أصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بيانًا صحفيًا تفصيليًا حول العدوان على غزة، وما تم التوصل إليه بشأن اتفاق حول وقف إطلاق النيران.
وقالت الحركة في بيانٍ لها وصل نسخة منه لـ"رصد": "إن التلاحم الشعبي مع المقاومة وإبداع رجالها ووحدتهم وصمودهم على الأرض ردّ العدوان وأسقط كلّ الرّهانات وغيّر المعادلات وصنع الانتصار على العدو الصهيوني".
وأضاف البيان: "لقد فُرضت هذه الحرب العدوانية الظالمة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزَّة، تحت مرأى ومسمع العالم، وبدأها الاحتلال الصهيوني بالقصف جواً وبحراً وبراً، واستخدم فيها القنابل والأسلحة المحرّمة دولياً على مدار 51 يوماً، واستهدف خلالها المنازل والمدارس والمساجد والأراضي الزراعية والأبراج السكنية، وارتكب المجازر المروّعة ضد المدنيين العزّل، وأباد عائلاتٍ بأكملها، وراح ضحيّتها أكثر من 2100 شهيد، وما يزيد عن 11000 جريح، معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين".
وأشار البيان قائلاً:" إنه في خضم هذا العدوان الغاشم الذي نفَّذه الاحتلال، وتعاونت معه قوى دولية كبرى، عبر الدعم السياسي والتبرير لجرائمه، وأمام تخاذل وتواطؤ أممي وعجز عربي رسميّ؛ في خضم ذلك كلّه، انتصرت المقاومة الفلسطينية وأجنحتها العسكرية وعلى رأسها كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام وسرايا القدس.. واستطاعت بفضل الله أولاً وببسالة رجالها أن تدافع عن الشعب وتردّ هذا العدوان، وتردع الاحتلال، وتثخن في جيشه ليقع نخبة جنوده بين قتيلٍ وجريحٍ وأسيرٍ، وصنعت المقاومة ومن خلفها جماهيرُ شعبنا الفلسطيني في قطاع غزَّة ملاحم الصمود والبطولة والتضحية، وحطّموا من جديد أكذوبة الجيش الذي لا يقهر، وأفشلوا خطط المتآمرين وأحلام المتربصين بالشعب الفلسطيني ومشروعه المقاوم، ليحقّقوا معاً الانتصار في معركة العصف المأكول".
وقالت الحركة في بيانها :" إنَّنا في حركة حماس لنقف اليوم جميعاً وقفة الحمد والشكر لواهب النصر المبين سبحانه وتعالى، فهذا يومُ التواضع لله، ولنُعلي من مقدرات شعبنا الفلسطيني في الصمود والتحدّي والالتفاف حول المقاومة في الداخل والخارج..إننا في حركة حماس إذ نعلن انتصار شعبنا ومقاومته الباسلة، لنذكر بكل الإجلال والتقدير الأرواح الزكية التي صعدت إلى جوار ربها من الأطفال والنساء والرجال والعائلات الذين قدّموا بصبر واحتساب دماءهم الزكية، دفاعاً عن حقهم في الحرية والحياة الكريمة، وفي التحرير والعودة".
وتابعت الحركة في بيانها:" قد أثبتت معركة العصف المأكول أنَّ جماهير شعبنا في غزة والضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 48م والنقب والجليل والشتات جسدٌ واحدٌ، يعيش من أجل قضية واحدة، هي مقاومة المحتل وتحرير الأرض والقدس والمقدسات وتحقيق العودة إلى أرض الوطن".
ومضى البيان قائلاً:" إنَّنا في حركة حماس وفي يوم الانتصار المبين في معركة العصف المأكول، نقف وقفة إجلال وإكبار أمام التضحيات الجسام والبطولات التي أظهرها الشعب الفلسطيني في تلاحمه مع المقاومة".
وأكدت الحركة في بيانها على عدة أمور حول الإتفاق:
أولاً: أن المقاومة الفلسطينية انتصرت عسكرياً قبل أن تنتهي الحرب، يوم أن ظلّت واقفة أمام ترسانة الإرهاب الصهيوني، صامدةً تدافع عن شعبها وتكبّد العدو أفدح الخسائر، وأفشلت العدوان وحطمت أطماعه وأهدافه، واستطاعت إيلام العدو وفاجأته بقدراتها وإبداعاتها وتطور سلاحها وأنفاقها وجرأة رجالها وعملياتهم البطولية خلف خطوط العدو، وانتصرت بفضل الله في هذه الجولة من جولات صراعنا مع المحتل على طريق تحرير أرضنا ومقدساتنا.
