كانت الساعة تقترب من السابعة، حين كان عبد الله الفخراني وسامحي مصطفى ورفاقهما يستعدون لتوثيق يوم جديد من يوميات الاعتصام في رابعة، حين اقتحمت قوات الأمن مدعومة بقوات من الجيش والمعدات الحربية ساحة الميدان من مختلف أطراف الميدان.
عبد الله الفخراني وسامحي مصطفى يحتفظان بتفاصيل المشهد في ذاكرتهما عن ظهر قلب، فكلما اقتربت عقارب الساعة من ذكرى ذلك التاريخ المشؤوم، صباح الرابع عشر من أغسطس من العام قبل الماضى، عاد في أذهانهما فلاش باك للواقعة الأقسى فى حياتهما وحياة المصريين، فالانقلاب وقتها لم يكتف بمنعهما حينها من حق “اختيار الرئيس” ولكنه أيضا انتزع منهما “حق الاعتصام السلمي والحياة”.
ووسط طلقات الرصاص كان فرسان شبكة “رصد” على موعد من اشتباك الرصاص بالفلاش، فبعد أن كانا مسمارا في نعش نظام المخلوع مبارك، حين فضحا عمليات التزوير في أواخر عهده، عاد ذات النظام ليصفي حساباته معهما، فمن حر منحته الثورة الحياة، لأسير خلف القضبان، فقط لأنهما أرادا توثيق عمليات القتل الجماعي.
الفخراني.. موثق عمليات القتل الجماعي
“حرية التعبير عندي، الآن، هي أن أكون حرا في الكتابة على جدران الزنزانة.. أو أن أتحدث بعلو صوتي شارحا وجهة نظري بحرية تامة لزملائي في السجن”، كلمات وصف بها عبد الله الفخراني، 25 ربيعا، أحواله خلف القضبان.
عبد الله الفخراني اعتقل منذ يوم 25 أغسطس من العام قبل الماضي، وهو عضو في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وأحد مؤسسي شبكة “رصد” الإخبارية.
وكانت داخلية الانقلاب اعتقلته تعسفيا لدفاعه عن حقوق الإنسان، ومشاركته في توثيق عمليات القتل الجماعي في ميداني “رابعة العدوية” و”النهضة”.
كشف “الفخراني” عن حالات بشعة من التعذيب والاعتداءات الجنسية والصعق بالكهرباء والإهمال الطبي المتعمد لمعتقلي المعارضة، ويقول مدافعون عن هذه الحالات إنها جزء من حملة منهجية تستهدف المعارضة في مصر.
وشهد تمزق عين صديق له داخل السجن، يقول إنه “ضرب حتى غطى الدم وجهه وفقد عينه”، بعد أن أمضى يومين داخل مركز شرطة الخليفة في القاهرة، في زنزانة لا تتعدى مساحتها خمسة أمتار مربعة، مع ستين سجينا آخر معظمهم من المجرمين، مشيرا في تصريحات سابقة له: “كانت الزنزانة معبأة مثل علبة السردين، مليئة بمدمني المخدرات والمجرمين الذين لا يتوقفون عن التدخين في الزنزانة، لم يكن قادرا على التنفس، فضلا عن النوم لأكثر من 48 ساعة”.
وجهت النيابة له تهما بإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة، وبثها على شبكة الإنترنت وبعض القنوات الفضائية، وكان من شأن ذلك تكدير الأمن وإلقاء الرعب بين الناس، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
واتهم بـ”الانتماء إلى جماعة على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، لينتهي به المطاف بحكم بالمؤبد في قضية أقل ما يقال عنها إنها ملفقة”.
سامحي.. حر خلف القضبان
نحو 594 يوما مروا على اعتقال سامحي مصطفى عضو مجلس إدارة شبكة “رصد”، مع صديقه عبد الله الفخراني منذ يوم 25 أغسطس 2013 في القضية رقم 317 أمن دولة عليا طوارئ، والمعروفة إعلاميا باسم “غرفة عمليات رابعة”، بعد مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية بأيام.
سامحي شاب، 27 ربيعا، لديه طفلان مصعب ويوسف، لم يشهد أول لحظات بكائهما ولم يرَ ابتسامتهما وأولى ضحكاتهما حتى الآن.
وهو المدير التنفيذي السابق وعضو مجلس إدارة شبكة “رصد” الإخبارية وأحد مؤسسيها، صحفي حر مدافع عن قضيته وعن حق وطنه في الحرية، شارك في التغطية الإعلامية لثورة 25 يناير حينما كانت شبكة “رصد” الوحيدة التي تبث أخبار الميدان.
وجهت النيابة له تهما بإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة، وبثها على شبكة الإنترنت وبعض القنوات الفضائية، وكان من شأن ذلك تكدير الأمن وإلقاء الرعب بين الناس، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
كما تم اتهامه بـ”الانتماء إلى جماعة على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي”، لينتهي أيضا به الحال بمؤبد على غرار رفيق دربه الفخراني.