قال الكاتب عبدالباري عطوان -رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم- أن تغيّب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عن مؤتمر القمة الاقتصادية الذي تعوّل عليه حكومة قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي لتعزيز اقتصادها ومكانتها الإقليمية والدولية يعني "انقلابا" في خريطة التحالفات العربية، وتغييرا في معادلات القوة في منطقة "الشرق الأوسط".
وأضاف في مقالة له بصحيفة "رأي اليوم": "العاهل السعودي الجديد الملك سلمان أوفد ولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز ليرأس وفد بلاده إلى القمة الاقتصادية هذه في إشارة واضحة بأن موقفه تجاه مصر يختلف كليا عن موقف شقيقه الراحل، وإنه ليس على القدر نفسه من الحماس لدعم الاقتصاد، وبالتالي الدور المصري وتوجهاته العربية والدولية؛ لأنه يعطي الأولوية لإيجاد "جبهة جديدة" في مواجهة "التمدد" الإيراني في المنطقة".
ومضى في مقالته قائلا: "هذه التوجهات السعودية الجديدة تجلّت بشكل واضح أثناء الزيارتين التي قام بها كل من الرئيس السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان إلى الرياض، فبينما لم تستغرق زيارة الأول إلا “سويعات” معدودة، حظي الثاني بحفاوة لافتة، وأقيمت على شرفة مأدبة غداء رسمية، والأهم من ذلك أنه حظي بلقاء مغلق مع العاهل السعودي اقتصر عليهما فقط لأكثر من نصف ساعة".
وتابع قائلا: "المسؤولون السعوديون يدرسون خطواتهم بشكل جيد، وكل لفتة محسوبة وتنطوي على رسالة لأكثر من جهة في الوقت نفسه، ورئاسة الأمير مقرن للوفد السعودي اختيرت بعناية فائقة، وجاءت أول ترجمة عملية لها بتغيب الشيخ تميم بن حمد آل ثانٍ أمير دولة قطر عن القمة، وتكليفه وكيل وزارة الاقتصاد، وليس الوزير نفسه، أو حتى وزير الخارجية السيد خالد العطية برئاسة الوفد القطري إلى القمة، مما يُفهم من خلاله أن مساعدات قطر المالية لدعم الاقتصاد المصري في هذه القمة قد تكون محدودة جدا إن لم تكن معدومة".
وأشار إلى أن السيسي سيلتقط حتما مضمون هذه الرسالة السعودية، وسيصاب بخيبة أمل كبرى، والشيء نفسه سيستنتجه معظم القادة العرب الآخرون، وقادة دول الخليج خاصة، فمن الواضح أن انخفاض مستوى التمثيل السعودي القطري في القمة الاقتصادية سينعكس بطريقة أو أخرى على القمة العربية التي ستعقد في القاهرة أيضا في أواخر الشهر الحالي.
ولفت عطوان في مقالته إلى أن مجلس التعاون الخليجي يقف على أبواب حالة انشقاق جديدة، ولكن اللاعبين مختلفون هذه المرة، فنحن أمام تحالف سعودي قطري في مواجهة تحالف إماراتي كويتي، ووصول أمير الكويت لرئاسة وفد بلاده في قمة شرم الشيخ مؤشر مهم في هذا الصدد؛ لأن الكويت لا تستطيع أن تتخلى عن مصر التي لولا دورها لما "تحررت" من "الاحتلال" العراقي عام 1991، وقمة القاهرة التي انعقدت بعد الاجتياح العراقي مباشرة، وشّرعت تواجد نصف مليون جندي أمريكي في الأراضي السعودية، ورئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة لوفد الإمارات تنطوي على معانٍ كثيرة.
وأكد في ختام مقالته على ثمة نقاط قائلا: "خريطة تحالفات المنطقة العربية تستعد لتغييرات كبيرة، وربما جذرية، ومجلس التعاون الخليجي على أبواب انقسامات أكثر خطورة من سابقاتها، والتحالف المصري السعودي يقترب من نهايته، وإزالة حركة "الإخوان المسلمين" من قائمة "الإرهاب" السعودية باتت مسألة وقت وتوقيت، ولن يكون مفاجئا بالنسبة إلينا إذا ما شاهدنا تقاربا مصريا إيرانيا، وزيارة وشيكة للرئيس السيسي إلى طهران، فلا شيء غريب أو مستبعد في "الشرق الأوسط" هذه الأيام.