كلاً منهم كان رقيبًا على عمليات القتل والإبادة والحرق، في ميداني "رابعة" و"النهضة"، فرغم التعتيم الإعلامي، والسياسة التحرية لمعظم القنوات الفضائية، والصحف الداعمة، لم تستطع الكاميرات أن تخفي جريمة قوات أمن الانقلاب، بالرغم من أن ما تم توثيقه لا يتعدى 50% من المشهد الكامل.
ويقول أحد الصحفيين بجريدة الوطن لشبكة "رصد": لقد رأيت بعيني مشاهد الإبادة، والتصفية الجسدية التي تعاملت بها قوات أمن الانقلاب أثناء اقتحام ميدان "رابعة"، ولكن طلبت منا إدارة الجريدة أن نتعامل مع الأمر وكأنه "بؤرة إرهابية تقوم السلطات بالقضاء عليها من أجل مصر".
ويؤكد مصور بجريدة "اليوم السابع"، لشبكة"رصد": "إن الصور أغلبها كانت تدين قوات الداخلية، ووقتها كنت في ميدان النهضة، و تفاجئت فجر عملية الفض أنا وزملائي من نفس الصحيفة باتصالات تنهال علينا، للاستعداد للانتشار حول ميداني "رابعة" و"النهضة"، لبدء تصوير عملية الفض "الاقتحام"، وطلبوا مننا أن نصور محاولات الدفاع من قبل المعتصمين لتظهر الصورة وكأنهم بالفعل "مجموعات إرهابية مسلحة"، دون الإشارة في صور أخرى عن جرائم الداخلية أثناء الفض.
قتل 5 صحفيين في القاهرة.
"حبيبة عبد العزيز" أول الصحفيين الذين سقطوا نتيجة فض الاعتصام، من جريدة "جولف نيوز" الإماراتية، وهي ابنة "أحمد عبد العزيز"، المستشار الإعلامي للرئيس الشرعي "محمد مرسي"، وتوفيت نتيجة إصابتها برصاصة في الرأس.
وقتل "أحمد عبد الجواد"، الصحفي في جريدة "الأخبار"، بإصابة طلق ناري، كما قتل "مصعب الشامي"، ويعمل بشبكة "رصد" الإخبارية، ولقي مصرعه متأثرًا بطلق ناري أيضًا.
ولقي "مايكل دوجلاس"، بريطاني الجنسية (59 سنة)، مصور في قناة "سكاي نيوز"، مصرعه خلال تغطيته أحداث فض اعتصام ميدان "رابعة العدوية"، وأوضح تقرير مستشفى التأمين الصحي في "مدينة نصر"، أنه توفى إثر إصابته بطلق ناري في القلب.
وخلال أحداث العنف التي شهدها "ميدان رمسيس"، يوم الجمعة 16 أغسطس، لقي المخرج "محمد سمير"، من قناة النيل للأخبار مصرعه، بعد أن أطلق عليه رصاص حي، أثناء تغطيته للأحداث في الميدان بالقرب، من قسم الأزبكية حسبما تم الإعلان بوسائل الإعلام.
إصابة عدد من الصحفيين خلال عمليات الفض
أصيب نحو 20 صحفي، خلال أحداث فض اعتصامي "رابعة العدوية"، و"النهضة"، وما تلاهما من اشتباكات، حسبما أعلنت غرفة العمليات بنقابة الصحفيين، والتي تتابع وترصد الأحداث، وتعمل على استقبال البلاغات من الصحافيين الميدانيين.
