تتوالى الأنباء عن تراجع الجنيه المصري لأدنى مستوياته الرسمية وبالسوق السوداء والجنيه المصري إذ يسجل أكبر تراجعاته منذ أشهر وسط سيطرة للسوق السوداء، أو كما يطلق عليها البعض السوق الموازية على سعر صرف الجنيه وعجز السوق الرسمية ممثلة في البنك المركزي عن اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية الجنيه.
فقد ارتفع اليوم سعر الدولار في السوق الموازية أمام الجنيه 5 قروش، ليقترب حسب بعض المتعاملين من 7.90 جنيهات. في حين هبط الجنيه أمس لأدنى سعر رسمي له منذ عامين وسجل 7.1901 جنيهات للدولار من 7.14 جنيهات في أحدث مزاد للبنك المركزي يوم الأحد، مسجلا أدنى مستوى منذ بدء العمل بنظام المزادات في ديسمبر 2012 وأول خفض رسمي لسعر العملة منذ منتصف العام الماضي.
وعرض البنك المركزي 40 مليون دولار في عطاء يوم الأحد، وقال إنه باع 38.5 مليون دولار وبلغ أقل سعر مقبول 7.1901 جنيه للدولار حسبما قالت "رويترز".
واليوم ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في السوق الرسمي داخل البنوك 5 قروش دفعة واحدة ليصل إلى 7.20 جنيه للشراء و 7.2301 جنيه للبيع مقابل 7.15 جنيهات للشراء و7.1801 جنيهات للبيع.
وكان البنك المركزي المصري قد قام الأسبوع الماضي بخفض سعر الفائدة بقيمه 50 نقطة ، و يتوقع العديد من المحللين الاقتصاديين أن هذا القرار قد يؤدي إلي ذهاب المدخرين إلي الدولار بحجه انه يرتفع يوما بعد يوم و هو أفضل للمدخر المصري في مقابل شهادات الاستثمار و شهادات الادخار ذات العوائد الشهرية أو الربع سنوية ،
وخسر احتياطي النقد الأجنبي نحو 1.576 مليار دولار خلال شهري نوفمبر وديسمبر، ووصل إلى مستوى 15.333 مليار دولار.
ويتوقع خبراء الصرف أن يستمر الجنيه في التهاوي أمام الدولار، وربما يسجل 10 جنيهات إذا استمر الحال كما هو حاليا في تراجع الجنيه، وعجز البنك المركزي عن توفير العملة الصعبة للمتعاملين، ما يحميهم من اللجوء للسوق غير الرسمية.
كان آخر ما أجراه البنك المركزي هو مناشدة المواطنين التوقف عن التعامل مع السوق غير الرسمية، وهو بالتالي غير المجدي لحاجة المستوردين للعملة الصعبة والشركات الأجنبية وجهات عديدة.
واستحدث البنك المركزي طرحا أسبوعيا رابعا في ديسمبر في إطار جهوده لكبح السوق السوداء بعد اتساع الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، لكنه لم يفلح في تضييق الفجوة بشكل يذكر.
وكان البنك المركزي قرر الخميس الماضي، خفض أسعار عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، بواقع 50 نقطة مئوية ليتراجع إلى 8.75% و9.75% على التوالي، مقارنة بمستويات 9.25% للإيداع، و10.25% للإقراض.
كما تقرّر تخفيض سعر العملة الرئيسية للبنك المركزي، بمقدار 50 نقطة مئوية إلى 9.25%، وكذلك سعر الائتمان والخصم بمقدار 50 نقطة مئوية إلى 9.25%.
خبراء الاقتصاد وصفوا قرار المركزي بأنه يضر الاقتصاد المصري في المرحلة الحالية، فرغم أنه يخفف العبء على أكبر مقترض من البنوك حالياً وهي الحكومة، وبالتالي تراجع تكلفة هذه الديون، غير أنه يشكل ضرراً بالغاً على سوق الصرف، ويضر بسعر الجنيه الذي يتهاوى منذ عدة أشهر.
الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام قال لـ"رصد" إنه رغم أن قرار المركزي ظاهريا يخفف أعباء الديون ما قد يؤدي لتراجع عجز الموازنة، إلا أن توابعه كارثية نوعاً ما، فهو يؤدي لتفاقم أزمة صرف الجنيه.
كما ذكر أن سعر صرف الجنيه بالسوق المحلية يسجل أكبر تراجعاته ليقترب من ٨ جنيهات بالسوق السوداء بينما يستقر بالسوق الرسمية عند ٧.١٨ جنيهات.
ويشرح عبد السلام لـ"رصد" بقوله إن القرار يزيد أعباء المستثمرين، ولا يشجّع على ضخ استثمارات جديدة، خاصة وأن عائد هذه الاستثمارات سيكون ضعيفاً؛ بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية الحالية التي تمر بها مصر.
كما أنه يدفع لارتفاع المضاربة بالسوق السوداء؛ لأن العملاء سيسحبون أموالهم من البنوك لتراجع سعر الفائدة بها، ويتجهون للسوق السوداء للدولار للمضاربة، والحصول على أعلى المكاسب، ما سيؤدي بالتالي لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.