تسريبات متلاحقة، واحدا تلو الآخر، وردت على عدة وسائل إعلام تابعة لمعارضي الانقلاب، بدءا من فيديو "جاذب للستات" الذي نشرته شبكة "رصد"، وانتهاءا بالتدخل الفاحش لعباس كامل، مدير مكتب عبد الفتاح السيسي، في أحكام القانون والقضاء، والتوسط لكبار رجالات الدولة.
ومع توارد تلك التسريبات بين كل فترة وأخرى، أثيرت العديد من التساؤلات حول من له المصلحة في إظهارها، وكيف استطاع ذلك، ومن الذي مكنه من الحصول عليها، وما المصلحة العائدة على الجهة التي قامت بتسريب تلك التجسيلات والفيديوهات.
ووضع محللون وسياسيون عدة جهات رأوا أنها من قامت بتسريب التسجيلات لأهداف متنوعة، والتي كان كالتالي؛
1- مخابرات أمريكا وتركيا
ويذهب البعض إلى أن من وراء التسريبات جهات خارجية تسعى لتشويه الجيش المصري، وزعزعة الاستقرار بمصر، حيث قال الدكتور سامى عبدالعزيز، الخبير الإعلامى، إن هناك "مخطط تقوده أجهزة مخابرات عالمية على رأسها المخابرات الامريكية والقطرية والتركية بالتعاون مع جماعة الإخوان وراء حملة التسريبات.
وكشف- في تصريحات للدستور- أن ذلك بهدف ترويج شائعات مغرضة ضد الجيش المصري وقائده لتشويه صورته أمام الرأي العام المصري والعالمي، وذلك ردًّا على إحباطه مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي تسعى الإدارة الأمريكية لتنفيذه بشتى السبل- حسب قوله.
وأوضح أن المخطط يتضمن نشر الفيديوهات المسربة والمفبركة عن السيسي أو من خلال وسائل الإعلام التابعة والمؤيدة للإخوان، معتبرة أن وجوده خطر على النفوذ الأمريكي في المنطقة- حسب تصريحه.
2- قيادات من داخل الجيش
رجح عدد من الخبراء العسكريون والاستراتيجيون في تصريحات لشبكة "رصد" أن التسريبات لقادة الجيش والرئاسة الانقلابية، لن تخرج إلا من أيدي ضباط الجيش أنفسهم، معتبرين أن حالات مقتل قوات الجيش من جنود وضباط وإرسال فرق قتالية لتموت في صحراء ليبيا أدت إلى سخط عام من الجيش المصري على النظام الحالي.
وأشاروا إلى أن التسريبات التي اذاعتها قناة مكلمين، تؤكد وجود انشقاقات بين قيادات الجيش المصري، ومؤشرات لوجود تخطيط للاطاحة بعبد الفتاح السيسي، حيث جاءت التسريبات لتكشف عن وجود عناصر خفية قامت بالتسجيل من داخل مكتب السيسي ووزارة الدفاع، مع تسريب المكالمات في توقيت قبل الاستعداد لمظاهرات 25 يناير القادمة.
وكشف أسامة جاويش المذيع بفضائية "مكملين"، مصدر التسريب الذي عرض على شاشاتها، بأن التسريبات وصلت إليهم عن طريق أحد القيادات التي كانت حاضرة أثناء الاجتماع، مؤكدًا أنه داخل قيادات المجلس العسكري يوجد الموالين لتيار أنصار الرئيس محمد مرسي.
ويقول عضو المكتب التنفيذي لحزب الوطن، الدكتور أحمد بديع، الذي استدرك بالقول: إنها "تأتي في إطار تصفية الحسابات داخل نظام السيسي"، مضيفا "لا يمكن أن تخرج تسريبات بهذا القدر من الأهمية إلا من خلال أشخاص نافذين بهدف وضع منافسين لهم تحت ضغط معين تمهيدًا للتضحية بهم"، في إشارة إلى مدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل.
وأضاف- في تصريحات لـ"عربي 21"- "علمتنا تجارب التاريخ أن الحاكم يبدأ في التخلص ممن ساعدوه على الوصول للحكم بمجرد استتباب الأمر له، وهذا ما تمهد له التسريبات".