"علاء القمحاوي"، مصور صحفي في جريدة "المصري اليوم"، والذي أصيب بطلق ناري في القدم أثناء تواجده لتغطية الأحداث بمنطقة "رابعة العدوية"، أثناء فض الاعتصام، كشف عما حدث معه قائلاً: "كنت متواجدًا بمنطقة رابعة العدوية لتغطية الأحداث، وذلك قبل فض الاعتصام بساعات قليلة، وقررت الاستمرار في عملي بعد وصول قوات الأمن، ولم تكن هناك اشتباكات قوية بين الطرفين، إلا انني التقطت عددًا من الصور ثم ابتعدت عن المنطقة لإرسالها إلى الجريدة، ومن ثم قررت العودة مرة أخرى إلى "رابعة العدوية"، ولكن تفاجأت بوجود إشتباكات عنيفة جدًا بين الطرفين، وتم إطلاق النيران بشكل عشوائي، وتحول الميدان إلى ساحة حرب، ولم نجد أي ممر آمن للخروج، ثم أصبت بطلق ناري في قدمي، وقام زملائي بنقلي لإحدى المستشفيات".
وأضاف "القمحاوي": "ما شاهدته في هذا اليوم، يعتبر أسوأ وأصعب يوم في تاريخ مصر، فأنا قمت بتغطية كافة الأحداث، منذ إندلاع ثورة 25 يناير، ويمكنني القول إن ما حدث يوم فض الاعتصام لم تشهده مصر من قبل".
وعن تعامل قوات الشرطة والجيش مع الصحفيين والإعلاميين، يقول "للأسف التعامل سيء للغاية، فرغم أن سياسة جريدة "المصري اليوم"، معارضة لجماعة "الإخوان المسلمين"، إلا أن بعض زملائي تعرضوا لمعاملة سيئة جدًا من قوات الشرطة، والتي قامت بملاحقة بعضهم ومصادرة كاميراتهم لمسح كل الصور التي قاموا بتوثيقها أثناء تغطية الأحداث".
وأشاد "القمحاوي"، بدور نقابة الصحفيين، قائلاً "رغم أنني لست عضوًا في نقابة الصحفيين، إلا أن أعضاء مجلس إدارة النقابة حرصوا على التواصل معي، وتلقيت أكثر من اتصال هاتفي منهم بغرض الاطمئنان على حالتي الصحية، وأعتقد أنه دور أكثر من رائع".
نقابة الصحفيين تطالب بالتحقيق الفوري
من جانبها دعت "نقابة الصحفيين" إلى ضرورة الحفاظ على حياة الزملاء المكلفين بتغطية الأحداث، وتمكنيهم من أداء مهامهم، وطالبت بالتحقيق الفوري في ملابسات استشهاد الزميلة "حبيبة عبد العزيز"، وباقي الزملاء الذين قتلوا بالأحداث، كما دعت النقابة جميع الصحفيين إلى توخي الحذر أثناء تغطيتهم للأحداث، وتدعو من يتعرض منهم لمضايقات أو اعتداءات لإبلاغ النقابة فورًا.
"كارثة بكل المقاييس"، بهذه الكلمات تصف "عبير السعدي"، عضو مجلس نقابة الصحفيين ما تعرض له الصحفيين خلال أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، وهو ما أسفر عن استشهاد 4 صحفيين في يوم واحد، مؤكدةً أن ما حدث لم تشهده الصحافة من قبل.
"للأسف الصحفي أصبح مستهدف من كل الأطراف، رغم أنه لا يقوم سوى بأداء واجبه تجاه مهنته بموضوعية شديدة، إلا أن هناك من يرفض تواجده في موقع الحدث، وأعتقد أن المصور الصحفي هو أول المستهدفين، فأي شخص يحمل كاميرا يتم استهدافه ومحاولة قتله، أو الإستيلاء على كاميرته الخاصة، وكل ما يمكنني قوله أن هناك هجمة شرسة يتعرض لها الإعلام بشكل عام"، تضيف "السعدي".
وتتابع، "النقابة لم تترك المصابين لحظة واحدة، بل تواجدنا معهم حتى قمنا بالإطمئنان على صحتهم وقمت بالدعوة لعقد اجتماع طارئ، من أجل وقف هذه الكارثة التي تهدد عشرات الصحفيين والمصورين، فلن نترك هذه الاعتداءات تمر مرور الكرام، بل سنقوم بفتح تحقيق عاجل وسنطالب بوضع ضوابط تضمن لنا سلامة الصحفيين".