ما أن بثت مؤسسة الفرقان الإعلامية التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” التسجيل المصور الذي يظهر عملية حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا مساء اليوم الثلاثاء حتى ثارت حالة من الصدمة والغضب بين الأوساط الأردنية، وسط اتهامات سياسية وشعبية للحكومة الأردنية بمسئوليتها عن مصير الكساسبة لانضمامها للتحالف ضد داعش وعدم جديتها في التفاوض مع من أسره.
وأصدر الجيش الأردني بيانا اليوم أكد فيه أن الكساسبة تم تنفيذ الحكم بإعدامه في الثالث من يناير الماضي مؤكدا بذل القوات المسلحة والحكومة الأردنية جهودا لتخليص الكساسبة من قوى الشر والظلام، غير أنهم اختاروا له هذه النهاية، متوعدا التنظيم بأن “دم الكساسبة لن يذهب هدرا”، مؤكدا أن “الانتقام سيكون بحجم غضب الأردنيين جميعا”.
وأفادت أنباء بأن الحكومة الأردنية نقلت جميع المعتقلين من السلفية الجهادية المحكومين بأحكام الإعدام ومدد أخرى إلى سجن سويقة جنوب عمان، وهو السجن الذي تنفذ فيه عمليات الإعدام، فيما يشير ربما لمحاولة انتقام سريعة من السلطات.
لكن سياسيين أردنيين اتهموا النظام الأردني ورأسه -في إشارة للملك عبد الله الثاني- بالمسئولية عما جرى للكساسبة، واصفين الحكومة الأدرنية بأنها تجاهلت القضية وحاولت إغلاق الملف.
وكان داعش اشترط الإفراج عن ساجدة الريشاوي المعتقلة الأردن والمتهمة بالضلوع تفجير في فندق في عمان في 2005 قتل 60 شخصا، مقابل الإفراج عن الكساسبة ورهينة ياباني أعلن قتله مساء الخميس الماضي، لكن الحكومة الأردنية على لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني طلبت تأكيدات بأن معاذ الكساسبة ما زال على قيد الحياة، مؤكدة إصرارها على وجود دليل على حياته.
وكانت النائب بالبرلمان الأردني هند الفايز قد وجّهت اتهامات للموقف الأردني بأن هناك توظيفا سياسيا لقضية الكساسبة، وأبدت خشيتها من سعي البعض إلى توريط الأردن في الحرب السورية عبر إرسال جنود لمقاتلة التنظيم، وقالت: “هذه الحرب ليست حربنا” وعبّرت عن أسفها إذا ضحى التنظيم المتشدد بالطيار الأردني، وهو ما استدعى البرلمان للرد في بيان انتقد فيه تصريحات الفايز واصفا إياها بأنها “تثير الشكوك في الموقف الرسمي للدولة الاردنية الذي نقدره ونحترمه ونثق به، مثلما تنمي الفتنة لدى البعض وتخدم أهداف ومرامي الإرهاب والمتربصين بالوطن الذين يحاولون بائسين إثارة البلبلة والفتنة في الصف الأردني الموحد”.
واتهم النائب البرلماني الأردني السابق علي الضلاعين، وهو من مسقط رأس الطيار الكساسبة، النظام الأردني بالمسئولية عن قتل الكساسبة نتيجة التراخي في التعاطي مع قضية اختطافه التي طالت حتى 43 يوما دون حل. مؤكدا في تصريحات له بأن الناس سيتساءلون عن سبب إرسال الكساسبة إلى تلك الحرب ولن يلوم أحد الدولة الاسلامية إذا أعدمته، ولن يؤدي إلا لزيادة الدعم لهم، بحسب رأيه.
وكان الضلاعين مع عدد من المعارضين لانضمام الأردن إلى التحالف الدولي ضد داعش قد نظموا مظاهرة يوم الجمعة الماضية تدعو لإنهاء المشاركة العسكرية متهمين الحكومة بعدم التفاوض بجدية مع الدولة الإسلامية للحفاظ على حياة الكساسبة.
وكان والد الكساسبة قد وجه رسالة للملك عبد الله في مقابلة مع موقع CNN بالعربية منذ عدة أيام قائلا: “رسالة موجهة لجلالة الملك.. من أرسل ابني ليقاتل خارج حدود الأردن هو النظام وهو التحالف.. التحالف ليس لنا شغل فيه.. دورنا فقط حماية حدود الأردن أما نقاتل في مناطق أخرى فهي حرب ليس لنا دخل فيها.. لذلك الي أرسل ابني ليقاتل في مناطق أخرى عليه أن يعيده بأي شكل من الأشكال.. ما عندنا إلا طلب واحد هو عودة معاذ سالما إلى أرض الوطن”.
ووقع الطيار الأردني معاذ الكساسبة (27 عاما) أسيرا بأيدي تنظيم الدولة الإسلامية صباح الأربعاء 24 ديسمبر 2014، بعد سقوط طائرته الحربية من نوع إف-16 أثناء قيامها بمهمة عسكرية في محافظة الرقة شرقي سوريا، وقال نشطاء حينها إن خللا فنيا كان وراء سقوط الطائرة التي تحطمت شمال سوريا الأربعاء الماضي، حتى نشر تنظيم القاعدة حوارا أجري معه وفيديوهات مصورة تظهر أسره.