شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

محلل لـ«ميدل إيست آي»: روسيا المستفيد الأول من بقاء الخليج مقسما

نوع من أسلحة ليزر روسية على غرار الاتحاد السوفيتي

يسعى السعوديون والقطريون والأتراك حاليًا إلى شراء منظومة الصواريخ الروسية الجديدة «إس 400»، وأيضًا  يحاولون إفساد الصفقة على منافسيهم، كما فعل الملك سلمان وطلب من الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» التدخل لوقف الصفقة بين روسيا وقطر؛ ومن المتوقع ألا تستجيب موسكو.

ويذكر الخبراء العسكريون أنّ نظام صاروخ «أرض جو سوخوي 400» الروسي الصنع أكثر دقة وقدرة، حتى إنهم أطلقوا عليه «حرب النجوم أو الكواكب». وتستوعب منظومة الصواريخ الجديدة، من الصواريخ الباليستية إلى الطائرات الشراعية والمركبات الجوية غير المأهولة، مدى يصل لأكثر من 400 كيلومتر؛ وبمقارنته مع أنظمة باتريوت الأميركية فقدرة المنظومة الروسية أعلى بمراحل.

وليس مستغربًا أن يجد الروس مشترين جاهزين للمنظومة «سوخوي 400»، بينهم تركيا التي وقّعت على صفقة بقيمة 25 مليار دولار؛ ما أثار استياء أميركا، خاصة وأنّ تركيا عضو أساسي في حلف الناتو، ووصول السلاح الروسي إليها أغضب السياسيين الأميركيين؛ لدرجة أنّ مجلس الشيوخ يدرس حاليا إلغاء صفقة «مائة طائرة إف 35» ردًا على خطوتها، إضافة إلى التلويح بفرض العقوبات الاقتصادية.

هذا ما يراه المحلل المختص في شؤون الشرق الأوسط «بيل لو» في تحليله بصحيفة «ميدل إيست آي» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّ تركيا لا تبدو قلقة من أيّ تهديد أميركي؛ فإذا افترضنا أنها اشترت المنظومة الروسية، فالأمر لن يؤثّر على نهجها، كما لن تقبل أيّ تهديدات من هذا القبيل. وقال وزير الخارجية التركي «ميفلوت كافوس أوغلو» إنّ بلده لم تتوسل إلى أميركا، والصفقة الروسية أوشكت على الاكتمال.

وهناك دول أخرى في الشرق الأوسط تنوي شراء المنظومة، مثل مصر والعراق وسوريا؛ لأنّ الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات في سوريا مثّلت أرض اختبار للمنظومة الجديدة، وهو ما استفادت منه روسيا بالفعل. ومن بين الآخرين المعجبين بالمنظومة «السعودية»، التي لا يستبعد حصولها عليها بسبب توتراتها المتصاعدة مع إيران.

ففي أكتوبر الماضي، وأثناء زيارة الملك السعودي سلمان إلى موسكو، وقّع على مذكرة تفاهم مبدئية لشراء أسلحة، بما فيها منظومة إس 400، بجانب الحصول على التكنولوجيا التي تمكّنها من صناعة الأسلحة الخاصة بها؛ ما يمثّل عاملًا أساسيًا في الاقتصاد السعودي وروؤية 2030 بقيادة نجله الأمير محمد.

وحتى الآن، لم يعلّق الأميركيون على خطوة السعودية؛ ومن المحتمل أن يكون صمتهم بسبب توقيع المملكة صفقة ضخمة معهم في مايو 2017، التي وصلت إلى 350 مليار دولار على عشر سنوات.

العداء بين السعودية وقطر

وفي الوقت الذي اعتبرت فيه روسيا بعيدة عن بيع المنظومة الجديدة، سلّط القطريون أعينهم عليها؛ ففي أواخر يناير الماضي عبّر السفير القطري «فهد بن محمد العطية» في موسكو أنّ دولته في طريقها لوضع اللمسات الأخيرة لشراء منظومة الصواريخ، والمحادثات في هذا الموضوع وصلت إلى مراحل متقدمة بالفعل.

الأمر الذي سبّب غضبًا للسعوديين، المتورطين مع قطر في نزاع طويل مضى عليه أكثر من عام؛ ففي يونيو من العام الماضي قطعت المملكة ودول عربية العلاقات مع قطر وفرضوا عليها حصارًا اقتصاديًا مطالبين إياها بمجموعة من المطالب، واعتبرتها الدوحة تعديًا على سيادتها.

وفي هذه الأزمة، أثبت القطريون قدرتهم على الثبات والتحدي وإبداء قدر كبير من المرونة؛ خاصة في حروب العلاقات العامة التي دارت رحاها بين الطرفين، فإذا حكمنا بينهم نجد أن القطريين انتصروا على السعوديين والإماراتيين في هذا الجانب.

ففي 1 يونيو، ذكرت صحيفة «لوموند الفرنسية» اليومية أنها اطلعت على رسالة بعث بها الملك سلمان إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطالبًا دعمه للضغط على روسيا لوقف صفقة بيع منظومة الصواريخ لقطر، معربًا عن قلق عميق، وحملت الرسالة تهديدًا بإطلاق عمل عسكري ضد الإمارة الصغرى.

من جانبهم، أكّد القطريون أنهم مستمرون في الصفقة، إضافة إلى صفقة أخرى مع أميركا، أعلن عنها في مارس الماضي، وقيمتها نحو مائتي مليون دولار.

الصمت الدبلوماسي

من جانبه، وصف وزير الخارجية القطري «محمد بن عبدالرحمن آل ثاني» المحاولات السعودية لوقف الصفقة بالهجوم على سيادة بلده، التي لا تهدد سيادة السعودية، وستتعامل مع الأمر بالطريقة نفسها التي عالجت بها الحصار غير القانوني، وستبحث عن طرق لضمان وقف تكرار الوضع.

لكن، على كلٍ، لا يبدو أنّ ماكرون يتحرك بشكل واضح في هذا الملف تحديدًا؛ إذ قابلت فرنسا وبريطانيا وأميركا أفعال السعودية وقطر بالصمت الدبلوماسي، ومجهولٌ ما إذا كان أحد سيضغط على الروس فعلا أم لا.

ومن ناحية أخرى، إذا هدد السعوديون بوقف صفقتهم مع روسيا لسبب صفقتها مع قطر فموسكو بالتأكيد لن تقبل بذلك؛ خاصة وأنهم يعرفون جيدا أن السعوديين في حاجة للمنظومة الجديدة بسبب التهديد الإيراني.

أيضًا، إتمام بيع الأسلحة للقطريين ليس جيدًا للروس وحسب، بل يسمح لهم أيضًا بالتدخل في السياسات المتضاربة في الخليج، وإبقاء الخلافات قائمة بين دول الخليج يعطي بوتين مساحة للمناورة، ويعطي الإيرانيين مزيدا من النفوذ؛ وتعتبر إيران وروسيا المستفيدين الوحيدين من الأزمة الخليجية حتى الآن.

كما تمكّن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من إنقاذ بشار الأسد من هزيمة عسكرية محققة، وفي الوقت نفسه لم تقف أمام طموحات إيران في سوريا، وأيضًا باعت الخليج أسلحة بمليارات الدولارات؛ ما عزز من وجودها بشكل كبير في المنطقة. ومن الذكاء إبقاء الأوضاع كما هي عليه؛ حتى يستطيعوا بيع منظومة «إس 400» الجديدة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023