أسدل الستار مساء الأحد الماضي على النسخة التاسعة عشر من بطولة كأس العالم، المقامة في البرازيل، وتوج المنتخب الألماني بطلاً لهذا الكأس.
انتهت المباريات المثيرة بفوز أحد طرفيها خلال 90 دقيقة أو ربما خلال 120 دقيقة، ولم تنته مباريات أخرى في بقاعٍ أكثر سخونة مقامة على ملاعب دموية، التسديدة تطيح بأسرة كاملة، والتصدي ينقذ مدينة بأهلها، لا تحتاج لمجرد بضع دقائق لمعرفة المنتصر، بل تحتاج لشهور وربما لعشرات السنين.
الحرب على غزة
نبدأ هذه المباريات الدموية بآخرها في غزة، ففي يوم 8 يوليو 2014 كانت انطلاقة الحرب على غزة، والتي أطلق عليها جيش الدفاع الإسرائيلي «عملية الجرف الصامد»، ولكن جاء رد الطرف الآخر من خلال كتائب عز الدين القسام بمعركة «العصف المأكول».
وردت أيضًا حركة الجهاد الإسلامي بعملية «البنيان المرصوص» بعد موجة عنف تفجرت مع خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط على أيدي مجموعة مستوطنين في 2 يوليو 2014، وأعقبها احتجاجات واسعة في القدس وداخل عرب 48 وكذلك مناطق الضفة الغربية، واشتدت وتيرتها بعد أن دهس إسرائيلي اثنين من العمال العرب قرب حيفا، وتخلل التصعيد قصف متبادل بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وعلى غرار الحرب النفسية بين الفريقين في كرة القدم، لم تقتصر الحرب الإسرائيلية على غزة على نسف البيوت فوق رؤوس أصحابها، ولا على رد المقاومة الفلسطينية بإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، بل تتبعها مرحلة إضافية في أسلوب القتال تتمثل في الحرب الإعلامية والنفسية بين الجانبين.
وقد وصلت رسائل كتائب القسام والمقاومة إلى معقل الإعلام الإسرائيلي بوسائله المختلفة، ونجحت في التشويش عليه واختراق حسابات إلكترونية لشخصيات سياسية وحكومية وإعلامية، وتحذر تلك الرسائل من ردة فعل المقاومة مما يجري من تصعيد إسرائيلي على غزة.
وفي حرب صواريخ غير متكافئة، وحرب نفسية تتعدد أشكالها، يبقى المشهد الميداني بين الطرفين مرشحًا لمزيد من التصعيد.
مباراة ثلاثية
والمباراة الثانية ثلاثية الأطراف، ما بين قوات بشار الأسد النظامية من جهة، وقوات المعارضة السورية من جهة أخرى، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بـ«داعش» من جهة ثالثة.
ويستمرّ مثلث المعارك بين الأطراف الثلاثة، ولا تزال المعارك بين كتائب المعارضة وداعش في دير الزور شمال البلاد، وسط سيطرة التنظيم على عدد من مناطق المحافظة.
فيما تتواصل الاشتباكات بين قوات المعارضة ونظام الأسد في بلدة المليحة في الغوطة الشرقية لتصل لقرابة المائة يوم، وسط قصف بالمدفعية على بساتين البلدة.
وشنت قوات النظام الأربعاء الماضي، أربع غارات جوية على منطقة عدرا العمالية في ريف دمشق، كما قصفت بالمدفعية سفح الجبل الغربي لمدينة الزبداني في الريف الدمشقي.
وتمكنت كتائب المعارضة منذ حوالي أسبوع من السيطرة على موقع لقوات النظام في بلدة الطيبة بالغوطة الغربية في ريف دمشق، بعد معارك بين الطرفين أسفرت عن مقتل أربعة عناصر من قوات الأسد، وسط قصف استهدف البلدة بالمدفعية وقذائف الهاون، ما أوقع عددًا من الجرحى في صفوف المدنيين.
