أثارت الزيارة الخاطفة التي أجراها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي للمملكة العربية السعودية، العديد من التساؤلات والتحليلات حول أسباب الزيارة؛ في ظل التكتم الشديد من الجانبين حول الأسباب، وحالة التراشق الإعلامي بين البلدين، وما شهدته السعودية من تغيرات مؤخرًا.
وتساءل خبراء حول الزيارات المتكررة التي يقوم بها السيسي للسعودية منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحُكم في المملكة العربية السعودية، ودوافع تكرار تلك الزيارات؛ خاصة في ظل المتغيرات الجديدة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، وتوتر العلاقات مع مصر في ظل تراشق إعلامي من جانب البلدين.
اعتذار بشكل مباشر
ومن جانبه، ربط الكاتب الصحفي جابر الحرمي -رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية- بين سبب الزيارة والتراشق الإعلامي بين البلدين؛ حيث كشف في تدوينة له على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، عن أن زيارة السيسي للسعودية كانت تستهدف اعتذار السيسي بشكل مباشر للسلطات الحاكمة في المملكة العربية السعودية، عن الإساءات التي يوجهها إعلامه تجاه المملكة.
وقال “الحرمي”، في تغريدة له عبر “تويتر”: “السيسي يقدم في زيارة الساعات الثلاث اعتذارًا للقيادة السعودية عن إساءات الإعلام المصري المؤيد للسلطة الحاكمة ضد المملكة”.
وأعاد الكاتب القطري نشر تصريحات الكاتب السعودي المعروف مدير قناة “العرب” جمال خاشقجي بشأن الإعلام المصري، والتي قال فيها: “إن الإعلام المصري ليس حرًّا ويُدار بالهاتف”؛ داعيًا السلطات السعودية للتحرك لوقف إساءاته المتكررة للمملكة”.
احتجاج سعودي
وللمرة الأولى منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، يكشف سفير المملكة العربية السعودية بالقاهرة أحمد قطان، عن تقديمه احتجاجًا رسميًّا لمصر على إساءات وتجاوزات الإعلام المصري بحق المملكة.
وأكد “قطان” أنه يُجري اتصالات على أعلى مستويات السلطات المصرية وقيادتها؛ للاعتراض على تجاوزات بعض الإعلاميين المصريين المؤيدين للانقلاب العسكري بحق المملكة؛ كاشفًا أنه أوصل لعبد الفتاح السيسي احتجاجًا رسميًّا بهذا الشأن.
وأوضح السفير قطان أنه أبلغ الرئاسة المصرية، أن هناك غضبًا رسميًّا وشعبيًّا بالمملكة على تجاوزات بعض الإعلاميين في مصر؛ مبينًا أن الرد المصري كان التأكيد على أن هذه التجاوزات ترفضها القيادة المصرية، وأن الملف متابع من السيسي شخصيًّا.
هجوم الإعلام المصري
شهدت الفترة الأخيرة تصاعد الهجوم على السعودية من جانب عدد من الإعلاميين البارزين في وسائل إعلام الانقلاب في مصر؛ لدرجة وصلت إلى التطاول على ملك السعودية وأفراد العائلة الحاكمة بالمملكة.
بداية الحرب الإعلامية
وبدأت الحرب الإعلامية بين المملكة السعودية ومصر مع مرض الملك عبدالله قبل وفاته مباشرة؛ حيث كانت البداية من “يوسف الحسيني” الذي طعن في أهلية الملك سلمان في تولي الحكم؛ مُعتبرًا أن مصر لن تشعر بالراحة حال تولي سلمان للسلطة في المملكة، وأن تولي الأمير “مقرن” للعرش سيكون أفضل لمصر.
ولم يقتصر هجوم “الحسيني” على الملك سلمان؛ بل تعداه بالإساءة لنجله الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع، واتهمه بالسعي للسيطرة على وزارة الدفاع من خلال إدخال مقربين منه في مؤسسات الدولة، وامتدت إساءته أيضًا لرموز دينية أساسية في السعودية؛ كابن باز، وابن عثيمين، إضافة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية؛ واصفًا إياه بأنه من أئمة الدم.
الاتهام بدعم الإرهاب
وفي نفس السياق، واصل “إبراهيم عيسي” الهجوم؛ حيث اتهم الملك سلمان بدعم الإرهاب في سوريا، وطالَبَ السيسي بعدم التبعية لسياسة السعودية؛ لأن مصر وجيشها هما مَن حمى الخليج بأكمله بعد مشاركته في تحرير الكويت، واتهم “عيسي” السعودية بتمويل الجماعات المسلحة في سوريا نكاية في إيران والنظام السوري.
وواصل “عيسي” هجومه على السعودية؛ زاعمًا أن الإحصاءات سجّلت أن 90% من التفجيرات الانتحارية التي تقع في سوريا والعراق يقوم بتنفيذها أشخاص من السعودية؛ واصفًا المملكة بأنها ترقد على برميل بارود من الإرهابيين؛ مستنكرًا توجهات الملك “سلمان” بشأن عقد تحالفات مع النظام القطري والتركي.
ولأول مرة منذ الانقلاب، نظّم متظاهرون محسوبون على الانقلاب مظاهرة أمام السفارة السعودية، أساءوا فيها للملك سلمان.
رد فعل سعودي
هذه الإساءات دفعت المملكة العربية السعودية لأن يكون لها -لأول مرة- رد فعل رسمي؛ حيث قال السفير السعودي في مصر: إن السفارة السعودية أبدت لمصر استياءها الشديد من هجوم الإعلام المصري على السعودية؛ مشيرًا إلى أن الإعلام المصري يعاني حالة من الانقلاب، وأنه يعرف جيدًا أن هناك بعض جهات عليا تسيطر وتتحكم في هذه المحطات.
ووصف المهندس حاتم عزام -نائب رئيس حزب الوسط- حملات هجوم الإعلام المصري على المملكة العربية السعودية، “بابتزاز رخيص لا يمثل المصريين”، وقال “عزام” في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “الهجوم على السعودية الآن ابتزاز رخيص لا يمثل المصريين، وممول بأرز آخر حاقد على تحولات إيجابية”؛ مضيفًا: “هجوم أذرع السيسي الموجهة للسعودية الآن غير معبر عن أغلب المصريين وشهادة حسن نوايا للمملكة”.