كشف المحامي خالد علي عن بعض الحقائق الخاصة بخصخصة القطاع العام مؤخرًا في مصر، حيث قال : في طرح واحد يتم خصخصة ٤٥ شركة تعمل بالقطاع الغذائي من أجل ٣ مليار جنيه فقط، بما يفيد أن هذه الشركات ستتحول من مال مملوك للدولة “ملك الشعب” إلى مال خاص “ملك المضاربين بالبورصة”.
وتابع : هذا معناه انتقال قطار الخصخصة لمرحلة جديدة فبعد أن كان يتم في خصخصة شركة تابعة أو شركتين تابعتين، أصبحنا أمام خصخصة شركة قابضة تملك وتشرف على ٤٥ شركة تابعة.
وأضاف في تدوينته على صفحته الشخصية على موقع “فيس بوك ” : قبل أن تعودوا لسياسات الخصخصة القبيحة، اسألوا أنفسكم عن الفائدة التي عادت على المجتمع أو الاقتصاد أو العمال أو المستهلك من كافة الشركات التي تم خصخصتها سابقًا؟
الإجابة: لا فائدة، وإنما فساد وعدوان على المال العام (عمر أفندى نموذجًا، تفكيك للبنية الصناعية والتجارية (المراجل البخارية، والنيل لحليج الأقطان نموذجًا) وتشريد للعمال (طنطا للكتان وغزل شبين نموذجًا، بالإضافة إلى احتكار للسلع وارتفاع لأسعار المنتجات على المستهلك المصري الأسمنت نموذجًا
وكان الدكتور خالد حنفي وزير التموين بحكومة الانقلاب، قد كشف عن توجه حكومي جديد لإعادة هيكلة الشركات القابضة الخاضعة لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991، عن طريق طرحها في البورصة المصرية لزيادة رأسمالها وجذب استثمارات محلية وأجنبية جديدة لها، وهو ما يساعد على تحسين أداء الشركات التابعة، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التفكير في طرح شركة قابضة بهدف زيادة رؤوس أموالها وليس طرح شركاتها التابعة.
بدأ تطبيق سياسة الخصخصة في مصر في بدايات عام 1993 في عهد حكومة الدكتور عاطف صدقي ” رئيس الوزراء ووزير قطاع الأعمال ” – آنذاك – وبدأت ببيع شركة الكوكاكولا إلى محمد نصير ”رجل الأعمال الشهير وبيع فندق شيراتون القاهرة عام 1993 .
وفي عهد حكومة الدكتور أحمد نظيف آخر شركة تم بيعها هي شركة عمر أفندي – التي أثارت مشاكل حتى اليوم – وشركة المعدات التليفونية، وكان الوزير المختص في ذات الوقت هو الدكتور محمود محي الدين وزير الاستثمار المعروف أن برنامج الخصخصة في مصر أتى ضمن حزمة من الإجراءات التي التزمت بها مصر للوصول إلى اتفاق مع البنك الدولي والصندوق الدولي للتخلص من نصف ديونها الخارجية مطلع تسعينات القرن الماضي.
ورغم الاعتصامات والإضرابات العمالية إلا أن الدولة لاتسمع لأحد وتصر على المضي في عمليه البيع، ومن أشهر المشروعات التي تم بيعها شركة الكوكاكولا، فندق شيراتون القاهرة، شركة المراجل البخارية، فندق النيل، الشركة المصرية للأغذية (بسكو مصر )، أرض ومباني فندق سان ستيفانو، شركة مصر للأسواق الحـرة، الشركة العامة لاستصلاح الأراضي، شركة القاهرة للمباني العامة، شركة النيل للأدوية، شركة الدلتا الصناعية – إيديال.
وفى تقرير حقوقي صدر منذ فترة طويلة عن عمليات فساد صاحبت عملية بيع شركات القطاع العام في إطار برنامج الخصخصة في مصر، حيث لوحظ أن الرقم الذي حدده كبار الخبراء لعملية البيع يبلغ 320 مليار جنيه إجمالي بيع 314 شركة، بينما كانت حصيلة بيع 326 شركة هي 32 مليار جنيه إجمالي قيمة بيع 314 شركة فقط.