ثانياً: أن المقاومة صمدت سياسياً وهي تدافع عن مبادئها وتحمي ثوابت شعبها، وتحقّق مطالبه، وعلى رأسها إنهاء الحصار. وتفوقت المقاومة إعلامياً وهي تفضح جرائم العدو وتنقل بالصوت والصورة إنجازات رجالها المقاومين. كما انتصرت المقاومة أخلاقياً، إذ ركزت حربها على جنود الاحتلال وضباط جيشه، لا كما فعل جيش الاحتلال الجبان باستهدافه المدنيين الأبرياء.
ثالثاً: أن معركة العصف المأكول التي خاضها رجال المقاومة الفلسطينية وأجنحتها العسكرية ثبتت على قلبِ رجلٍ واحدٍ،و أنَّ المقاومة هي خيارُ شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، وأنَّها القادرة على قلب موازين القوّة والرّدع وتغيير قواعد اللعبة السياسية والعسكرية. وفي الوقت نفسه قادرة على جمع شمل شعبنا الفلسطيني وجماهير الأمة وتوحيدها على كلمة واحدة وراية واحدة وتحقيق تطلّعاته في التحرير والعودة. ومسؤوليتنا اليوم أن نبني على هذا الإنجاز ونتحرّك للحفاظ عليه وبناء استراتيجية وطنية نضالية موحّدة قائمة على أساسه.
رابعاً: فشل كلّ حملات التحريض والتشويه الإعلامي الموجّهة ضد المقاومة الفلسطينية وشعبنا في قطاع غزَّة بالفشل الذريع، وأصيب أصحابُها ومموّلوها والقائمون عليها بخيبة أمل عميقة وذهول كبير، وهم يتجرّعون كأس الهزيمة مع المحتل الغاصب، ويجرّون أذيال الخسران بعد أنَّ نجح شعبنا ومقاومته الباسلة في رد العدوان وإفشال أهدافه.
خامساً: إنَّ أرض غزّة الطاهرة كأرض فلسطين المباركة كلّها، كما سقتها دماء الشهداء وضحّى من أجلها الرّجال والنساء والأطفال والشيوخ، ودافعت عنها وعن حِماها المقاومة وردّت عنها كيد العدوان، سنعيد بناءها وبناء ما دمّره الاحتلال بعرقنا ونضالنا. وكما صنعنا معاً النصر في معركة العصف المأكول، سنصنع معاً الانتصار في معركة البناء والإعداد حتَّى التحرير الكامل بإذن الله.
سادساً: أن حركة حماس نثمّن ونقدّر عالياً مواقف الدول العربية والإسلامية والصديقة التي وقفت مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وحملت مطالبهم وضغطت من أجل وقف العدوان الصهيوني وناصرت ودعمت حقوق الشعب الفلسطيني.
ودعت المقاومة، في ختام بيانها، المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى المسارعة في تحريك دعاوى قضائية في المحاكم الجنائية الدولية ضد قادة الاحتلال الصهيوني، الذين ارتكبوا مجازر مروّعة ترتقي إلى جرائم حرب ضد المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن، وأبادت عائلات بأكملها.
كما ثمنت الحركة كلّ الفعاليات التضامنية السياسية والإعلامية والحراك الجماهيري الواسع المؤيّد للشعب الفلسطيني، والرّافض للعدوان الصهيوني على قطاع غزَّة في أقطار العالم العربي والإسلامي ودول العالم كافة.
واختتمت الحركة بيانها قائلةً: "الرّحمة والمغفرة لشهدائنا، والشفاء العاجل لجرحانا، والحريّة لأسرانا، وتحيّة العزّ والفخار لأجنحة المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام..وعهداً على مواصلة درب ذات الشوكة، ننجز الانتصار تلو الانتصار حتّى التحرير والعودة والنصر المبين بإذن الله..وإنَّه لجهاد نصرٌ أو استشهاد".