ليبيا دولة العدل
بالتأكيد صورة العقيد معمّر القذافي وهو مُلطخ بدمائه هي أحب صور الزعماء العرب إلى قلوبنا، وفيديو الثوار وهم يطلقون الرصاص على صدره ورأسه هو أشهر الفيديوهات العالقة بأذهاننا منذ بداية الربيع العربي فالتشفِّي في قتل سفاح هو صدقة جارية لا ينقطع ثوابها بالتقادم، فالعقيد القاتل السارق الكاذب لا أعتقد أنّ ميتةً غير هذه ستكون لها قيمة جزاءٌ له على ما اقترفته فوهة بندقيته.
المحكمة الأسرع والموت الأصدق
تبدأ شرارة الثورة في تيميشوارا غرباً ثم تمتد إلى العاصمة الرومانية بوخاريست يحاول نيكولاي تشاوشيسكو أن يقعمها لكن سرعان ما تنشق مجموعة من الوحدات العسكرية وتنضم إلى قوى الشعب، ويلقي الثوار في النهاية القبض على تشاوشيسكو أثناء محاولته الهروب مع زوجته أيلينا ويتم محاكمته وإعدامه في مده لا تزيد عن ساعتين ويتم إذاعة المحاكمة على شاشات التليفزيون ليتأكد الشعب من موت الديكتاور الشيوعي المستبد، مغلقين الفصل الأخير من قصة " صبي الجزمجي " الذي أصبح ديكتاتوراً.
براءة. عودو إلى مقاعدكم
نطق القاضي حُكمه ولا تعليق على أحكام القضاء فلا مُعقب لأحكامهم وهم سريعو الحساب (على قتل الثورة فقط)، وكأنّ العَود للمقاعد فهمه جمال مبارك حرفياً فالرجل عقب خروجه من السجن بدأ في تجهيز حملته الإنتخابية لإستعادة روح الشباب وعودة الأيام الخوالي، فللقصر الجمهوري وحشةً لا يعلمها إلا من ذاقها وعرفها فليس من ذاق كمن سمع، والسيدة الأولى لقب له رونقه فلا مراجعةً لأمرها ولنهيها الإجتناب الواجب، وللرئيس الأب شرفٌ لا يقل عن شرف الرئيس الإبن، وللقصور والمنتجعات إشتياقٌ لا مثيل له.
إستغفرو لثورتكم فإنها الآن تُقتل
مُقتطفٌ من حديث شريف دأب مشايخ قريتنا أن يرددوه عقب دفن أي متوفي من أبناء البلد، لكن واليوم وبعد أعوام من الثورة وأعوام من الهتاف يجب علينا أن نستغفر لثورتنا المجيدة فإن التاريخ سيسألها وسيحاسب رجالها بالتأكيد، وستصيبهم لعنات الأجيال القادمة لا محالة فحكم العسكر عارٌ ستعايرنا به الأجيال القادمة كما عايرنا نحن من سبقونا – فكما تدين تدان-، ولكن ما رأيناه وما سيُروى لهم سيجعلهم يكفون عن اللعان بألسنتهم ويبحثون عن أساليب أحدث للتعنيف فالكلام وقتها لن يكون مُجدياً، والاصوات وإن كانت عالية لن يكون لها صدى.
إيد واحدة
منذ فترة وقبل خروج مبارك كنت أحاول جاهداً أن أتفهم أسباب الخلاف بين جميع الفصائل حاولت أن أعمل على تقريب أي فريق لفريق وأي فكرة لأخرى لكن دائماً كانت تبوء بالفشل لأسباب " صبيانية " كان يجنُّ جنوني لها، أين مصر!
أين دماء الشهداء أين الثورة أين المعتقلين أين الأحلام أين الحرية!
كل هذا يتم بيعه لأجل مبلغ هنا ومنصب هناك ومقعداً هنا ومقابلة هناك ! وضاعت الثورة.
واليوم وبعد أن أعطانا العسكر هدية من ذهب للتوافق والإلتفاف حول الثورة تجد إطلاق الإتهامات والمعايرات وكأننا جميعاً لم نُخطأ في حق الثورة، وكأننا جميعاً قد نسينا جرائمنا التي تسبب في موت الثورة وضياعها، وننسى جميعاً تلك الجرائم والأخطاء ونبدأ في جلد الرفقاء الذين حولهم العسكر لفرقاء.
ونساهم جميعاً فيما يريده العدو أن لا تؤتي الثورة أكلها ولا لجثامين الشهداء أن ترتاح في قبورها فرحاً بالقصاص والنصر.
.