رغم مرور ثلاثة أشهر على توقيع المبادرة الخليجية فى نوفمبر الماضي والتي بموجبها تنحى علي عبد لله صالح عن السلطة، ليخلفه عبد الهادي منصور كرئيس توافقي منتخب؛ لتهدئة الأوضاع المتوترة في البلاد، إلا أن الساحة السياسية ما تزال تشهد سجالاً عنيفًا بين قوات الحكومية ومسلحين ينتمون لتنظيم القاعدة بجنوب البلاد.
وتشهد مدينة زنجبار بمحافضة أبين في جنوب اليمن اشتباكات عنيفة بين جماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة والجيش اليمني مما أدى لمقتل أكثر من ثمانين قتيلاً أغلبهم من الجيش اليمني.
وأوضح شهود عيان من المنطقة أن المواجهات العنيفة التي اندلعت بين الجانبين تمكن خلالها المسلحون من السيطرة على موقعين عسكريين فى المدينة رغم الدعم الجوي للقوات الجوية وذلك قبل أن تستعيدهما القوات الحكومية.
ويرى جنود بالجيش أنهم يتعرضون لمؤامرة ويقول أحدهم: "هوجمنا من الوراء مع تواطؤ قسم من الحرس الجمهوري الذين سلموا أسلحتهم وسياراتهم إلى المهاجمين".
توظيف سياسي
ومن جانبه يقول محمد محسن الباحث في الدراسات الإستراتيجية في تقارير صحفية: إن خطر التحدي الذي يشكله تنظيم القاعدة لا يتوقف عن تهديده كتنظيم إرهابي فحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى مسألة توظيفه في الصراع السياسي من قبل بعض الأطراف.
ويضيف "القاعدة لا شك أنها موجودة بالفعل لكن للأسف الشديد أنها وُظفت من قبل بعض الأطراف في السلطة لمصلحتها وخير دليل على هذا أن القاعدة لا توجد إلا في الزمان والمكان الذي يخدم بعض الأطراف في العملية السياسية أو بعض الأطراف في السلطة, وهذا ما أحدث خلطًا قائمًا بين القاعدة كحالة موجودة يجب أن نواجهها بأساليب متعددة وبين كون أطراف في السلطة ما زالت تلعب بورقة القاعدة وإن كان هذا اللعب سيغدو على المدى القريب غير ذي أثر".
تواطؤ
فيما يرى محللون سياسيون أن تزايد الهجمات من قبل جماعة أنصار الشريعة التابعة لتنظيم القاعدة له علاقة بحملة التطهير وإعادة الهيكلة لمؤسسة الجيش الذي يقوم بها حاليًّا الرئيس عبد الهادي والتي أسفرت عن إقالة القيادات عسكرية على سبيل المثال (اللواء مهدي مقولة القائد السابق للمنطقة الجنوبية، وقائد اللواء 31مدرع وتعيين اللواء سالم علي قطن بدلاً منه، بالإضافة لإقالة العميد الضبعان قائد اللواء 33؛ الذي رفض تسليم مهمامه وقام بنشر جنود موالين له في مدينة تعز وإقالة اللواء الأحمر وهو أحد الموالين للرئيس المخلوع).
ويشير المحللون أن هذه الإقالات جعلت جماعة أنصار الشريعة تسرع من وتيرة هجماتها وبحسب ما ذكرته تقارير صحفية أن القيادات السابقة بالجيش اليمني في الجنوب كانت تتواطأ مع أنصار الشريعة وتستخدمها في حفظ امن النظام حتى تكون سببًا قويًّا لبقاء صالح في الحكم كما كان يفعل الرئيس المخلوع حسني مبارك ويستخدم الفتن الطائفية والاخوان كسبب للبقاء في الحكم.
تهديد واضح
وعلى جانب آخر يرى محللون سياسيون يمنيون أن تصاعد الهجمات من جانب تنظيم القاعدة يعد تهديدًا واضحًا وصريحًا لنظام الرئيس عبد ربه منصور عبد الهادي، وأن أي خطوات لإعادة هيكلة الجيش سوف تقابل بموجات عنف جديدة.
يذكر أن هجمات القاعدة في جنوب اليمن تزايدت بشكل كبير بعد أقل من أسبوع على بدء تنفيذ المبادرة الخليجية وانتخاب عبد ربه منصور عبد الهادى رئيسًا للبلاد خلفًا لسلفه علي عبد الله صالح.