قال القيادي البارز في حركة حماس، محمود الزهار، إن هناك اتصالات مع الجانب المصري ووعود بتسهيلات على معبر رفح، في الوقت الذي وصف فيه أحكام الإعدام الأخيرة التي طالت فلسطينيين “بالمسخرة”.
وأشار إلى تحسن العلاقة مع السعودية في ظل الحكم الجديد “لكنها لم تصل إلى درجة كبيرة من التأثير في الملف الفلسطيني”.
ونفى بدوره وجود مفاوضات غير مباشرة مع “إسرائيل”، موضحًا أن الحديث يدور عن تثبيت وقف اطلاق النار مقابل رفع الحصار عن غزة.
وتحدث عن الوضع الفلسطيني الداخلي، لافتًا إلى أن حكومة التوافق وبعد عام على تشكيلها لم تطبق أيًا من بنود اتفاقية القاهرة، واعتبر أن مشروع محمود عباس (فتح) أفلس وأجرم داعيًا إلى الخلاص منه.
وشدد الزهار على أن حماس لن تسمح بنقل الخلافات المذهبية من خارج فلسطين إلى داخلها، ولن تسمح لأي حركة أن تجر المجتمع الفلسطيني إلى مربع عدم الاستقرار.
وأشاد بحملات المقاطعة المتصاعدة ضد الاحتلال الإسرائيلي أكاديميًا واقتصاديًا وثقافيًا ، قائلاً: نحن جزء من هذه الحملات ونشجعها وحماس تمد الجهات القائمة بمواد وملفات تدين الاحتلال “.
العلاقة مع مصر
جاء ذلك خلال حوار خاص للزهار لـ”رصد”، تحدث فيه عن اتصالات مع الجانب المصري “كان آخرها لقاء عقده القياديان موسى أبو مرزوق وعماد العلمي قبل وصولهما إلى غزة”، وكانت مصر طلبت فتح قناة اتصال مباشرة مع رئيس حماس خالد مشعل المقيم في قطر.
وبين الزهار “في اللقاء تم التأكيد على عدم تدخلنا في الشأن المصري، وطالبنا بضرورة فتح معبر رفح، مشيرًا إلى أن حماس تنتظر الرد المصري على مطالبنا.
ونوه إلى أن المصريين طلبوا من حماس “تهدئة الجبهة الإعلامية والتي كانت لرد الهجوم علينا وتفنيد الاتهامات ضدنا، وبناء عليه هناك تهدئة على الساحة الإعلامية في مصر”.
وأكد أن مصر تعلم أن حماس ليس لها علاقة بالأحداث في سيناء أو غيرها”، لكنه قال إن “هناك من يحاول أن يجرنا جرًا إلى الدخول في المربع الأمني المصري وهذا لن يكون.. لا نريد الدخول باللعبة المصرية.. هي لعبة مدمرة سياسيًا وعسكريًا.. مثال أوسلو التي انتهت بكارثة للقضية الفلسطينية”.
وعن دلالات سماح السلطات المصرية بإدخال مواد بناء عبر معبر رفح خلال فتحه الأسبوع الماضي، اعتبر الزهار ذلك تنفيذًا لاتفاقية سابقة بين قطر ومصر للمشاريع القطرية في غزة، مؤكدًا أن هناك وعودًا مصرية باستمرار دخولها طالما أنها مرتبطة باتفاقيات مع دول”.
ووصف الزهار أحكام الإعدام الأخيرة التي طالت فلسطينيين منهم شهداء وأسير بالمسخرة، مضيفًا “كلها قضايا مضحكة ومبكية في الوقت نفسه.. أن يصل القضاء إلى هذا المستوى في بلد كبير كمصر.. اعتقد أن هذا شيء مخزي”.
وفيما يتعلق باستمرار الوساطة المصرية، أكد الزهار أنها توقفت؛ لأن الجانب الإسرائيلي يعلم أن سوء العلاقة بين حماس ومصر سيؤثر بشكل أو بآخر على شكل الوساطة.. هم يريدون وساطات أخرى وهذا هو الموقف الإسرائيلي”.
لا مفاوضات مع الاحتلال
واستغرب القيادي في حماس الحديث مؤخرًا عن وجود مفاوضات غير مباشرة بين حماس والاحتلال، قائلاً “لم تكن هناك حكومة إسرائيلية (فترة انتخابات الكنيسيت) حتى نقول إن هناك مفاوضات معها.. إذا كان هناك حكومة مستقرة ممكن نفهم أن هناك مفاوضات”.
