شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

خبير روسي لـ«ميدل إيست آي»: هجوم سوريا «درس في العلاقة بين أميركا وروسيا»

ترامب وبوتين

تساءل الجميع الأسبوع الماضي عمّا إذا كان التصعيد الأخير بين أميركا وروسيا سيضع العالم على حافة الحرب العالمية الثالثة، وبينما يصف البعض هذا السيناريو بأنه مبالغ فيه؛ فالحقيقة المؤكدة والأكثر إزعاجًا أنّ العالم بات أقل أمانًا وأكثر تقلّبًا.

ففي روسيا، توصّل الخبراء والمراقبون، وحتى الأشخاص العاديون، إلى أنّ المواجهة العسكرية المحتملة بين البلدين من الممكن أن تدمّر البشرية بأكلمها. وكتب روسي على وسائل التواصل الاجتماعي: «دعونا لا نبدأ الحرب العالمية الثالثة في سوريا»، وذكر آخر أنّ «بشار لا يستحق أن نخوض حربا عالمية ثالثة لأجله».

وحتى ممثلو القيادة الروسية الذين علقوا على التصعيد الأخير بين البلدين أكّدوا أن الانخراط في عمل عسكري مباشر مع أميركا سيؤدي إلى عواقب وخيمة وحالة إخفاق. ومن الواضح أنّ البلدين يدركان مخاطر الحرب جيدًا؛ ولذا، وبالرغم من الخطاب المعادي المتبادل، يظلان ملتزمان بتجنّب المواجهة المباشرة.

هذا ما يراه أليكسي خليبنيكوف» الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس الشؤون الدولية الروسي، في مقاله بصحيفة «ميدل إيست آي» وترجمته «شبكة رصد». مضيفًا أنّ الجولة الأخيرة من التصعيد بين الدولتين مختلفة تمامًا عن سابقتها في أبريل 2017، حينما أطلقت أميركا 59 صاروخًا من طراز توماهوك على قاعدة شيرات الجوية السورية؛ ردًا على الهجوم الكيميائي على خان شيخون. أمّا ضربات هذا الشهر فكانت 105 صواريخ، وانضمت لأميركا فيها بريطانيا وفرنسا.

بالإضافة إلى ذلك، تزعم روسيا وسوريا أنّهما تمكنتا من اعتراض صواريخ هذه المرة؛ وهذا الأمر مختلف عن العام الماضي، فلم تخرج تصريحات رسمية منهما باعتراض أيّ صواريخ. والاختلاف الجوهري الآخر أنّ أميركا لم تتهم النظام السوري فقط باستخدام الأسلحة الكيميائية؛ بل اتهمت روسيا أيضًا؛ ما أثار التوترات.

وكانت النقطة الأساسية في هجوم هذا الشهر أنّ الثلاث دول «بريطانيا وأميركا وفرنسا» وفّوا بوعودهم التي قطعوها لجماهيرهم المحلية، بإصرارهم على تنفيذ الضربات؛ بالرغم من أنّ الحكومة السورية نجت بطريقة ما منها، ولم تسفر عن خسائر بشرية؛ وأحدثت فقط ضررًا بسيطًا ببنى تحتية. وأكّدت وزارة الدفاع الروسية أنّ منظومة الدفاع السورية اعترضت ثلثي هذه الصواريخ، ولا تزال معدات روسيا وأفرادها على حالهما كما هما في سوريا؛ ما يعني أنّه لا داعي للرد على الضربات.

وأظهرت الضربات أيضًا قدرة كبرى قوتين «أميركا وروسيا» على الانخراط بجدوى في المناقشات وأمور التوافق. وبالرغم من أنّ البنتاجون نفى إبلاغ الروس بإحداثيات الضربات؛ فوزارة الدفاع الفرنسية أكّدت أنها تأكدت من تحذير الروس في وقت مبكر. وحقيقة اندثار إصابات بين المدنيين تدعم الحجة القائلة بأنّ موسكو أُبلغت بالضربات قبلها.

موقف أنقرة المتغير

وفسّر خبراء دعم تركيا للضربات الثلاثية بأنّه خروج عن الشراكة بينها وروسيا؛ ما أثار تساؤلات عن مدى اتّساق سياسة تركيا في سوريا. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّ الضربات الثلاثية فصلت الروس والأتراك عن القضية؛ إذ أدانت تركيا الهجوم الكيميائي ثم دعمت الضربات الصاروخية.

وبالفعل لا تتسق تركيا مع سياساتها تجاه سوريا؛ وهذا منذ مدة طويلة؛ فتغيير نهجها تجاه الصراع والرئيس بشار الأسد مرات يكشف أنّ أردوغان يستخدم التصعيد والضربات لأغراضه الخاصة.

ودعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضربات حلف الناتو، مؤكدًا أنّ الباب ما زال مفتوحًا لتحسين العلاقات بينه وأميركا. ومن ناحية أخرى، لم تلم تركيا روسيا على الهجوم الكيميائي المزعوم على دوما كما فعلت أميركا. وتؤدي تركيا دورًا آمنًا على الجبهتين، وصاغ أردوغان سياسته تجاه سوريا بطريقة دقيقة للغاية؛ قائلا إن تركيا لا تؤيد أيّ شخص في المسألة السورية أو تعارضه.

دروس مستفادة

بالرغم من خلافات تركية بشأن سوريا وروسيا، يدرك أردوغان جيدًا أنّه بحاجة إلى روسيا في سوريا لتحقيق هدفها المتمثل في منع إقامة دولة كردية ذات حكم مستقل. والعلاقات الثنائية بين البلدين قوية جدًا بحيث لا يمكن أن تتضرر من هذا الحادث.

كما نفى وزير الخارجية التركي «أحمد أوغلو» تصريحات ماكرون بـ«الانفصال» بين روسيا وتركيا؛ قائلًا إنّ العلاقات بينهما قوية للغاية بحيث لا يمكن كسرها.

باختصار، أظهر التصعيد الأخير في سوريا أنّ الأطراف المعنية ستواصل اختبار أعصاب بعضها بعضًا، مع سعيها في الوقت نفسه للتوصّل إلى حل وسط. وأثناء مساعيهم للحفاظ على مصالحهم، يساهمون في إحداث أوضاع لا يمكن التنبؤ بها، إلى جانب المخاطر المستمرة لتصعيد متواصل.

وعلى الجانب المشرق، أظهرت الجولة الأخيرة من التصعيد أنّ أميركا وروسيا تحافظان على قنوات اتصال فعالة، تسمح لهما بتجنب سوء الفهم أو وقوع حوادث من شأنها تصعيد عشوائي؛ ونأمل في النهاية أن يتعلم المشاركون في الصراع الدروس من هذه الجولة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023