واشنطن بوست: رهان أمريكا على السيسي خاسر
خصصت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية افتتاحيتها المنشورة عقب هجمات سيناء لانتقاد السياسة الأمريكية الداعمة لسلطة الانقلاب العسكري في مصر رغم سياسته القمعية، مؤكدة أن رهان أوباما على السيسي خاسر.
واستهلت الصحيفة بالقول: “أظهر نظام السيسي من جديد طبيعته العنيفة والساخرة خلال نهاية الأسبوع الماضي، حينما كانت البلاد تحيي الذكرى الرابعة للثورة الشعبية التي أطاحت بالحاكم السابق حسني مبارك.
وتابعت ” قتل أكثر من 20 محتجًا على أيدي الشرطة، بما في ذلك الناشطة الليبرالية الحقوقية شيماء الصباغ، التي أصيبت بعيار ناري في الظهر بينما كانت تسير في اتجاه ميدان التحرير لوضع الزهور. كما اتُّهِم خمسة شهود حاولوا الإدلاء بشهادتهم حول مقتل شيماء بتنظيم احتجاج غير قانوني”.
وأضافت: “على الرغم من وعد السيد السيسي بإطلاق سراح الصحفيين والناشطين الشباب في هذه الذكرى، لم يُفرَج عن أي من عشرات الصحفيين الذين سجنهم قبل النظام، بما في ذلك الأسترالي بيتر غرستي، والكندي محمد فاضل فهمي، ولا القادة الليبراليين الذين قادوا المظاهرة التي فجرت الثورة، قبل أن يسجنهم نظام السيسي؛ لانتهاكهم قانون مكافحة الاحتجاج شديدة القسوة، بل ولا حتى أعضاء البرلمان الـ 176 المنتخبين ديمقراطيًا، الذين ما زالوا رهن الاحتجاز جنبًا إلى جنب مع الرئيس السابق محمد مرسي”.
وأردفت الصحيفة الأمريكية: بدلا من ذلك، أُفرِج عن اثنين من أبناء مبارك، كانا قد حوكما بتهم الفساد بعد الثورة، كما رُفِضَت الاتهامات الموجهة ضد أبيهما.
وأضافت ” بل أدلى السيسي شخصيًا بخطابٍ حذر فيه المصريين قائلا ،خلي بالك وانت بتطالب بحقوقك ، قائلا: في حين أنه “لا أحد ضد حقوق الإنسان،” إلا أن أولوياته مختلفة.
وأعربت الواشنطن بوست عن أسفها لأن “أوباما يتشارك وجهة نظر السيسي ذاتها؛ حيث صرح مرارا وتكرارا بسياسةٍ تستند على إخضاع بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر للعلاقة الأمنية الأمريكية مع النظام”.
واستشهدت الصحيفة على ذلك بنجاح الإدارة الأمريكية الشهر الماضي في الحصول على موافقة من الكونجرس باستئناف المساعدات لمصر بالكامل، حتى لو لم يتخذ النظام الخطوات اللازمة لاستعادة الديمقراطية أو إطلاق سراح السجناء السياسيين، إلى جانب إرسال طائرات الأباتشي بالفعل إلى القاهرة، بعد تجميدها في أعقاب انقلاب يوليو 2013.
وأكملت الصحيفة: في تبرير نهجه الجديد لكوبا، كررأوباما هذه العبارة: إذا فشلت سياسةٌ لنصف قرن؛ ينبغي التخلي عنها. ومع ذلك، فإن التاريخ الكئيب الذي يمتد لـ70 عامًا من الدعم الأمريكي للديكتاتوريين العرب، والذي أسهم بنصيب وافر في إنتاج الفوضى التي تجتاح المنطقة الآن، لا يردع الرئيس إعادة انتهاج سياسة سيسي وكذلك ملك السعودية الجدديد سلمان، الذي كان يتودد إليه الثلاثاء الماضي في الرياض”.
قد يجادل البيت الأبيض أن قمع السيد السيسي، على الرغم من أنه أشد ما عرفت مصر منذ عقود، هو أفضل من الفوضى الدموية في سوريا أو ليبيا. لكن عن طريق قتل المعارضين السلميين مثل شيماء الصباغ، وإسكات وسائل الإعلام وسجن الناشطين العلمانيين المؤيدين للديمقراطية، مثل قادة 25 يناير أحمد ماهر ومحمد عادل، فإن النظام يسهم على الأرجح في جعل الجماعات المتطرفة تزدهر، على حد وصف الصحيفة.
وأكملت الصحيفة رصدها لتداعيات القمع الذي ينتهجه نظام السيسي قائلة: “بالفعل زاد عنف المتشددين الذين تعهدوا بالولاء للدولة الإسلامية في ظل حكم السيسي، وشنوا سلسلةً كبيرةً من الهجمات في شبه جزيرة سيناء يوم الخميس.
وختمت بالقول: “صحيحٌ أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل الشرق الأوسط العربي في هذه اللحظة العصيبة، لكن أحد أقل النتائج ترجيحًا هو: العودة إلى الاستقرار في ظل الحكام العسكريين الأقوياء على غرار الخمسينيات أمثال السيد السيسي. وبتجاهل وحشيته، واستئناف العمل الثنائي كالعادة؛ فإن إدارة أوباما تتخذ رهانًا خاسرًا”.