والسبوبة والمصالح الشخصية والنهب، كده بقى يبقى عندنا حالة بارانويا كاملة – حالة أنا أجدع من عتريس نموذجية – قوة سياسية اجتماعية تمسك اللجام ومتروك لها زمام الأمور، وهي أصلا متربية على إنها بتعمل مهمة خطيرة، والذكورية مسيطرة عليها، ومن ناحية تانية القوة دي تتسم بفشل عميق وفساد رهيب وكتير من أفرادها يفكر في مصالحه الشخصية الضيقة.. دي كده بارانويا على شيزوفرينيا، على عقدة نقص.. حالة حد فشل تماما ومصمم على إنه العبقرية التي لا تبارى”.
واختتم منشوره قائلا: “باختصار: إحنا مش بنواجه حالة الدكتور عبد الفتاح السيسي الفردية، إحنا بنواجه عصاب جماعي، آلاف الدكاترة اللي حاسين إنهم الوحيدين اللي يقدروا ينقذوا البلد، بينما هما في حالة تحتاج بسرعة إلى عم مدبولي اللي هيجوزهم هنومة، السيسي مش فرد، السيسي طبقة بأكملها، بس هو رمزها اللي بيعكس خيبة الثورة المصرية، اللي لما انهزمت كشفت عن حجم البارانويا الاجتماعية اللي بلدنا بتعاني منها”.