صدرت أول جريدة مصرية يوم 3 ديسمبر عام 1828، باسم الوقائع المصرية وكانت وقتها تصدر باللغة العربية واللغة التركية، وظلت الجرائد والصحف فترة المصدر الوحيد لمعرفة الأخبار في مصر حتى صدور أول بث إذاعي في عام 1925 فبدأ التنافس بين الجرائد والإذاعة، إلا أن الأولى ظلت في الصدارة للاطلاع ومعرفة الأخبار وظل الحال هكذا حتى بدأ يدخل التليفزيون في المنافسة في يوليو من عام 1960 مع أول نشرة أخبار مصرية قدمها المذيع “صلاح زكي”.
وظلت الجرائد والصحف مصدرًا هامًا لمعرفة الأخبار والاطلاع على المستجدات بصورة رئيسية في مصر، وكانت من أكثر الطبقات المهتمة بالجرائد والصحف طبقة الموظفين، وعهدنا المشهد في الأفلام القديمة إذ يعد الموظف من عمله ممسك بالجريدة مع مستلزمات منزله، وكأنها سلعة أساسية لا يستغنى عنها.
وظل الحال هكذا حتى بدأ دخول الانترنت في مصر وبدأ انتشاره على جميع المستويات، وبعدها بدأت قراءة الجرائد تقل، بالرغم من انتشار العديد من الصحف والمجلات التي تصدر في مصر الحكومي منها والمستقل أو الحزبي والمعارض، حتى بدأت مهنة بائع الجرائد في التدهور والانقراض إن كنا أدقاء في التعبير.
استطلعت “رصد” آراء المواطنين في القضية، فقالت الحاجَّة “أم رضا -بائعة جرائد” : “كنا قديمًا نبيع الجرائد بكميات كبيرة جدًا وكان الإقبال علينا ضخم جدًا لدرجة أننا كنا نخبئ الجرائد للزبائن الهامة، وكانت الجريدة سعرها ساغ واحد وكانت الناس كلها تهتم بالقراءة وقراءة الأخبار، أما الآن فأصبح الحال يرثى له، فلم يعد الناس يهتمون بقراءة الأخبار ، كما أن هامش ربح بيع الجرائد لا يكفي شيئًا فهامش الربح 75 قرش على كل عشرة جرائد، ولا نبيع في اليوم كله أكثر من 40 جريدة أو 50 كحد أقصى”.
ويضيف “محمود عبد السلام -موزع جرائد” : “مهنتى منحصرة حول اللف بالعجلة وتوزيع الجرائد على البائعين، هامش ربحي لا يتجاوز الـ 5% قديمًا كنا نوزع كميات كبيرة أنا ووالدي من قبلي فهذه المهنة موروثة في العائلة، وكنا نتربح أرباحًا جيدة وكنا نعيش منها، أما الآن فلم يعد أحدًا يقرأ كالماضي، كما أن دخول النت أثر على مهنتنا وبالتالي قل الاهتمام بالجرائد”.
ويتابع “فتحي السمسار -صاحب محل بيع جرائد”: “الآن كل شخص يريد أن يعرف خبرًا معينًا كل ما عليه فعله أن يدخل على النت من تليفونه ثم يدخل على موقع أي صحيفة يريدها فيعرف الخبر الذي يريده، وبالتالي أصبحت قراءة الصحف شيئًا من التراث، وأكثر فئة تقرأ الصحف هم كبار السن، كما أن هامش ربح الصحف قليل جدًا”.
وأوضح: “يجب على رؤساء تحرير الصحف أن يزيدوا من هامش ربحنا ويقللوا من هامش ربحهم فهم يقبضون شهريًا آلاف الجنيهات ونحن إن لم نبيع بعض المشروبات الغازية أو البسكويت والحلويات لما استطعنا أن نعيش، كما أن كل من هو موجود في المهنة حاليا هم يعملون فيها وراثة أبًا عن جد، والمهنة أوشكت على الانقراض”.
وبين “فهمي حسانين -صاحب كشك جرائد”: “لم يعد أحد يقرأ الجرائد كما في الماضي، بل لم يعد أحد يقرأ أصلًا لا جرائد ولا كتب، الثقافة أصبحت منعدم ، وثقافة القراءة والاطلاع قلت، فالكل الآن منكب على السعي على أكل عيشه وتوفير ثمن الجريدة للبيت، كما أن الوضع الموجود حاليًا في البلد يجعل الناس لا تقرأ الجرائد فكل ما هو موجود في الجرائد إما حوادث أو قتل إو تفجيرات هنا وهناك فكلها أخبار تسد النفس“.