إعلان سماحة الدين الإسلامي، والتجاهل، هما أبلغ رد على نشر صحيفة "شارلي إيبدو" للرسوم المسيئة للرسول- صلى الله عليه وسلم- من وجهة نظر المؤسسات الدينية الانقلابية في مصر، فهي لم تدين وتستنكر بحجم ما فعلت مع حادث الهجوم على "شارلي إيبدو"، ولم تدع لتظاهرة منددة بالإساءة للرسول الكريم.
وأعلنت "شارلي إيبدو"، أمس الثلاثاء، إصدار عدد جديد اليوم الأربعاء، يتضمن صورا مسيئة للنبي محمد، وانتهى طاقم تحرير مجلة "شارلي إيبدو" من إعداد وطباعة ثلاثة ملايين نسخة لعددها الجديد، الذي سيتوافر لدى الباعة اعتباراً من صباح الأربعاء، بدلاً من 60 ألف نسخة دأبت الصحيفة على طباعتها أسبوعياً في السابق، وسط مؤشرات على أن يحقق عددها الجديد مبيعات قياسية.
رد غير متوقع
وعلى ما يبدو ان رد فعل المؤسسات الدينية في مصر، جاء على غير المتوقع، ولم يأتي حتى مساويا لما قدمته مصر مع باقى الدول العربية من تظاهرة منددة بـ"الارهاب" عقب الهجوم الذي وقع على الصحيفة، منذ أسبوع مضى، لرد اعتبار 12 صحفيا قتلوا على يد مسلحين، فضلا عند التنديدات الواسعة والاستهجان المشين لمنفذي الحادث، وأن حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع.
وكان من المتوقع أن تثير تلك الرسوم المسيئة من "شارلي إيبدو" ردود فعل واسعة، من قبل سلطات الانقلاب في مصر، وأن تتخذ قرارات شتى بشأن هذا الأمر، أو على الأقل تنظم تظاهرة مثل التي شاركت بها في فرنسا، إلا أن رد الفعل عند المؤسسات الدينية بمصر، رأى بأن التجاهل هو أبلغ رد على تلك الإساءة.
فضلا عن "دعوة للتسامح" التي أطلقتها الأزهر، وكأنها تريد أن نترك ونتسامح مع كل من أساء لديننا أو لرسولنا الكريم أو لقرآننا دون أن نقوم بأي رد فعل يعيد لهم حقهم، أو يمنع الإساءة لهم، مما يسمح لمن يكره الإسلام بأن يتطاول ويسب كما يشاء مالم يوجد رادع يمنعه.
الرد المصري
من جانبه فقد دعا الأزهر الشريف جميع المسلمين في العالم إلى تجاهل رسوم مجلة شارلي إيبدو الفرنسية المسيئة للرسول الكريم، مجددا رفضه لما أقدمت عليه المجلة مجددا من نشر ما زعمت أنه صورة للنبي صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن الأزهر، إذ يستنكر هذا الخيال المريض؛ فإنه يدعو جميع المسلمين إلى تجاهل هذا العبث الكريه؛ لأن مقام نبي الرحمة والإنسانية – صلى الله عليه وسلم – أعظم وأسمى من أن تنال منه رسوم منفلتة من كل القيود الأخلاقية والضوابط الحضارية، مطالبا كل عقلاء العالم وأحراره بالوقوف ضد كل ما يهدد السلام العالمي.
فيما أطلق الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، حملة إسلامية مضادة لمواجهة حملات الإساءة للإسلام فى الدول الغربية تحمل عنوانا "دعوة للتسامح"، لإظهار سماحة الدين الإسلامي، وذلك لمواجهة حملات الإساءة من الجهات اليمينية المتطرفة فى الغرب من خلال نشر رسوم مسيئة للإسلام وللرسول عليه الصلاة والسلام.
وأوضح- فى بيان صحفي- أن الأزهر بدأ فى الإعداد لنشر سلسلة من الكتب العلمية بعدة لغات للتعريف بالقيم الإسلامية التى تدعو لنشر الخير والتسامح والتعايش السلمى بين المسلمين وغيرهم، والتأكيد على مكانة الرسول وأخلاقه الكريمة التى تدعو للتسامح والعدل والمساواة بين البشر جميعا والرحمة للجميع مسلمين وغير مسلمين.
فيما دعا الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية بسلطات الانقلاب، إلى التعامل مع إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم في مجلة شارلي إيبدو بالحكمة لا بالحماقة, وبالأسلوب الهاديء لا بالاندفاع الزائد, مضيفا أنه يجب أن يستمع العالم إلى العقلاء من أتباع الديانات المختلفة وينصت إلى مطالبهم التي يكررونها عقب كل إساءة إلى الرموز والمعتقدات الدينية.
وطالب مستشار المفتي في محاضرة ألقاها في كنيسة مارتن لوثر في ولاية نيويورك ونقلها بيان لدار الافتاء اليوم- بعدم تكرار سيناريو الدنمارك السييء الذي مازلنا نعاني من تباعاته حتى الآن، مشيرا الى أن أبلغ رد على أي إساءة للرسول الكريم تكون بالتجاهل ومقابلة الإساءة بالإحسان كما كان يفعل نبي الرحمة طيلة حياته.
استنكار اسلامي
واستنكر إسلاميون، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، إعادة مجلة شارلى إبدو الفرنسية صور مسيئة للرسول- عليه الصلاة والسلام-، موضحين أن ما فعلته المجلة الفرنسية تحريض ضد المسلمين، واستفزاز لمشاعرهم، ما يعد تحديا كبيرا للمسلمين وللعالم، وزيادة فى الصراع القائم من الغرب ضد الإسلام.
وطالبوا المجلة بوقف الإساءة لرمز الإسلام الأول، واستمرار نهجها الساخر من المقدسات الإسلامي، مؤكدين أن حرية التعبير لا يجب أن تضر بالآخرين، لكن حرية التعبير لدى المجلة تضر المسلمين.
وتساءلوا "هل بإمكان المجلة الفرنسية أن تنشر رسوما تشكك فى الهولوكوست، وتسئ لليهود؟ هل حرية التعبير من شأنها الإساءة للإسلام فقط دون غيره من الأديان؟، مشيرين غلى أن فرنسا قامت بمحاكمة أحد مواطنيها عندما شكك فى المحرقة النازية.