يطل علينا معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 46 بوجه في ظاهره الثقافة والحرية، ومن قبله التجهيل والقمع، ففي سابقة هي الأولى من نوعها مُنعت كتب الدكتور يوسف القرضاوي والإمام الشهيد حسن البنا من دخول معرض الكتاب هذا العام، خوفًا أو تخوفًا من أن تسري ثقافة أولئك في نفوس وعقول شباب بدأ حراكه نحو الحرية والثقافة والتنوير غير آبه بما سيناله في سبيلها.
على حين صرح الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب أن مجموعات القرضاوي وفتاواه والتي تصدر عن دار الشروق منذ عدة سنوات لن تكون متواجدة في معرض الكتاب هذا العام، موضحًا أن الدار قامت بسحب الكتب قبل افتتاح المعرض مباشرة؛ معللا ذلك بأن الكتاب الواحد المتطرف يصنع أكثر من ألف إرهابي.
وصرحت وزارة الثقافة بإيمانها بحرية الرأي والفكر وأنها لا تضع شروطًا رقابية على العارضين ولا ترحب بمصادرة أي كتاب، ولكن الجمهور الواعي هو الذي رفض أن يكون لهذا الرجل –يعني القرضاوي_ وجودًا في المعرض – على حد زعمه.
ولكن، جاءت ردود “الجمهور” على عكس ما تخيلت الوزراة؛ إذ استنكر النشطاء ذلك مؤكدين أن الحكومة إن كانت جادة في محاربة الإرهاب فعليها أن تعمل على نشر كتب الشيخ لا منعها. فقمع الفكر لا يزيد أصحابه إلا تمسكًا به.
ولكن يبدو أن الحكومة لم تعِ الدرس، إذ بمجرد القبض على طالب بحوزته رواية 1984؛ انهال النشطاء والطلاب على الإنترنت بحثًا عن تلك الرواية التي أضجت مضجع الانقلابيين فحرزوها بقصد منعها فخاب ظنهم.
وكانت مصر قد شهدت منذ انقلاب ٣ يوليو العسكري عدة حالات لتجريم حيازة العديد من الكتب من بينها رواية 1984 إذ قامت قوات أمن الانقلاب في وقت سابق من العام الماضي، بضبط طالب بمحيط جامعة القاهرة، بحوزته رواية 1984 للكاتب جورج أوريل والتي تتحدث عن الأنظمة العسكرية الفاسدة التي تحكم البلاد بديكتاتورية.
إلى ذلك أكد مصدر في دار الشروق ل “رصد” منع كتب الدكتور يوسف القرضاوي والإمام الشهيد حسن البنا، وأسر المصدر ل”رصد” بأن ذلك المنع جاء لأسباب أمنية؛ ووعد بتوفير الكتب في وقت لاحق سرًا.
وقال المصدر في تصريحات خاصة ل”رصد” الظروف الأمنية والجماعات الإرهابية وراء هذا المنع، وإن لم تكن منهم فسأوفر لك في الغد كل ما تريد.
يذكر أنه قبل عشر سنوات ، وعلى خلفية مقتل عبد الحارث مدني محامي الجماعة الإسلامية -الذي توفي جراء التعذيب وقتها، كان ضمن أحراز القضية كتاب صادر عن الأهالي بعنوان” نقد الحركة النساوية”، وقال الحقوقي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عندما قبض عليه في نفس القضية: “حين عرضت النيابة علي ذلك ضمن الأحراز ضحكت، وقلت إن الكتاب متاحٌ ولم يكن كتابًا سريًا وصدر عن دار معروفة معتمدة”. بحسب العربي الجديد.
مسلسل الحجر على الفكر لم يقتصر على هذه الكتب ولن يقتصر عليها، فأخوف ما يخاف الانقلابيون بناء جيل جديد واعٍ يتعرف حقوقه، ويسعى لنيلها.
الجدير بالذكر أن ظاهرة منع الكتب من التداول واتخاذها دليل إدانة أو رمز تطرف، كثر في الآونة الأخيرة؛ إذ أدرجت عدد من الكتب على قوائم المنع من بينها: كتاب الرسائل للإمام الشهيد حسن البنا، وكتاب الحركة الطلابية – من إصدارات مؤسسة حرية الفكر والتعبير- وكتاب عن تراجع طلاب الإخوان وصعود القوى الطلابية، و وليمة لأعشاب البحر للأديب السوري حيدر حيدر، والتي صدرت 1983، وتدور أحداثها حول مناضل شيوعي عراقي هرب إلى الجزائر.
أما الكتب الأكثر رواجًا فهي تلك التي تهتم بالأزياء والأنظمة الغذائية للسمنة والنحافة ووصفات الطبخ، والسحر.