شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«وول ستريت جورنال»: هكذا خرّب عبدالفتاح السيسي اقتصاد مصر

السيسي ومهاب مميش رئيس هيئة قناه السويس

قالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، في تقرير لها، إنّ الجيش المصري استطاع في سنوات قليلة تخريب الاقتصاد المحلي؛ بعد أن ضيّقت السلطات الخناق على المعارضين، كما سيطر على أكثر من 90% من الاقتصاد، وأسند عبدالفتاح السيسي إلى القوات المسلحة مهمة التعافي الاقتصادي؛ لكن حدث تدهور اقتصادي إلى أشدّ مستوياته.

وأعلنت حكومة السيسي قبل ثلاث سنوات نيتها بناء «عاصمة إدارية جديدة» في الصحراء الشرقية، وستنتهي منها بحلول عام 2022. وحتى الآن، المشروع متأخر عن موعده المحدد، وتسيطر القوات المسلحة على معظمه. وقال المتحدّث باسم العاصمة الإدارية «خالد الحسيني» إنّ «واحدة من المراحل الثلاث قيد الإنشاء حاليًا، ولأكون صادقًا، لم نخطط سوى للمرحلة الأولى فقط».

وفاز السيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية بنسبة 97%، في منافسة صورية لم يواجهه فيها أحد؛ ما يكشف أنّه مثال للديكتاتوريات التي بدأت استعادة نشاطها بقوة بعد ثورات الربيع العربي. كما يعكس صورة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، الذي انتهى حكمه بعد ثلاثة عقود بسبب ثورة 25 يناير 2011؛ والاثنان اعتمدا على الدولة البوليسية لترسيخ سلطتهما وإسناد الاقتصاد إلى الجيش، بينما يشكو رجال أعمال من مزاحمة القوات المسلحة لهم في كل شي؛ ما أدّى إلى تهميش المشاريع الخاصة وألحق ضررًا بالاقتصاد.

الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك

وقال الملياردير البارز «نجيب ساويرس» إنّ خططًا تجارية أُحبطت بسبب تدخلات الدولة؛ فلا يمكن لأيّ رجل أعمال أن يأمن على مشاريعه.

الشتاء العربي

ويعتبر أداء مصر أفضل من نظيراتها في الدول العربية. وبالرغم من ذلك، يعاني مواطنوها بشدة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات البطالة، بينما ينمو الاقتصاد بمعدلات متواضعة، تبلغ نحو 4.5% وفقًا للبنك المركزي. وتراجعت مستويات المعيشة للغالبية العظمى من المصريين بقوة، مقابل ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ فنشأت المظالم التي أدّت إلى اندلاع ثورة يناير 2011.

وظهرت آثار التضخم الصعبة على الاقتصاد المصري في الأشهر الأخيرة. أيضًا، تعاني إيران مما شهدته بتظاهرات شعبية في ديسمبر ويناير الماضيين بسبب الإحباط الاقتصادي؛ وخلّفت 30 قتيلًا على الأقل. وفي تونس، أدى تخفيض الميزانية واتباع برامج تقشفية إلى اندلاع التظاهرات والاشتباكات مع قوات الأمن في عشر مدن، تزامنت مع ذكرى الإطاحة بزين العابدين بن علي. وفي الأردن، حدثت اعتصامات واحتجاجات في يناير؛ ردّ فعل على ارتفاع أسعار الخبز.

بينما تتخذ الدول الخليجية من مصر جدارًا ناريًا ضد تكرار أحداث «الفوضى الشعبية»، وأكّد ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» من قبل أنه دعا الله ألا تنهار مصر.

محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وعبدالفتاح السيسي- أرشيفية

وتولّى السيسي السلطة في أعقاب انقلاب عسكري على الرئيس محمد مرسي في 2013، وبعده قادت قوات الأمن حملات قمع ضد مؤيديه وضد المعارضين بصفة عامة، وفضّت اعتصامي رابعة والنهضة وقتلت فيه ألف مواطن، وفقًا لجماعات حقوقية.

وعد السيسي المصريين بالاستقرار والازدهار، ناسبًا الفضل إلى نفسه في توجيه مصر بعيدًا عن الاضطرابات والحروب التي اجتاحت الدول العربية في سوريا وليبيا واليمن، وتمتّع بشعبية لبعض الوقت؛ لدرجة أنّ صوره طبعت على ألواح شيكولاتة وملابس النساء الداخلية.

لكنّ شعبيته تراجعت كثيرًا في السنوات الأخيرة؛ بعد أن فشل في مواجهة الإرهاب وإحداث التعافي الاقتصادي، حتى إنّ الاستياء ظهر داخل المؤسسة العسكرية نفسها التي جلبته إلى كرسي السلطة. ومنذ ديسمبر الماضي، شرعت الحكومة في تهميش المعارضين وحبسهم؛ من بينهم ثلاثة ضباط كانوا تابعين للقوات المسلحة.

وبالرغم من حبه للجيش ووقوفه دومًا خلف العسكريين، فمرشّحوها للرئاسة لم يسلموا من غضبه؛ وحاولت الصحيفة الاتصال بمكتب السيسي للتعليق، لكن دون رد.

ويقول المحللون إنّ السيسي يرى في نفسه حاكمًا قويًا، وهنّأ فلاديمير بوتين بعد فوزه في الانتخابات، كما أشاد بالرئيس الصيني الذي أصبح الحاكم الفعلي لبلده مدى الحياة.