وأشارت المعلومات التي جاءت في تقرير لمركز الأرض لحقوق الإنسان إلي أن إجمالي ماجري بيعه من شركات في القطاع العام هو 314 شركة، وكانت حصيلة البيع 32 مليارًا و737 مليون جنيه، حيث تمت تصفية 33 شركة وبيع 48 شركة للمستثمرين وبيع أصول 36 شركة إلى جانب بيع وحدات إنتاجية وتأجير 25 شركة.
كما أصدر مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام دراسة عن الفساد، تضم العينة 1737 مواطنًا ،أكد 90% منهم أنهم مع دور الدولة في إدارة الاقتصاد ، وهو ما يمثل اعترافًا شعبيًا بأهمية دورالحكومة الذي فرطت فيه وتركته للقطاع الخاص مقابل عمولات يكشف عنها التاريخ كل فترة ويعترف بها عدد كبير من المسئولين أثناء عودة الضمير.
انتقال قطار الخصخصة لمرحلة جديدة
لا يمكن فصل عملية الخصخصة عن عملية تكوين وتطوير سوق للأوراق المالية (البورصة) فالبورصة هي الوعاء الذي تم من خلاله بيع وتداول أسهم شركات القطاع العام، وهي بالتالي وعاء الخصخصة، وقد تزامن صدور قانون 91 لسنة 1992 (قانون البورصة) مع بداية تطبيق برنامج الخصخصة والذي شكل البضاعة التي أصبحت جاهزة (أسهم الشركات) وتنتظر فتح السوق.
إن البورصة المصرية ليست مقياسًا لقوة أو ضعف الاقتصاد المصري بشكل عام. فصعود وهبوط مؤشر البورصة مرتبط بشكل مصيري بالمعروض من أسهم القطاع العام المباعة والمعروفة بأسهم الخصخصة والمضاربة عليها.
تتعدى خسائر الخصخصة مليارات الجنيهات التي ضاعت على الاقتصاد المصري فقد بلغت خسائر قطاع المنسوجات المصرية على أكثر من 10 مليارات جنيه مصري بالإضافة إلى توقف 65 مصنعًا تعرض للإغلاق نتيجة لتردي الحالة الاقتصادية وتراجع قيمة رواتب العمال وعدم صرفها بانتظام نظرًا لعشوائية البنود المحددة في عقود الخصخصة.
وحسب مقال للخبير الاقتصادي عادل عامر قال فيه: تعتبرخصخصة القطاع العام وبيعه كارثة حقيقية فقد قامت الحكومة المصرية ببيع عدد 236 شركة بسعر 33 مليار جنيه مصري في حين أنها تقدر بسعر 270 مليار جنيه مصري مما يعني إهدار 240 مليار جنيه على الدوله ورغم كلام الحكومه الدائم من أنه لن يضار أي عامل في عملية الخصخصة
وأضاف : إلا أنه فى ظل تطبيق برنامج الخصخصة انخفض عدد العاملين قطاع الأعمال من مليون موظف إلى 370 ألف موظف في حين أنه لم يستفد من نظام المعاش المبكر سوى 186 ألف موظف فقط ، وهذا يمثل خسائر للتنمية البشرية في مصر كما أن خطط الحكومة المصرية كانت تقوم على بيع الشركات الرابحة أولاً لجذب المستثمرين؟
“الأمر الذي يعني أن الدولة تبقي لنفسها الشركات الخاسرة التي تكلف الدولة المصرية – آنذاك – 3.1 مليار جنيه سنويًا قيمة خسائر شركات القطاع العام دون أن تقوم الحكومة بتطوير الشركات الخاسرة وإعادة هيكلتها بما يسمح لها بتحقيق أرباح ولكن .. كان الهدف استمرار خسائر الشركات تمهيدًا لبيعها بأقل الأثمان بحجة خسائرها وديونها.”