"إن طريق التهريب إلى سوريا أصبحت ممرًا حيويًّا لا لتوصيل الأسلحة للجنود المنشقين فحسب ولكن أيضا لإرسال الدم والأدوية التي تشتد الحاجة إليها" هكذا يقول ناشطون سوريون في لبنان مؤيدون للثورة ضد بشار الأسد.
وفي منزل بإحدى البلدات بشمال لبنان يبحث الناشطون عن أفضل السبل لتوصيل المساعدات إلى مستشفيات ميدانية وأطباء يحتاجون إلى أدوية وأدوات لعلاج الجرحى.
ويقول هؤلاء النشطاء إن المئات قتلوا في حمص خلال حملة قصف استمرت شهرًا لحي بابا عمرو وإن آخرين يلاقون حتفهم لنقص الأدوية والدماء المطلوبة لعلاجهم.
ويقول أحدهم في شمال لبنان: "يعني مثلاً أحيانًا نطلب أدوية فيه ناس هون (هنا) بتتبرع.. مسئوليتها مثلاً إنه تجيب أدوية، بتقولي مختار.. بتقولي مثلاً هون بلبنان فيه ناس عم بتساعد وفيه عم ييجي مساعدات من برة (الخارج)، عرفتي كيف.. نحن شو (ما هي) شغلتنا.. مثلاً بعرف مين الناس الموثوقة جوة (داخل سوريا) لأن الأدوية هاي (هذه) ما بتروح لمين ما كان".
مخاطر
وتحاصر المخاطر طريق التهريب من كل جانب؛ حيث تكمن القوات السورية عبر الحدود لاصطياد الناشطين متسترة بالظلام الذي يلف الجبال المحيطة بالبلدة، كما يضطر الناشطون للالتفاف حول مناطق مزروعة بالألغام وتنتشر فيها نقاط التفتيش، بل ويصاب بعض الناشطين أحيانًا بنيران زملائهم خلال الارتباك الذي يحدث خلال العمليات الليلية.
ويلفت الناشط السوري: "فيه مخابرات وفيه ناس لا تؤاخذيني بها الكلمة حرامية، نحن شغلتنا إنه نقول لهم.. لها الناس مين الشخص الصح وكيف بدها تروح ولمين وأي ساعة وتليفونه، فيه تفاصيل اللي هون ما بيعرفوها أهل المنطقة، اللي هون مثلا لا تؤاخذيني بها الكلمة ما بيعرفوا مين يللي منيح (طيب) ومين العاطل، فيه مخبرين جوة.. وهذا موضوع بيضرنا كثير.. بيضرنا نحن ما بيضرهم لهم، هلق اللبناني ما فيه بيضره قد السوري، اللبناني في دولته بتحميه بالنهاية… بس (لكن) السوري يعني مضرور هون أو هونيك (هناك)".
وظل التهريب بين سوريا ولبنان عملاً مربحًا على مدى سنوات طويلة، لكن الأرباح الخيالية التي يستطيع المهربون المحترفون الحصول عليها خلال الحروب لا تكفي لإقناعهم بالمخاطرة بحياتهم، وأصبحت عملية نقل إمدادات إلى داخل سوريا حاليًّا مقصورة على الناشطين الذين يكتفي المهربون بتقديم المشورة لهم بحسب رويترز.
ويسود الهدوء البلدة اللبنانية خلال النهار لكن أصوات الأعيرة النارية تسمع خلال الليل أثناء لعبة القط والفأر بين القوات السورية والناشطين والجنود المنشقين عبر الحدود.
تبرعات
ويشير الشيخ أبو مليحان اللبناني معروف في البلدة إلى صناديق مليئة بالمضادات الحيوية والإبر الطبية المعقمة وحليب الأطفال المجفف وأكياس جمع الدم من المتبرعين داخل البيت.
وقال أبو مليحان: "هادول (هذه) أكياس دم داخلين لسوريا إذا الله أراد.. لبابا عمرو لمساعدة النازحين ومساعدة الجرحى.. من ناس خيرين.. مو (ليس) من جهة.. أي جهة.. جمعية لأ. بس من ناس خيرين عم يتبرعوا للناس… أنا ما تبرعت ما عندي بشيء بس أنا عليّ التوصيل".
ويقول الناشطون إنهم يتلقون أوامرهم من جماعة الجيش السوري الحر التي تضم مقاتلين معارضين وجنودًا منشقين، وأقر بعض الناشطين في شمال لبنان بتهريب أسلحة أيضًا إلى المنشقين لكنهم يقولون إن الكلام غير المحسوب من شأنه أن يزيد من تدقيق قوات الأمن اللبنانية.
ويقول ناشطون إن السكان المحليين والمهاجرين السوريين يتبرعون لهم بالمال بينما ذكر آخرون أن جماعات إسلامية متشددة ممولة من الخليج تشارك في التبرع.