شهد عام 2014 في مصر محاكمات جماعية متكررة أثارت شكوكا كثيرة حول استقلالية القضاء، واجتذبت اهتمام الإعلام الأجنبي، الذي أدان بدوره هذه الأحكام غير المسبوقة في مصر، بوصفها انتهاكا صارخا للقانون، وهو ما نستعرضه في السطور التالية:
الحكم بإعدام 528 شخصًا:
عن هذا الحكم قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية"إن الأرقام وحدها تعتبر صاعقة، حيث حكمت محكمة جنايات المنيا في مارس 2014 بإعدام 529 من المؤيدين للإخوان المسلمين بسبب دورهم المزعوم في قتل ضابط شرطة. وقد صدر حكم الإدانة بعد جلستي محاكمة فقط"، مضيفة "من شأن حكم كهذا أن يبعث القشعريرة في أجساد هؤلاء الذين هللوا للثورة المصرية وتخيلوا أن البلاد في طريقها إلى الديمقراطية، كما يؤكد أنها كانت بأوامر من القيادة العسكرية كجزء من الثورة المضادة ويرجح أن القضاء خاضع بالكامل لحملة القمع السياسية التي يقودها الجيش".
بينما أشارتمجلة "تايم" الأمريكية إلى "أن الخبراء القانونيين حاولوا البحث في تاريخ المحاكمات العالمية عن محاكمة تضمنت حكمًا مثل هذا في جلسة واحدة ولكنهم لم يجدوا شيئا"، فيما اختارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عنوان "إجهاض العدالة في مصر"، لتغطية هذا الحكم، مشيرة إلى "أن هذا الحكم مجرد مثال على نظام قضائي يعيث فسادًا"، واصفة المحاكمة بأنها "صورية وتهدف إلى تخويف أي شخص يجرؤ على تحدي الجيش أو يتعاطف مع الإخوان".
الحكم بإعدام 683 شخصًا:
"السلطات المصرية تُنزل أحكام الإعدام بالناس كأنها توزع الحلوى، هذه الأحكام المروعة دليل إضافي على مدى تحطم نظام القضاء المصري"، هكذا علقت"سارة ليا ويتسون", المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، على حكم إحالة أوراق 683 شخص إلى المفتي تمهيدًا لإعدامهم في أبريل 2014، بسبب اعتداءات وقعت في أغسطس 2013 على مركز شرطة العدوة بمحافظة المنيا في مصر الوسطى.
أما"منظمة العفو الدولية"فقد قالت "إن هذا الحكم يسخر ويزدري العدالة"، حيث قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: "تكشف قرارات المحكمة عن مدى التعسف والانتقائية التي وصل إليها نظام العدالة الجنائية في مصر، ولقد برهنت المحكمة على ازدرائها الكامل لأبسط المبادئ الأساسية المتعلقة بالمحاكمات العادلة، وقوضت من مصداقيتها بالكامل".
كما أضافتصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية: "إن المصريين كانوا يبحثون عن العدالة لكن آمالهم ضاعت بعد الأرقام القياسية لأحكام الإعدام", مؤكدة "أن الأحكام أظهرت أن القضاء المصري يعيث في الأرض فسادًا في ظل فقدان الكثير من المصريين الأمل في العدالة بعد تورط النظام القضائي في الحملة القمعية التي يمارسها النظام ضد الإخوان المسلمين".
وقالتصحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية"في محاكمة استغرقت 8 دقائق فحسب، دون مرافعة من دفاع المتهمين، قرر القاضي توقيع عقوبة الإعدام على 683 متهما من مؤيدي الرئيس المعزول. إنها تجسيد لموت العدالة في مصر. ومن المرجح أن تزيد هذه المحكمات من تشويه سمعة السلطات المصرية دوليا".
الحكم بإعدام 188 شخصًا:
كما علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكيةعلى الحكم الذي صدر بحق 188 شخصًا في ديسمبر 2014 فيما يعرف بـ "مذبحة كرداسة"، قائلة: "إن الحكم افتقر إلى أدنى درجات النزاهة، حيث لم يسمح لأكثر من مائة متهم بالاستعانة محاميهم".
بينما قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش""تم تعيين قضاة للتعامل مع القضايا التي تشمل الإرهاب أو العنف المنظم أو التي تعتبر حساسة للأمن القومي، فيما يعرف بالدوائر الخاصة".
وأكدت سارة ليا ويتسون أن "أحكام الإعدام الجماعية تفقد القضاء المصري سمعته واستقلاليته، وبدلا من تقييم الأدلة ضد كل شخص مدان، فإن القضاة يدينون الأشخاص بشكل جماعي دون النظر إلى معايير المحاكمة العادلة".
بينما أوضحت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانيةأن "مثل هذه الأحكام تستهدف فقط تغيير ميزان القوى بشكل متزايد لصالح الجيش، وتغرس الخوف وعدم الثقة بين المدنيين".