بعد تراجع أسعار النفط بأكثر من ٦٠% خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي تستمر حتى الوقت الحالي، وسط توقعات بمزيد من التراجع ليكبد الدول النفطية خسائر كبيرة، ويعرّضها لتحديات غير مسبوقة أبرزها دول الخليج التي لن يقف هذا التراجع عند حد التأثير عليها داخلياً، بل يمتد لمساعداتها للدول النامية وأبرزها مساعداتها لمصر.
ويبدو أن الخليج تخلى عن الانقلاب، الذي بدأ في لجوئه لدول أخرى للحصول على دعم لمحطات الكهرباء في ظل أزمة كهرباء جديدة بدت ملامحها خلال الأيام الماضية.
فقد خفّضت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) توقعاتها لنمو الطلب على النفط الذي تصدره الدول الأعضاء خلال عام 2015 إلى 28.8 مليون برميل يوميا بتراجع قدره 100 ألف برميل يومياً عن توقعاتها السابقة الصادرة في كانون الأول الماضي، ومقارنة بمعدل صادراتها الشهر الماضي البالغ 30.2 مليون برميل يومياً.
وتوقعت "أوبك" في تقريرها الشهري الصادر، أمس الأول، أن ينمو الطلب على النفط عالمياً بمقدار 1.15 مليون برميل يومياً في عام 2015، بزيادة قدرها 30 ألف برميل يومياً عن توقعاتها السابقة أيضاً، بسبب توقعات بارتفاع الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وعدد من الدول الآسيوية.
وقالت "أوبك" في تقريرها إن إنتاج الدول غير الأعضاء بها من النفط عالمياً سيرتفع بنحو 1.28 مليون برميل يومياً في 2015 مقارنة بالعام الماضي، ولكنه متراجع بنحو 80 ألف برميل يومياً عن توقعاتها السابقة.
وأظهر التقرير أيضاً ارتفاع إنتاج أوبك من الخام في ديسمبر الماضي، بواقع 140 ألف برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق عليه ليصل إجمالي الإنتاج إلى 30.2 مليون برميل يومياً وفقاً لمصادر ثانوية.
ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق انتقد في وقت سابق تهليل بعض المسئولين الحكوميين لانخفاض أسعار البترول، باعتبار مصر دولة مستوردة للبترول، وادعاء أن ذلك سيؤدي لتكلفة الواردات البترولية، الأمر الذي يقلل العجز بالميزان التجاري، كما أنه من ناحية أخرى يقلل من نفقات دعم المنتجات البترولية، مما يقلل العجز بالموازنة.
وقال "الولي" في مقال له إن تراجع أسعار النفط سيؤدي لتضرر دول الخليج، مما يؤدي إلى انخفاض المعونات التي يقدمونها للدول الأخرى ومنها مصر، مشيراً إلى أن حكومة الانقلاب حاولت تدارك نقص تلك المساعدات، وقامت بطرح سندات مصرية بالأسواق الخارجية بنحو مليار ونصف المليار دولار مما يزيد من الدين الخارجي المصري.
ولفت إلى أن المنح الخليجية بلغت حوالي 96 مليار جنيه بالعام المالي الماضي، ونظرًا لتراجع أسعار النفط فلم تتكرر خلال الشهور الخمسة الأولى من العام المالي الحالي، ولا يتوقع تكرارها في باقي شهور العام المالي.
وتابع "الولي" أنه من الآثار السلبية لانخفاض سعر البترول على مصر، انخفاض الاستثمارات البترولية نتيجة تدني السعر، وبالتالي انخفاض موارد دول الخليج من تصدير البترول إلى قلة استثماراتهم الخارجية عمومًا ، وهو ما سينعكس على مصر.
وفي ظل أزمة الكهرباء التي باتت تلوح من جديد، وفي ظل تهاوي أسعار النفط يبدو أن الخليج بدأ يتخلى عن دعمه للانقلاب الذي لجأ لليابان للحصول على دعم لشبكات الكهرباء، حيث قال رئيس وزراء اليابان، شينزو آبى، أمس إن بلاده ستدعم مصر وستقدم قروضاً بقيمة 300 مليون دولار لشبكات الكهرباء بجانب الكثير من المساعدات التي ستقدمها في كثير من المجالات.
وقد شهدت محافظات القاهرة والجيزة، والإسكندرية وبورسعيد خلال الأيام الماضية انقطاعاً للكهرباء، واستمر لفترات طويلة وصل في الإسكندرية لأكثر من 4 ساعات متواصلة.
وكانت كهرباء الانقلاب برّرت انقطاع الخدمة في بعض المناطق وتخفيف الأحمال بأنه جاء نتيجة موجة الطقس البارد التي تعرضت لها البلاد، وأن استخدام المواطنين للدفايات بشكل متزايد هو السبب وراء انقطاع التيار.
كما بررت الوزارة تخفيف الأحمال بأنه نتيجة طبيعية لعدة عوامل، منها أن أحد حقول الغاز تأثر بسبب برودة الجو، وبعض المواسير تجمّد فيها الغاز.
يشار إلى أنه خلال الصيف الماضي شهدت محافظات مصر ظاهرة الظلام الدائم الذي امتد فيه انقطاع الكهرباء لأكثر من 6 ساعات متواصلة، وعجزت حكومة الانقلاب عن إيجاد حلول للأزمة، وبررت أن السبب يرجع إلى ارتفاع درجات الحرارة وقتها.