ولعقود، أدّى الجيش المصري دورًا حيويًا في الاقتصاد؛ إذ ساعدت المشاريع التجارية للقوات المسلحة في تعويض التخفيضات في الميزانية التي فرضها مبارك في السنوات التالية لمعاهدة كامب ديفيد عام 1987، وبحلول نهاية حكمه، امتلك الجيش محلات سوبر ماركت وفنادق ومصانع، إضافة إلى الأسلحة، واستغل إعفاءها من الضرائب والعمالة الرخيصة من المجندين في إرساء وضعه الاقتصادي.

وزير الدفاع الذي عيّنه السيسي وقادة جيش آخرون يفتتحون مشروعا

وفي عهد السيسي، يواصل الجيش تحقيق امتيازات جديدة، إضافة إلى قوته الاقتصادية. ولا تكشف الشركات التابعة للجيش عن أرباحها ولا تعلن عن تفاصيل ميزانية القوات المسلحة، ومن الصعب -بل ومن المستحيل- محاسبة أيّ من أعضائها رقابيًا؛ خاصة بعد أن زج برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات «المستشار هشام جنينة» في السجن لأنّه انضم إلى حملة المرشح العسكري «سامي عنان».

لا ثقة في القطاع الخاص

وفي مقابلة مع قناة تلفزيونية تابعة للدولة في مارس، قال السيسي إنّ «الجيش لا يسيطر إلا على 2 أو 3% من الاقتصاد؛ ولو كانوا 50% سأفتخر، فالقوات المسلحة جزء من الحكومة».

ويعتقد الخبراء أنّ الحجم الحقيقي للدور الاقتصادي للجيش أعلى بكثير من الرقم المعلن رسميًا؛ استنادًا إلى ملاحظات المؤسسات التي يقودها الجيش. وقال «آندرو ميلر»، المسؤول السابق عن ملف مصر في مجلس الأمن القومي الأميركي، إنّ الجيش لا يثق في القطاع الخاص ولا يثق في رجال الأعمال.

عندما جاء السيسي إلى السلطة، استعان بالجيش للمساعدة في إصلاح الاقتصاد المتعثر؛ فكلّف «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة» بتوسعة قناة السويس. وبمباركة السيسي، سرعان ما سيطر الجيش أيضًا على الشركات المدنية؛ فألغت الحكومة خطة مدنية بتفريغ الأراضي على طول القناة لبناء منطقة صناعية ومنطقة ميناء. 

وقال أحمد درويش، الرئيس السابق لمنطقة قناة السويس الاقتصادية، إنه بدلًا من ذلك، مُنح الجيش عقدين؛ لكن لم يُنجز أيّ شيء من المشروع حتى الآن. وبعدها، أطاح مهاب مميش، القائد العسكري الذي يرأس أيضًا هيئة قناة السويس، بأحمد درويش من منصبه. فيما غادر مسؤولون مدنيون مهتمون بالأعمال التجارية مع حكومة السيسي على مدار السنوات القليلة الماضية؛ ما جعل القوات المسلحة أكثر هيمنة.

إصبع في كل فطيرة

ويمارس الجيش نفوذه عبر شبكاته من الضباط الحاليين والسابقين، المنتشرين على كراسي مجالس إدارة الشركات ويملكون حصصًا إضافية في شركات خاصة؛ ما جعل طبقة العسكريين تتحكم في الأرباح وتحقيقها حتى في الشركات التي لا تمتلكها بشكل مباشر.

وقالت «شانا مارشال»، الخبيرة في الاقتصاد السياسي المصري بجامعة جورج واشنطن، إنّ الجيش لديه إصبع في كل فطيرة.

واستحوذ المسؤولون العسكريون والأمنيون على ما لا يقل عن ثلاث قنوات تلفزيونية خاصة في العامين الماضيين؛ فتولّى متحدث عسكري سابق مسؤولية قناة «العاصمة» في يناير 2017، واستولت شركةٌ أمنيّةٌ يرأسها مسؤول استخباراتي عسكري سابق على قناة «الحياة» في منتصف عام 2017.

وأكّد نجيب ساويرس، المالك السابق لشبكة OnTV، أنّ الحكومة طلبت منه فصل ثلاثة على الأقل من المراسلين الإخباريين، وعندما رفض استولى رجلُ أعمال موالٍ للحكومة على شبكته، قبل بيع أسهمها لشركة مملوكة للمخابرات المصرية في 2017.

وفي سنوات سلطة السيسي، شرعت الحكومة في تغييرات تنظيمية تسهّل للقوات المسلحة ممارسة أعمال تجارية؛ فوسّعت قدرته على تنفيذ صفقات عقارية والدخول أيضًا في مجال الأدوية، فأثناء أزمة نقص في السلع الأساسية، مثل السكر في 2016؛ بدأ الجيش العمل بالمواد الغذائية المدعومة، كما زوّد الصيدليات بحليب أطفال؛ ووصفت هذه الخطوة بأنها انتصار على القطاع الخاص. 

وقال المتحدث العسكري في بيان مكتوب في سبتمبر 2016: وجهت القوات المسلحة ضربة ضد الاحتكار الجشع للتجار والشركات العاملة في مجال صناعة الألبان.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023