لكنه نبه إلى أن حماس من حيث المبدأ فاوضت “إسرائيل” بصورة غير مباشرة في صفقة تبادل الأسرى، ونوه أن “من يظن أن صفقة التبادل في مقابلها رفع الحصار فهو مخطئ، صفقة التبادل مقابلها تبادل.. منفصلة تمامًا.. أما تثبيت وقف إطلاق النار من جانبنا فهو مرتبط برفع الحصار.. إذا لم يرفع الحصار فنحن غير ملتزمين بالتهدئة.. ما هو مطلوب أن تقدم حكومة الاحتلال ما عندها”.
وزير خارجية ألمانيا وصل غزة بموافقة إسرائيل
وعن زيارة وزير خارجية ألمانيا “فرانك فالتر شتاينماير”، وتصريحه بضرورة إعمار غزة ورفح الحصار وتأكيده على “التنمية في غزة مقابل أمن إسرائيل”، فسرها الزهار بالقول : المعادلة تثبيت وقف إطلاق النار هو أمن للجميع.. مقابل رفع الحصار.
ورأى الزهار أنه ما كان لوزير خارجية ألمانيا بالذات أن يصل إلى غزة إلا بموافقة “إسرائيل” وبالتالي ما صرح به متفق عليه ألمانيًا وإسرائيليًا، مشيرًا إلى “منع الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر من الوصول لغزة.. لو كانوا يرفضون مجيئه ما سمحوا له بالدخول إلى غزة”.
ويفهم من حديث وزير الخارجية الألماني، حسب الزهار، أن العدو الإسرائيلي مستعد لرفع الحصار في مقابل تثبيت وقف إطلاق النار”، مشيرًا إلى أن كل القيادات الإسرائيلية ما عدا وزير الجيش يعلون الذي خرج مهزومًا من الحرب الأخيرة، تقول لا بد من رفح الحصار وفتح المعابر”.
العلاقة مع فتح والجهاد
في العلاقة مع حركة فتح، أوضح الزهار أن مصطلح المصالحة مضلل لأنه لا مصالحة بين المقاومة والخيانة.. لا مصالحة بين المقاوم والمتعاون”، مضيفًا “ما نعنيه هو تطبيق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة ، تشكيل حكومة وفاق تقوم بتنفيذ انتخابات متزامنة، والربط الإداري لتوحيد مؤسسات الوطن، وتحديد العقيدة الأمنية واتمام مصالحة مجتمعية”، مؤكدًا أن الحكومة لم تطبق أيًا من بنود اتفاقية القاهرة.
وأثنى الزهار على العلاقة مع الجهاد الإسلامي التي قال إنها جيدة جدًا وتتطور على كافة المستويات الأمنية والسياسية والجماهيرية وحتى العسكرية”.
وبشأن ما تعرف بحركة الصابرين ، وحديث القيادي في الجهاد الإسلامي محمد الهندي أنها خارجة عن الإجماع الوطني وتحمّل حماس المسؤولية عن وجودها، بيّن الزهار أن تحميل حماس المسؤولية بحكم أن لها أجهزة أمنية عاملة في البلد والبلد تحت مسؤوليتها ولكن ليس بتكوينها أو تشكيلها .
وشدد أن حماس لن تسمح لهذه الحركة أو غيرها أن تأخذ المجتمع إلى عدم الاستقرار.. أن تخرج إلى الساحة وتنشر الفوضى وتدخل في صراعات مع الجهاد أو مع المجاهدين والأحرار وغيرها من الفصائل ، أو عبوات ناسفة هذا أمر غير مقبول”.
وقال:” لا نريد أن ننقل الخلافات المذهبية من خارج فلسطين إلى داخلها، لا إيران طلبت ولا نحن نريد أو نرغب في ذلك.. فنحن تكفينا هذه الشراذم الصغيرة التي سميت فصائل أو الفصائل الكبيرة التي تشرذمت، التي أصبحت نموذجًا لإضعاف المجتمع الفلسطيني”.
وضرب مثلاً بحركة فتح التي انقسمت إلى (تيار عباس وتيار دحلان وتيار غزة هو تيار سيئ كله بالنسبة إلى الضفة) في داخل كل تيار هناك تيارات أخرى “قائلاً ” نحن غير معنيين أن تضاف إلينا هذه المصاعب وتحت مسميات دينية أو مذهبية”.
وعن داعش ، أشار إلى أنها ليست حالة فكرية موجودة ، كل من ذهب في هذا الاتجاه ، أشخاص كانوا في تنظيمات وطردوا منها وبحثوا لهم عن تركيبة تنظيمية.. هناك من يكفر الكل، ومنهم من شكل تنظيمات شيعية ومنهم من ذهب إلى السلفية ” مؤكدا ” غير مسموح بها، فلا مستند شرعي لها ولا مستقبل “.
وفي حال شن جيش الاحتلال حربًا ضد حزب الله في لبنان، قال القيادي في حماس “لسنا في حلف. إذا ضرب في سوريا، نضرب من غزة أو تضرب غزة يضرب حزب الله.. كل واحد له ظروف خاصة ولا نعمل في حرب جماعية.. إذا شن علينا عدوان نرده.. وغزة خاضت حربًا وحزب الله لم يتحرك”.