3- تسريبات مفبركة
وتزعم مصادر مقربة من دوائر صنع القرار ومؤسسة الرئاسة أن تسريبات مكتب السيسي بوزارة الدفاع، التي اذاعتها قناة "مكملين" الفضائية، فيديو مفبرك تم بواسطة المخابرات القطرية.
وأضافت المصادر التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها أن الفيديو المنشور تم صنعه بأجهزة وتقنيات حديثة في تقليد الأصوات، وأن مثل هذا الامر معروف لدى المخابرات، لافتًة أن الفيديو الذي اعتبره "مفبرك" مماثل لما ورد في فيلم "ولاد العم" عندما أراد رجل المخابرات الاسرائيلي أن يُسمع "منى ذكي" صوت خالتها بعد تقليد صوتها رغم انه تم قتلها في وقت سابق، بحسب المصادر.
4- عنان والسيسي
ورجح باسم خفاجى رئيس حزب التغيير، أن يكون الفريق سامي عنان رئيس الأركان السابق، هو من قام بالتسريبات التي تخص قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، مشيرا إلى أن عنان هو ممثل الدولة العميقة التي ستبدأ في مشروع تفكيك الانقلاب العسكري، الذي قام به عبد الفتاح السيسي،وذلك بتسريب فضائحه وفضائح من يعملون له.
فيما قال الحقوقي، هيثم أبو خليل- في تغريدة له- "واضح أن سامي عنان حراق ..وله رجالته وربما يكون هم من سربوا ذلك ..وبتسريب اليوم قالهم بكل وضوح لا أقبل إنكم تراضوا مبارك وطنطاوي وتتجاهلوني وكمان ترفضوا الحزب بتاعي … وارد أن تتم تصفية عنان الأيام القادمة …حيقولك الشعب نايم ومشغول مع التفجيرات والإرهاب .. نخلص على الصداع ده ..ونخوف رجالته".
بينما توقع المنير أن يكون السيسى نفسه هو "من قام بتسريبه كقرصة ودن، ردا على الطبخة التى تجهز اﻵن للتخلص منه"، بحسب قوله، مضيفا: "انتظروا تسريبات أخرى وأحداث جديدة ولكن ﻻ تجعلوها تشغلكم عن الحراك الثوري وتصعيده فهذا هدف فرعى للتسريبات(اشغال الناس)، وكالتغطية على تبرئة مبارك كهدف فرعي آخر".
كيف؟
من جهة أخر، وذكر موقع "الشعب" في تقرير له، عن كيفية وصول التسريبات إلينا، حيث أشار الموقع إلى دور جهاز أمن الدولة، بعد أن توسع وتضخم منذ أن كان يرأسه "حبيب العادلي" قبل أن يصبح وزير الداخلية، وتحول جهاز أمن الدولة للتبعية المباشرة لرئيس الجمهورية، حيث كان من أسباب تضخمه أنه كان يسجل أيضًا لقيادات الجيش.
وكشف التقرير عن أن قيادات الجيش كانت تعلم بشأن تلك التسجيلات وأصبح معروفًا على نطاق واسع الآن أن اقتحام مقرات أمن الدولة عقب ثورة يناير مباشرة كان بالأساس للحصول على تلك التسجيلات لقيادات الجيش، مشيرا إلى أن تلك النقطة تحديدًا يمكن أن تمثل أحد المداخل التفسيرية لكيفية وصول تلك التسريبات إلينا.
فساد دولة
من جانبه قال مدير مركز هشام مبارك الحقوقي، مصطفى أبو الحسن، "إن التسريبات تؤكد أن هناك اختراقًا في جسد النظام حتى العظم، سواء من أجهزة داخلية أو خارجية، تشير إلى وجود أزمة في نظام الحكم، مضيفا- في تصريحه لعربي 21- " أن من يقوم بتلك التسريبات يعرف ماذا يسرب، ومتى يسرب، مشيرًا إلى أنها "تدلل على مدى الفساد في أجهزة الدولة المصرية".
فيما اعتبر اللواء محمود زاهر، ضابط المخابرات السابق والخبير الأمني والاستراتيجي، أن هناك محاولات حثيثة لضرب الثقة بين المواطن والدولة من أجل خلق حالة من عدم الاستقرار، مضيفا لـ"عربي 21"- "هناك أجهزة استخباراتية تسبق أجهزتها وتتفوق عليها، وتهدف إلى إضعافها بالتنسيق مع بعض الجهات الداخلية".