التبرئة الهزلية لفرعون مصر القاتل هي تنازل جديد من عبد الفتاح السيسي لأمريكا والكيان الصهيوني ومساعديهم ضمن سلسلة تنازلات عديدة لمزيد من الحفاظ على عرش متصدع وزائل، لتطرح معركة الاستقلال نفسها من جديد، فلا نجاح كامل للثورة إلا باستقلال كامل، ولا اصطفاف ناجح إلا بإعلاء قضية الاستقلال، ولا صعود للوطن إلا بترسيخ إلاستقلال قولًا وعملًا.
لقد أطلق العدو الصهيوني على مبارك "الكنز الاستراتيجي"، وكان من الممكن أن تبقي الثورة دون أي انقلاب عسكري غاشم لو لم يسلك ثوار يناير دروب الاستقلال الكامل ورفض التبيعية والهيمنة تحت لافتات عدة، ولو لم يقم الرئيس البطل المختطف الدكتور محمد مرسي باعلانها صريحة: "من يمتلك الغذاء والدواء والسلاح فقد امتلك إرادته" والبدء في تأسيس هاديء بطيء لدولة الاستقلال والتحرر، ولكن العدو التقط بدقة اشارات التحرر في مصر فدبر الانقلاب وحرر كنزه الإستراتيجي ورجله المخلص بقرار موقع في "البيت الدموي" كمكأفاة لنهاية الخدمة.
إن احتجاز الفرعون، ذلك الاحتجاز الفندقي وبحق، كان مجرد مرحلة من مراحل العصابة الصهيونية الأمريكية لترتيب البيت المصري من جديد علي عين البيت الابيض وتل أبيب، بما لا يخل بقواعد العبودية العالمية والهيمنة الصهيوأمريكية، وسقط في هذه الترتيبات رواد السهرة الحمراء الذين باعهم العسكر في 3 يوليو، لتعود مصر في 29 نوفمبر 2014 الي لب القضية من جديد: الاستقلال وبالتالي امتلاك القرار الوطني في كل شيء، أو التبعية والتزلف إلى العصابة الصهيونية الأمريكية لبقاء الأمور على ما هي عليها.
لاشك أن عبد الفتاح السيسي أصبح عبئً علي تلك العصابة الصهيونية الأمريكية، وفشل في تحقيق أحلامها حتى الآن، بعد أن أصبح عبئ على العصابة الصغيرة مدراء دولة الفساد الموازية، ومن مجريات الأمور الواضحة أن أمريكا تبحث عن بديل وأن السيسي يقدم تنازلات إستراتيجية تهدد وجود مصر كي يواصل البقاء بأي ثمن رغم فشله في كل شيء.
إن نداءات عدة رفعت خلال الأيام الماضية، لجمع المصريين من جديد خلف معسكر الثورة ضد الثورة المضادة، ومنها دعوات الاصطفاف على الهوية أو الحرية أو القصاص، وبتقديرنا أن الاستقلال كمبدأ جذري يجب أن يتقدم دعوات الاصطفاف مع دعمه بكل محفزات الدين والدنيا، من دعوات للحرية والهوية والقصاص، فلا قصاص بدون استقلال، ولا استقلال دون هوية، ولا هوية بدون حرية، ولا شيء من هذا دون وطن وعي ثائر.
إن المنطقة التي تستقبل موجات مباشرة وغير مباشرة من عودة الإمبراطورية الغربية لتحتل بلادنا وتسرق ثرواتنا وتهدد مقدساتنا وهويتنا، وتلغي حرياتنا وحقوقنا، توجب علينا رفع شعارات الاستقلال ورفض الهيمنة والتبعية، تحت مظلة ثورتنا المجيدة قلب الربيع العربي النابض والحي، وإن إسلامنا كعقيدة وحضارة قادر علي مدنا بكل سبل المقاومة والتحدي.
إننا لا ندعو لاختصار كل مطالب الثورة في مطلب الاستقلال والتحرر، ولكن ندعو لجعله البوصلة والمؤشر، حتى لا تتوه قبلتنا الثورية مجددًا، ويخرج علينا كنزًا استراتيجيًا سريًا جديدًا للعصابة الصهيونية الأمريكية، يسرق الثورة للمرة الثانية، ويلغي أهداف الثورة المصرية ومكتساباتها الدستورية، ويجعلنا نعيد الكرة مجددا لاقدر الله.
إن إفلات الكنز الاستراتيجي للعصابة الصهيونية وزمرته من القصاص العادل، مسألة مؤقتة، فالثورة المصرية في الميادين لم تهدأ ولن تهدأ باذن الله عزوجل، والربيع العربي يتقدم في كل مكان يحرض المشرق على الغضب والتحرر من الهيمنة والعبودية الأمريكية، والمكر الصهيوأمريكي يتضح يومًا بعد يومًا ويقدم كتالوجًا لمواجهته وإسقاطه بغير رجعة، ولن تحكمنا أمريكا ولا صبيان أمريكا باذن الله عزوجل، مالك الملك، والأرض والسماء .