العلاقة مع السعودية وإيران
فيما يتعلق بالعلاقة مع السعودية، قال إن ملامح الحكم الجديد في السعودية لم تتضح بعد، لكنه جزم بأن المرحلة الحالية أفضل من سابقتها التي انتهت برحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز قبل خمسة أشهر.
وأضاف الزهار في حديثه لـ”رصد ” هناك إشارات إيجابية لكنها لم تصل بعد إلى نهاياتها الكلية”، موضحًا “في العهد السابق للملك الراحل تم تصنيف حماس ضمن دائرة الجهات التي لا يُسمح لها العمل بالسعودية وغير معترف بها، وحدثت ملاحقات واعتقالات”.
وقابلت حماس تلك السياسة، “باحترام إرادة الحكام ولم نهاجم أحدًا، ولم نعترض، هذه بلده وله حرية التصرف فيها”.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية إلا أن السلطات لم تفرج بعد عن المعتقلين الذين أشار لهم الزهار في حديثه دون ذكر أسمائهم.
وتمنى القيادي الحمساوي أن تسترجع السعودية دورها سريعًا في المنطقة وعلاقتها بالقضية الفلسطينية وتأييدها للمقاومة على عكس الفترة الماضية، حيث كان التأييد تامًا لبرنامج التفاوض والتسوية الذي يقوده محمود عباس وثبت فشله”.
وكذّب الزهار ما جاء في تقرير لقناة العربية يتهم حماس بالتورط في اليمن، قائلاً: “حماس لها مكتب لكن ليس ” لها جيش أو قوة”.
وعن دور حماس في إقناع حزب الإصلاح ممثل الإخوان في اليمن بتأييد حملة عاصفة الحزم ضد الحوثيين، أجاب أن الحزب منغمس أصلاً في الدفاع عن نفسه؛ لأنه مستهدف، وهو لا ينتظر أوامر من حماس”، مضيفًا” حماس ممكن أن تنصح جهة ما لكنها لا تملك أدوات ضغط .. حماس تشجع أن يكون لحزب الإصلاح دورًا ليس في الدفاع عن مصالحه ولكن في السياسة والعمل العام”.
وجدد الزهار التأكيد على أن حماس لا تتدخل في شأن أحد ..مصلحة اليمن تقررها اليمن وعناصرها، ومصلحة سوريا تقررها سوريا وعناصرها”.
وعن موازنة حماس بين علاقاتها مع إيران والسعودية الدولتين العدوتين، بين الزهار أن عدم تدخل حماس بالشأن الإيراني أو بالشأن السعودي أو المصري وغيره من الدول، يجعلها في موقف محصن بحيث لا يطالبها أحد بالدخول في محور دون آخر ، معتبرًا “دخولنا في أي محور وصرف جهودنا خارج فلسطين وخاصة خارج غزة سيضعفنا ولن يضيف شيئًا للدول العربية والإسلامية”.
ونوه إلى أن حماس تعتمد على الدعم الشعبي، وكان للسعودية دور رائد في هذه الموضوع، وحماس قبلت دون أن تدفع ثمنًا أو تدخل في حلف.. وقبلت حماس بالدعم الإيراني أيضًا دون أن تدخل في أي أحلاف ولا دفع أثمان سياسية أو عسكرية خارج حدود فلسطين”.
قراءة مستقبلية
وعن قراءته المستقبلية، أكد القيادي الفلسطيني البارز أن مشروع محمود عباس أفلس وأجرم تمامًا، قائلاً: ” أعتقد لا بد من التخلص منه ، كيف هذا أمر عند ربنا”.
وطالب بضرورة تعزيز برنامج المقاومة وتفعيله وتعزيز أسلحته وأدواته وأفراده”.
وتطرق إلى الواقع العربي الذي قال إنه في أزمة حقيقية تنعكس سلبًا على القضية الفلسطينية، مؤكدًا ” سنحافظ على القضية الفلسطينية حتى ترسو هذه المركب لصالح القضية العربية واستثمار لطاقات الأمة وإمكانياتها، فذلك كله لصالح القضية الفلسطينية.
وقال إن الاستعمار الغربي نجح في جعل المنطقة العربية بالذات منطقة صراع داخلي ، عبر خلق العملاء والمتعاونين وخلق الفتن وتقسيم الحدود والتدخل المباشر في العراق وأفغانستان.. المنطقة انفجرت والمستفيد منها العدو والاستعمار الغربي”، لكنه أكد أن “هذه المنطقة ستتعافى .. ظلم سينتهي.. فالقناعات عندنا أن هذه الحالة ليست أبدية”.