ولا تزال داعش تحشد للسيطرة على مناطق سورية لتكون موضع مراكز قوى لها، خاصة أماكن حقول النفط، لتكون بمثابة وسيلة لجلب عائد مادي لها بجانب الحقول التي سيطرت عليها في محافظات بالعراق.
طوائف العراق
وفي المباراة الثالثة، نتجه بأنظارنا نحو العراق، فهناك مباراة أخرى شرسة تشارك فيها جميع طوائف المجتمع العراقي، حيث تشهد العراق الآن ثورة شعبية عارمة، ضد نظام المالكي الطائفي، بدأت أحداثها يوم الثلاثاء 10 يونيو 2014م، حيث سيطر الثوار السنة وبعض المقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الموصل (شمال العراق) ثاني أكبر مدن العراق بعد بغداد، ثم توالت الأحداث سراعًًا؛ نتيجة تهاوي جيش المالكي الرافضي وميلشياته، فقد أحكم الثوار سيطرتهم بالكامل على محافظات كبيرة، مثل: محافظة نينوى شمال العراق ومركزها الموصل ومحافظة صلاح الدين ومركزها تكريت شمال غرب بغداد، ومحافظة الأنبار غرب العراق ومركزها الرمادي جنوب غرب الإقليم السني.
وحاليًا هناك مواجهات عنيفة بين ثوار العشائر من أهل السنة وجيش المالكي الرافضي في سامراء وتكريت وديالي، كما دمَّر ثوار العشائر العراقية رتلا عسكريا لجيش نوري المالكي على الجسر الياباني شمال مدينة الفلوجة، كما سيطر الثوار على مدينة تلعفر في محافظة نينوى شمال العراق بعد قتال عنيف مع القوات الحكومية والميليشيات، والهدف المعلن الآن من قبل الثوار هو الوصول إلى بغداد، وهناك أخبار تفيد أن الحزام الدائري حول بغداد (المناطق المحيطة بالعاصمة بغداد) قد أصبح بيد ثوار العشائر، مما جعل العصابات الشيعية المؤيدة للمالكي تقوم بحفر خنادق على طول المداخل الشمالية للعاصمة العراقية بغداد، وتحديدًا عند قضاء التاجي.
وما إن تقدم ثوار العشائر ودخلوا الموصل في عصر يوم العاشر من يونيه 2014م حتى ملأ اسم «داعش» عناوين الأخبار والصحف والمواقع الإلكترونية، وخرج المالكي يستغيث بصديقه الأمريكي محذرًا إياه من الإرهاب الداعشي، وعلى هذه الوتيرة رددت القنوات والصحف الموالية للمالكي وإيران.
مباراة ثنائية
وآخر المباريات الهامة، تلك المقامة على الأراضي اليمنية، ما بين قوات النظام من جهة والحوثيين من جهة أخرى، وقد اشتدت وتيرتها في الأيام الأخيرة، حيث سيطر المتمردين الشيعة على مدينة عمران، شمال العاصمة اليمنية، بعد معارك طاحنة مع القوات الحكومية.
وقال مسؤول محلي، إن «عمران أصبحت تحت سيطرة الحوثيين» وكان الحوثيون صعدوا هجماتهم منذ مطلع مارس الماضي ضد مواقع الجيش في عمران ومحيطها، ويبدو أنهم يسعون إلى توسيع مناطق نفوذهم في إطار الدولة الفدرالية المنوي تشكيلها والتي يفترض أن تضم ست محافظات.
وينتشر الحوثيون بقوة في محافظة صعدة وكانوا سيطروا في مطلع فبراير الماضي على بلدات عدة في محافظة عمران وتمكنوا من طرد آل الأحمر منها.
من جهة أخرى جاء رد فعل النظام اليمني بشكل شديد اللهجة، حيث شن الطيران الحربي ثلاث غارات استهدف فيها مقر الأمن المركزي وإدارة أمن المرور في محافظة عمران شمال اليمن التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله الحوثية، مؤكدًا أن الطيران الحربي سيواصل هجماته لحين عودة المدينة لسيطرة النظام.