لم يكن طلب هاني الناظر – الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث – لحكومة إبراهيم محلب بتوفير فرصة عمل حقيقية لكل مواطن يرشد الشرطة عن مكان تواجد “إرهابى” هو الأول من نوعه، فقد سبقه ساسة ونجوم مجتمع وإعلاميون مناصرون لعبدالفتاح السيسي – قائد الانقلاب – في خطوة وصفها مراقبون بأنها مكارثية على الطريقة المصرية.
فمنذ انقلاب الثالث من يوليو، ونُكِّس شعار “عيش حرية عدالة اجتماعية”، ورفرف شعار “لا يصوت يعلو فوق صوت المعركة” عبر منصات الإعلام وصفحات الجرائد المناصرة للانقلاب، البداية كانت حين أطلق عدد من المطربين أغنية شعبية لتأييد مذابح العسكر بحق المتظاهرين الرافضين للانقلاب، باسم “تسلم الأيادي”، مرورا بأغاني: “انتو واحنا شعب”، و”دين أبوكو أيه”، التي غنتها المطربة الكويتية شمس، لتأييد قائد الانقلاب في المليونية الشهيرة بـ”مليونية التفويض”، التي تلتها مذابح رابعة وأخواتها.
ومنذ الانقلاب، وانتهج العسكر “مكارثية” من نوع آخر وحرب طائشة ضد المعارضة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
والمكارثية تعرف باختصار بكونها تلك الطريقة في اغتيال الخصوم السياسيين معنويا عبر اتهامات بالجملة تطعن في شرفهم ووطنيتهم ثم التنكيل بهم وإقصائهم.
كما تعرف العنصرية بأنها الاضطهاد لاختلاف اللون والعرق، والطائفية بكونها الاضطهاد لاختلاف الدين، أما المكارثية فقد تشترك مع العنصرية والطائفية بكونها اضطهاد لكنه على أساس الأفكار.
فهي اضطهاد ضد فئة من البشر لكونهم يؤمنون بأفكار مختلفة عن أفكار المتحكمين في السلطة والإعلام، وهي اتجاه سياسي رجعي ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1950 يهدف إلى تشديد الرقابة على الشيوعيين الذين يعملون في الدولة.
وينسب هذا الاتجاه إلى عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي واسمه جوزيف مكارثي وكان رئيسا لإحدى اللجان الفرعية بالمجلس و اتهم عددا من موظفي الحكومة و بخاصة في وزارة الخارجية, و قاد إلى حبس بعضهم بتهمة أنهم شيوعيون يعملون لمصلحة روسيا.
و قد تبين فيما بعد أن معظم اتهاماته كانت على غير أساس وأصدر المجلس في عام 1954 قرارا بتوجيه اللوم عليه، ويستخدم هذا المصطلح للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجة ضد المثقفين.
مخبرين الدولة الفاشية
وفي هذا السياق، وصف الدكتور ثروت نافع، البرلماني السابق، دعوة هاني الناظر، لتوفير فرص عمل لمن يعملون “مخبرين” للدولة، بأنه ترسيخ لفكرة الدولة الفاشية، التي يتبعها النظام العسكري مع كل من يعارضه.
وقال “نافع” في تصريحات خاصة لشبكة “رصد” الإخبارية، إن العسكر يعودون بمصر لدولة المخابرات التي أرساها عبد الناصر في الستينات والتي وصل بها الُفجر أن يبلغ الأبناء وأهل البيت الواحد عن بعضهم البعض، مما أضر بتكوين الشخصية المصرية الأصيلة والتي كانت نموذجا للوحدة بين الأهل والأصدقاء بل والجيران في زمن ما قبل العسكر.
وأضاف “نافع” أنه للأسف هذه الأضرار الاجتماعية لا يمكن معالجتها في وقت بسيط بل تستمر تنخر في عظام التكوين المجتمعي أحيانا لعقود.
وأشار نافع إلى أن الفشل السياسي والاقتصادي للعسكر يتمادى لفشل اجتماعي حتى أصبحنا دوله فاشلة في كل النواحي بالمعايير العلمية.
وفي السياق، قال الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، إن هاني الناظر شخصية وفدية محترقة تمثل بحق أحد عناصر نجاحات أمن مبارك في صناعة بعض الدمى ودسها على الأحزاب والمؤسسات لإفسادها.
وأضاف “سعيد” في تصريحات خاصة لشبكة “رصد” الإخبارية أن “الناظر” رجل يتكلم في كل شيء بمنتهى التخصصية الغير متوافرة إلا له بدء من رسم الحناء وحساسية الجلد وانتهاء بغسل الجسم بالديتول ومرورا بالاقتصاد وتعريجا على السياسة وأردوغان والإرهاب الأسود وريهام السعيد.
مرشد أمن دولة
وأشار سعيد إلى أن الرجل لم يكتفي بتمثيل دور مرشد أمن الدولة بدرجة دكتور وإنما راح يقدم الحوافز التي يملكها لمن لا يستحقها، فبنفس الطريقة التي وصل بها لرئاسة المركز القومي للبحوث متجاوزا آلاف العلماء ممن هم أكفأ منه دعا الرجل إلى معيار جديد غير علمي وغير موضوعي ولا قانوني بحيث يعين في الوظائف خاصة العلمية منها والبحثية من يقوم بدور المخبر او المرشد.
ومضى قائلا: “رحم الله زمان أستاذنا الدكتور عادل أبو العز الذي ترك زيارة جيهان السادات حفظا لكرامته ومكانته العلمية لتأخرها وعدم احترام مقامه الكبير وقد سمعت ذلك منه بنفسي فترة عملي كمساعد باحث بالمركز القومي للبحوث في منتصف التسعينات”.