أباحت دار الإفتاء المصرية لأصحاب المهن الشاقة، كالمزارعين والحمّالين والبنّائين والذين يبذلون مجهودًا شاقًا، الإفطار في نهار رمضان، خاصة مع تزامن الشهر مع فصل الصيف، شريطة أن يكون هذا العمل هو مصدر رزقه الوحيد.
وقالت دار الإفتاء، في بيان صدر اليوم الأحد، إنه من المقرر شرعًا أن من شرائط وجوب الصيام القدرة عليه، والقدرة التي هي شرط في وجوب الصيام كما تكون حسية تكون شرعية، فالقدرة الشرعية تعني الخلو من الموانع الشرعية للصيام، وهي الحيض والنفاس، وأما القدرة الحسية فهي طاقة المكلف للصيام بدنيًا، بأن لا يكون مريضًا مرضًا يشق معه الصيام مشقة شديدة، أو لا يكون كبير السن بدرجة تجعله في منزلة المريض العاجز عن الصوم، أو لا يكون مسافرًا، فإن السفر مظنة المشقة، كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم “السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه”، رواه الشيخان.
وتابع البيان: “فالسفر مانع من وجوب الصيام وإن لم تكن هناك مشقة بالفعل، وهذا من رحمة الله تعالى بالمكلفين، ومن يسر هذه الشريعة الغراء”.
وتابعت الإفتاء في بيانها: “ومن القدرة الحسية أيضًا أن لا يكون المكلف يعمل عملًا شاقًا لا يستطيع التخلي عنه في نهار رمضان، لحاجته أو لحاجة من يعول؛ فإن كان المكلف لا يتسنى له تأجيل عمله الشاق لما بعد رمضان، أو جعله في لياليه فإن الصيام لا يجب عليه في أيام رمضان التي يحتاج فيها إلى أن يعمل هذا العمل الشاق في نهاره؛ من حيث كونه محتاجًا إليه في القيام بنفقة نفسه أو نفقة من عليه نفقتهم، كعمل البنائين والحمالين وأمثالهم، خاصة من يعملون في الحر الشديد، أو لساعات طويلة”.
وأشارت دار الإفتاء: “لكن هؤلاء يجب عليهم تبييت النية من الليل، ولا يفطرون إلا في اليوم الذي يغلب على ظنهم فيه أنهم سيزاولون هذا العمل الشاق الذي يعلمون بالتجربة السابقة أنهم لا يستطيعون معه الصيام؛ تنزيلًا للمظنة منزلة المئنة؛ يقول الشيخ البيجوري في حاشيته على فتح القريب لابن قاسم شرح متن أبي شجاع 1/314: وللمريض إن كان مرضه مطبقًا ترك النية من الليل، وإن لم يكن مطبًقا كما لو كان يحم وقتًا دون وقت النية، ومثله الحصادون والزراع والدارسون ونحوهم، فتجب عليهم النية ليلًا ثم أن احتاجوا للفطر أفطروا وإلا فلا، ولا يجوز لهم ترك النية من أصلها كما يفعله بعض الجهلة (فإن عادت الحمى واحتاج للفطر أفطر)”.
وقالت: “يجوز للمزارعين في بلدكم الذين يزرعون في الحر الشديد أو في اليوم الطويل بحيث لا يستطيعون الصيام إلا بمشقة شديدة، ولا يمكنهم تأجيل عملهم لليل أو لما بعد رمضان أن يفطروا، مع وجوب إيقاعهم نية الصيام من الليل، ثم إن شاؤوا أفطروا في اليوم الذي يغلب على ظنهم فيه أنهم سيزاولون العمل الذي يعسر معه الصيام، وعليهم القضاء بعد رمضان وقبل حلول رمضان التالي إن أمكنهم ذلك”.