تتوالى أرقام تراجع مؤشرات الاقتصاد العالمي وكان أحدثها ما أظهره مسح بمنطقة اليورو كشف أن توقعات المستثمرين لانهيار المنطقة تصاعدت لأعلى مستوى في عامين حتى بعد أن اتفقت اليونان على حزمة مساعدات مع شركائها في منطقة اليورو.
ووفقًا لما نشرته رويترز، أمس، فقد سجل مؤشر سنتكس الذي يقيس توقعات انهيار منطقة اليورو أعلى قراءة منذ مارس 2013 إذ توقع 38 بالمئة من المشاركين في المسح انهيار منطقة العملة الموحدة في غضون 12 شهرًا ارتفاعًا من 24.3 بالمئة في يناير .
وأجري المسح بين 26 و28 فبراير وشمل 980 من المستثمرين الأفراد والمؤسسات معظمهم في ألمانيا، وقال إن توقعات انسحاب اليونان من المنطقة في العام المقبل ارتفعت إلى 37.1 بالمئة من 22.5 بالمئة.
الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام علق على المسح الذي أجرته رويترز، قائلًا: “في تقديري فإن الحديث عن انهيار منطقة اليورو خلال عام يعد حديثًا مبالغًا فيه فالمنطقة مرت بأزمات أعنف من الأزمة الحالة ولم تشهد انهيارًا بل تعافت”، مضيفًا: “ولنأخذ على سبيل المثال تداعيات الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في صيف 2008 حيث أدت لانهيارات في القطاعين المالي والمصرفي والعقاري الأمريكي ثم انتقلت بعد ذلك لأوروبا وقطاعها المصرفي والمالي، وأدت الأزمة العقارية في أوروبا في ذلك الوقت إلى تكبد المصارف بها لخسائر فادحة هددت وجودها”.
وأضاف لـ”رصد”: منطقة اليورو قد تتعرض لهزة عنيفة قد لا تقل حدتها عن أزمة عامي 2008 و2009 وهذه الهزة لن تكون قادمة من اليونان وقبرص ودول شرق أوروبا فقط كما يتصور البعض، بل ستاتي من عدة بلدان يواجه اقتصادها مشاكل حادة وتواجه ركودًا في أسواقها وتناميًا للدين المحلي والخارجي وعجزًا في الموازنة وزيادة البطالة وتراجع معدل النمو الاقتصادي، ومن بين هذه الدول فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال، حتى ألمانيا الدولة الأقوى بمنطقة اليورو تشهد تراجعًا في صادراتها الخارجية.
يذكر أنه في مسح أجرته رويترز منتصف فبراير قال اقتصاديون إن احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو في العام الحالي 25 بالمئة، وكان مؤشر انهيار منطقة اليورو سجل أعلى مستوى في يوليو 2012 ونزل لأقل مستوى عند 7.6 بالمئة في يوليو 2014.
يشار إلى أنه آخر مرة ارتفع فيها المؤشر عقب الانتخابات الإيطالية التي جاءت نتائجها غير حاسمة وإبان الأزمة المصرفية في قبرص التي أصبحت بعدها رابع دولة تحصل على مساعدات إنقاذ.
واستطرد عبد السلام بأنه بشكل عام فإن منطقة اليورو تعاني من مشاكل خاصة مع العقوبات التي تفرضها على روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية والتي حرمها من الحصول على غاز روسي سريع وربما رخيص، لكن هناك تطورات عالمية تصب في صالح اقتصادات منطقة اليورو من أبرزها تهاوى أسعار النفط وانخفاض أسعار الأغذية وهو ما يوفر للمواطن الأوروبي مليارات الدولارات كما تعاني من تقلص فرص العمل.
وقال: “لن تترك اليونان أو أية دولة من الأعضاء لتنهار بل سيتم مساندتها حتى ولو تطلب الامر ضخ سيولة جديدة في الاقتصاد الأوروبي مقابل إرغام الحكومة اليوناية ذات التوجه اليساري على الاستمرار في خطة التقشف”.
وعن تأثير ذلك التراجع الذي تشهده منطقة اليورو على الاقتصاد العالمي وعلى المنطقة العربية أكد الخبير الاقتصادي أنه في كل الأحوال فإن أي انكماش لاقتصادات منطقة اليورو ستؤثر سلبًا على دول المنطقة العربية خاصة منطقة جنوب البحر المتوسط أو شمال إفريقيا وتحديدًا مصر وتونس والمغرب، فمنطقة اليورو أكبر مصدر للسياحة لدول شمال إفريقيا وكذا أكبر مصدر للاستثمارات لهذه الدول خاصة في قطاعي النفط والغاز، كما أن أوروبا تعد الشريك التجاري الأول لمصر وبالتالي فإن أية أزمة تمر بها تؤدي لتراجع صادراتها وبالتالي تراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي.