شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

دور الأيتام فى مصر.. إهمال وتعذيب واعتداءات جنسية

دور الأيتام فى مصر.. إهمال وتعذيب واعتداءات جنسية
لديهم ما يكفيهم من الأحزان، والشعور الدائم بالفقد، ولديهم ما يكفيهم من الحرمان من حنان الأب والأم، ولدوا...

لديهم ما يكفيهم من الأحزان، والشعور الدائم بالفقد، ولديهم ما يكفيهم من الحرمان من حنان الأب والأم، ولدوا أيتامًا لا يجدون من يحنو عليهم، أو يحتويهم، أو يوجههم ويرشدهم.. وجدوا أنفسهم بين جدران وأطفال لا يعرفونهم، ومعلمين ومعلمات لا قرابة لهم بهم.

 

من المفترض أن تكون تلك الدور دور حنان ورعاية، دور تعليم ورقابة وإصلاح، ولكنها تحولت إلى حال مزرية؛ فأصبحت دورًا للتعذيب تارة أو للاعتداءات الجنسية تارة أخرى، حيث تغيب كل معالم الإنسانية وتنتشر الرذيلة، ويصبح الإهمال سيد الموقف، ليضرب بالقانون عُرض الحائط دون رقيب أو رادع لمعاقبة المسئول عن أشهر حالات الاعتداء الجنسي.

 

فبالأمس ظهرت واقعة جديدة في دار مؤسسة الإيوائية للأطفال الأيتام بالإسماعيلية، لكنها ليست الأولى من نوعها، فقد سبقها عدد من مثل تلك الحوادث، بين حالات تعذيب جسدية أو اعتداءات جنسية.

بدأت القصة عندما تقدمت مدرسة محو أمية تعمل بالدار، وتدعى داليا مجدي، بشكوى إلى المحامي العام الإثنين الماضي، تفيد بوقوع حالات اعتداء جنسي بشعة على أطفال الدار من قبل بعض المشرفين، حيث  كانت تعمل هناك منذ عامين، واكتشفت في أثناء عملها وقوع حالات اعتداء جنسي بين الأطفال من قبل المتهم "وحيد على كامل الفولي – 20 عامًا"، الذي كان أحد أيتام المؤسسة الإيوائية وعمل مشرفًا فيها بتكليف من المدير.

 

الغريب فى الأمر هو إنكار الدكتورة كريمة حلمي – وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالإسماعيلية – بكل ما حدث، ونفيها حدوث تلك الأفعال فى دور الأيتام، بدلاً من معالجتها للأمر ووقوفها على الخلل.

تقول حلمي إن الشاكية تدَّعي افتراءات للمساس بسمعة المؤسسة من أجل مصالح شخصية، مؤكدةً أنه لم يسبق لها تلقى أي شكوى عن حالات إهمال أو شذوذ جنسي بين نزلاء الدار، وأنها تتابع بنفسها سير العمل بالدار وكل المؤسسات التابعة لمديرية التضامن بالإسماعيلية؛ للوقوف على المشكلات وحلها، مؤكدةً أنها في انتظار نتائج تحقيقات النيابة العامة وكذلك في انتظار تقرير الطب الشرعي.

 

كان بعض أطفال المؤسسة قد أكدوا من قبل وجود حالات تعذيب بحقهم، وربطهم بالنافورة الخارجية للمؤسسة وضربهم بالخراطيم.

 

أما الشاكية فقد أكدت في بلاغها الذي تقدمت به للمستشار هشام حمدي – المحامي العام الأول لنيابات الإسماعيلية – أنها تأكدت من وقوع حالات اعتداء جنسي من قبل المتهم السابق ذكره.

وأضافت أنها علمت في أثناء عملها بالدار أن هناك حالات اعتداء جنسي على الأطفال تتم داخل الدار من قبل نزيل بالدار، وأن هناك شهودًا من المشرفين والأطفال النزلاء، مؤكدةً أن المتهم دائم الاعتداء على الأطفال جنسيًا، بناء على شهادة الشهود والأطفال أنفسهم، وأنها تقدمت بشكوى إلى مدير الدار إلا أنه لم يحرك ساكنًا، فتقدمت بشكوى أخرى إلى مديرية التضامن الاجتماعي بالإسماعيلية التي أرسلت لجنة من شخصين ولم يتم عمل أي شيء.

 

لم تكن الشاكية تتجنى – كما ادّعت وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالإسماعيلية – فبعد تفتيش النيابة العامة لحجرة المتهم، عثرت على هاتفه المحمول الخاص، ويحمل صورًا لعدد من أطفال الدار مجردين من ملابسهم، وطفلًا عار على سريره يمارس معه الرذيلة، وآخر يجلسه على رجليه في وضع خارج عن الآداب، لتوجه له النيابة العامة تهم هتك العرض.

بل إن النيابة العامة اكتشفت أن أبواب الدار مفتوحة على مصراعيها، وأن هناك أطفال تتغيب لمدة 15 يومًا دون السؤال عليهم، وبإمكان أي شخص الدخول والخروج في أي وقت؛ لتضيف بذلك دليلاً آخر على الإهمال الذي تعانيه مثل هذه المؤسسات في مصر.

 

لم تكن تلك الواقعة هى الوحيدة؛ فقد سبقها عدد من الوقائع المماثلة؛ من بينها واقعة دار "أيتام مكة" التي نشرت عنها وسائل الإعلام منذ أسابيع بسبب غياب الرقابة، واعتداء مدير الدار على الأطفال بالضرب المبرح، وتعذيبهم؛ الأمر الذى قاد زوجته إلى الإبلاغ عنه بعد نشر فيديوهات له تثبت تعذيبه لأطفال الدار.

وفى السويس، وقبل أسابيع مضت، ظهرت واقعة أخرى وهي ممارسة أطفال للشذوذ الجنسي في دار أيتام تابعة لمحافظة السويس، حيث قال اللواء العربي السروي – محافظ السويس، آنذاك – تلقينا بلاغًا بحدوث واقعة جديدة في إحدي دور الأيتام التابعة للمحافظة، وقمنا باتخاذ الإجراءات اللازمة على الفور، بالكشف على الأطفال وإجراء تحاليل طبية لهم، وإقالة مدير الدار وإحالته للتحقيق وتعيين مدير جديد.

 

وشدد محافظ السويس على أن هذه الواقعة ليست جديدة، موضحًا أنهم كانوا يتلقون شكاوى عن وقائع شذوذ تحدث في بعض دور الأيتام، وقمنا بحلها بعيدًا عن متناول وسائل الإعلام، نظرًا لحساسية الواقعة.

 

وعلى الرغم من تكرار تلك الحوادث بشكل يومي، ووجود حالات مماثلة فى الكثير من دور الأيتام فى مختلف محافظات مصر، إلا أنه حتى الآن لم تتخذ أى مواقف حازمة، أو رقابة منتظمة على تلك الدور، على الرغم من الدعوات التى تخرج عقب حدوث مثل هذه الوقائع بوسائل الإعلام.

تقول دعاء عباس – رئيس مجلس إدارة الجمعية القانونية لحقوق الطفل والأسرة  حين وقوع حادثة التعذيب بدار مكة – إن كامل اللوم يقع على وزارة التضامن الاجتماعي؛ متهمةً إياها بالتقصير، ومعللةً ذلك بأنه إن لم يكن هناك إهمال قانوني من قبل الرقابة التي تقوم بها الوزارة، فإنها ليست الحادثة الأولى التي تتكشف فيها فضائح الإهمال في بعض دُور الأيتام بمصر.

 

وطرحت عباس عددًا من التساؤلات المهمة مثل: لماذا لا تتعلم الوزارة من أخطائها؟ وأين الإشراف الدوري قبل أن تحدث الواقعة؟ ولماذا ننتظر حتى تحدث كارثة إنسانية كتلك لتتحرك الحكومة والجهات المعنية؟ وما مصير هؤلاء الأطفال بعد انتقالهم لدار جديدة؟ وكيف نتأكد أن تلك الحادثة لن تتكرر ثانية في مكان آخر وزمان آخر؟

 

وعلى الرغم من إصدار تلك التصريحات وغيرها الكثير، إلا أن تلك الحالات فى تزايد مستمر، وسط غياب للرقابة والعقاب.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023